بحدود مليوني نازح داخلي عراقي ، على الارجح انهم سيواجهون شتاءا قاسيا ، بعد ان كان صيفنا الملتهب في هذا العام الاسود “رحمة ” عليهم ، وباعتراف الجميع من مؤسسات حكومية الى منظمات مجتمع مدني الى منظمات دولية، انهم لم يستطيعوا ، ان يوفروا الحدود الدنيا لاحتياجات النازحين ، وانهم عانوا من نقص في التمويل وارباكات في العمل الاداري التنظيمي ، فضلا عن شبهات بفساد مالي تحدث عنها الكثير من النازحين عبر اللقاءات الشخصية وتحقيقات الفضائيات، وقد استمعت الى الكثير من هذه الشكاوى بزيارتي لاكثر من مخيم للنازحين ، وهم “عزيز قوم ذل ” بسبب اخطاء واستراتيجيات العملية السياسية برمتها ..
وبما ان اصلاح اصل الخطأ غير متوفر الاسس الآن برغم كل الشعارات، فان الممكن هو التهيؤ لفصل شتاء سيواجه النازحين بلا رحمة ، وهم يلتحفون خيما بائسة ويعانون نقصا في الدواء ، بل وحتى الماء، فضلا عن الظروف الصحية الاكثر بؤسا ..
لا نريد ان يأتي الشتاء عليهم، لنسمع الاسطوانة المشروخة نفسها، عن نقص في التمويل ومشكلات ادارية وقرارات مطاطة زمنية وبيروقراطية قاتلة في التعامل مع مأساتهم واجتماعات برلمانية ولجان تنتهي مهمتها مع انتهاء الاجتماع المترف. بالشاي والقهوة والفواكه الطازجة..!!
لانريد ان يتفرج العراقيون النازحون واطفالهم على مياه الامطار وهي تغرق خيمهم ولا امهات يحملن اطفالهن سعيا وراء دواء لامراض الشتاء التي تنتشر بين الاطفال كالنار في الهشيم في ظروف حياة المخيمات الشديدة البؤس ..
يتوجب التحضير من الآن ، لاننا نعرف عمل مؤسساتنا ، التي عادة ماتعمل تحت ضغط الطواريء، من دون تخطيط أو استراتيجات لاحتواء الازمات او التربص بها قبل حدوثها ، ولنا في ذلك ادلة لاتحصى، ليس اقلها ان طلابنا لايتسلمون كتبهم الدراسية الا بعد منتصف العام الدراسي، مع انه عام معروفة توقيتاته الزمنية ، ومعروفة اعداد الطلبة ، كما ان مشكلاته معروفة بل ومكررة ..
صورة على سبيل المثال لا الحصر ، في الغالب الاعم ، من دون تشاؤم مسبق، نستطيع القول ان النازحين سيواجهون شتاءا قاسيا ، لان دلائل العمل الحالي تشير الى ما ننبه اليه الآن سيحصل..
لابد من النظر الى قضية النازحين بوصفها جزءا من الحرب على الارهاب حتى يستطيع هؤلاء المنكوبون من العودة الى ديارهم الخربة الآن، لنواجه مشكلة الاعمار واعادة تأهيلهم اجتماعيا لاحقا..
لم نلمس حتى الآن اي استعداد للشتاء المقبل لا على المستوى الحكومي ولا المدني ولا المنظمات الدولية، ومع الاسف ان الحديث يجري عن توطين وبناء مساكن كما لو ان مشكلة النزوح وتبعاتها ستبقى ابدية !!
الاحزاب والكتل السياسية والنواب الذين كانوا في زمن الحملات الانتخابية كرماء بلا حدود في توزيع البطانيات والمدافيء والدولارات والاراضي ، عليهم ان يثبتوا ان كرمهم لم يكن مصلحيا آنيا وانما نابع من روحهم الوطنية الخلاقة التي لانشك بها ابدا ، خصوصا وانهم لايعانون من مشكلات التغيرات الطقسية ففي “فللهم” يتحول كل من الشتاء والصيف الى ربيع دائم بوجود المكيفات الاميركية واليابانية !!
عامر القيسي
النازحون وكرم السادة النواب ..!!
التعليقات مغلقة