أدب الرثاء

-1-
تتسم معظم التجارب الشعرية في باب الرثاء بالنجاح .. ومرد ذلك الى ان الرثاء لا يكون باصطناع الحزن وافتعال الألم ، وانما يكون نتيجة لوعة متأججة وشعور عميق بالحزن .
وهذا ما يموّن القوافي برصيد هائل من القوة والابداع ..
-2-
ويزخر الادب العربي بروائع المراثي للآباء والأمهات والابناء والازواج ولا يقف عند الأقرباء فحسّب، بل يمتد ليشمل القادة والعلماء وأصحاب البراعة في كل الميادين،فضلاً عن ذوي الحس الانساني ورجالالعطاء والنفع العام والخدمة الاجتماعية .
-3 –
وقد تتضمن رسائل التعزية والمواساة التي يبعث بها فرسان الأدب الى من يواسونهم،حزمة من الأبيات الشعرية المؤثرة، تكشف عن عمق تفاعلهم مع من يواسونهم في مصابهم ويشاركونهم في الألم .
والصديق يحزن لاحزان صديقه ويتفاعل معها .
قال الشريف الرضي :
ما أخطأتك النائباتُ
اذا اصابتْ مَنْ تُحبُّ
-4-
وقد فجعتُ ” بأوسط اخوتي ” قبل أيام ( في 10 /11 /2020) تحديداً ، وقد هدّني هذا المصاب وأوجعني للغاية ، فقد كان الراحل العزيز الاخ السيد حسيب الصدر من عيون الرجال طهراً وسلامة طوية ، كما انه كان مثالاً للنزاهة والاخلاص والاستقامة والخلق الكريم ، الامر الذي جعل الفاجعة به عظيمة ،
وعند الله نحتسب “الحسيب”
وفي غمرة المصاب تلقينا سيلاً من رسائل التعزية والمواساة ولم يخل بعضها من الشعر .
-5-
ونحن نشير في هذه المقالة الوجيزة الى شيء مما وصلنا من الشعر، ونكتفي ببعض الشواهد :
اليكم ما كتبه صديقنا الدكتور ابراهيم العاتي ، وهو من ألمع الاساتذة الاكاديميين فضلاً ،ومن أبرعهم فكراً وادبا، ومن أرهفهم حساً
كتب – حفظه الله يقول :
سماحة العلامة السيد حسين السيد محمدهادي الصدر دام حفظه
حينما سمعت بالخبر المحزن، ألا هو رحيلشقيقكم المغفور له الاستاذ السيد حسيبالصدر رحمه الله، كتبت تعزية في الفيسبوكواخرى في الواتساب، ولكن كان لابد منأبيات من الشعر أواسيكم بها واعزيكمبالمصاب الجلل، غير أنَّ القريحة لم تطاوعنيبسهولة، ربما لعظم المصاب، فكان هذاالتأخير الخارج عن ارادتي، والتمس له العذرايضا.
ماذا طوت ايدي المنون؟(*)
ما كنت أحسب أن يكون مصيبا
خبرٌ سيفجع في أســــاه قلوبا
خبرٌ أحال الصــبح ليلاً حالكاً
وأدار بازغة الشــروق غروبا
فلقد طوت أيدي المنــون لنا فتى
من (هاشمٍ) في الخيّرين (حسيبا)
يارب فاشملهُ بواسع رحمـــةٍ
وارزقه من غرف الجنان نصيبا
وإلى (الحسين) عزاؤنا ودعاؤنا
أن لا يريه مكارهاَ وخطــوبا
يمضي الزمان وتنقضي آناته
ويظل ســـرّ زماننا محجــوبا
*
د. إبراهيم العاتي
13/11/ 2020
(*) الى روح الفقيد الاستاذ السيد حسيب السيد محمد هادي الصدر، طاب ثراهما.
وبعث سماحة الاخ الخطيب الناهض والأديب المفضال الشاعر اللمّاح الشيخ ماجد الصيمري حفظه الله بقصيدته يقول :
كانوا هنا واليوم غابوا
أخفاهُمُ عنكَ التُّرابُ
قد كانَ ملء العين مَنْ
قد غالَ طَلَعَتَهُ الغيابُ
إنَّ الديارَ وقد نأى
صحراءُ مقفرةٌ يبابُ
صبراً جميلاً لا يُشابُ
صبراً وإنْ جلَّ المصابُ
يابن الذينَ بمدحهم
أتت الروايةُ والكتابُ
العاكفينَ على المكارم
طابَ ذكرُهُمً وطابوا
والصابرين على المكاره
كلُّ صبرهُمُ احتسابُ
صبراً على فقدِ الحسيب
أخاً تُزانُ به الرِّحابُ
ورفيقَ عُمرٍ في ربى
بغدادَ ترعاهُ القِبابُ
كم ذا نودِّعُ صالح ال
إخوانِ يخدعُنا السرابُ
وإذا بنا رهن الجنادل
فالعقابُ أو الثوابُ
ياربِّ رفقاً بالحسيب
إذا تكأّده الحسابُ ..
كما بعث الأخ المعظم الخطيب اللامع السيد داخل السيد حسن –حفظه الله- صاحب موسوعة خطباء المنبر الحسيني – ببيتيْن ثم ألحقهما برباعية فقال :
هزني ما قد أصابَكْ
جبر اللهُ مصابَكْ
ايها الصدرُ عزاءً
أجزلَ اللهُ ثوابَكْ
ياموتُ حسبكَ واختتم بحسيبِ
فلقد اصبت به أعزَّ حبيبِ
ونعاه حزنا بالدموع شقيقه:
(قد هُدّ ركني يا اخي وحبيبي)
ياايها الصدر المعظّم قدرهُ
لم تُثنِ عزمَكَ فادحاتُ خطوبِ
الصبر منهاجُ الحسين وآله
لله صبرُ فؤادِك المكروبِ
ومما قلتُه في رثاء أخي الراحل العزيز السيد حسيب الصدر:
رآني مَزّهوّاً بحُسنِ صفاتِهِ
فباغَتَنِي لكنْ بخطفِ حياتِهِ
وما حالُ مَنْ أودى أخوهُ ولوّنتْ
غيومُ الأسى الدكناءُ كلَّ جهاتِهِ ؟
تلعلعُ نيرانُ الشجى بِحُشاشتي
ويذكو اللظى في لَيْلِهِ وغَدَاتِهِ
)حسيبُ ) كسرتَ الظهر فارتاع والِهٌ
ولم يَبْقَ الاّ

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة