«الصباح الجديد» في حوار مع حسين نهابة:
حاوره: سلام مكي
حسين نهابة، شاعر ومترجم، وصاحب مشروع ثقافي، كان له دور بارز في التأسيس لثقافة بابلية وعراقية رصينة، من خلال تأسيس مؤسسة أبجد الثقافية إضافة إلى مشروعه الأساس وهو الترجمة. له الكثير من النصوص التي ترجمها عن اللغات الأوروبية وخصوصا الإسبانية. الصباح الجديد، التقت بنهابة واستطلعته عن مشاريعه في الترجمة والثقافة.
حدثنا عن بداياتك في الترجمة؟
- كانت الترجمة وما تزال تحتل جزءاً مهماً جداً من مفاصل الحياة الادبية والعلمية والعملية. من خلالها يتحضر الانسان ويرتقي بعد ان يطلع على معالم العالم الآخر. اول شهادة جامعية لي كانت (كلية اللغات – قسم اللغة الاسبانية – جامعة بغداد 1988) ولأن الرغبة في التعلم تؤدي الى ميدان الابداع والتوسع المهني والعقلي، ولان اغلب الاساتذة الذين كانوا في قسم اللغة الاسبانية من اسبانيا ومن اميركا الجنوبية، كان لزاماً على الذهن ان يتفتق عن سبل تصب في خدمة الترجمة والثقافة. في المرحلة الثالثة بدأت أراسل مجلة الاطفال (مجلتي) فكانت تنشر لي. كانت مكتبة الكلية مفتوحة امامنا وكذلك المكتبة الضخمة للـ (المعهد الثقافي الاسباني – العربي) والتي سُمي فيما بعد (معهد سرفانتس). كنتُ انهل من مكتبة المعهد الكثير من كتب الصبيان التي تقع بين يدي، وقررت عام 1988 ان اقوم بترجمة احدى الروايات المصورة للصبيان وانجزت ترجمتها بالفعل لسهولة لغتها. ولما كانت دار ثقافة الاطفال في وزارة الثقافة والاعلام العراقية تحتضن مثل هكذا مشاريع ترجمية، وافقت لجنة الفحص والتدقيق على طبعها، وتمت طباعته بالفعل عام 1989. وبحلول عام 1990 بدأت انشر مقالات وقصص مترجمة في جريدة القادسية. وفي نهاية العام ذاته اتصل بي القاص عائد خصباك وكان رئيس تحرير مجلة الاديب المعاصر وطلب مني ترجمة جزء من رسالة دكتوراه للاسباني (مارسيلو فيلكاس) خصص فصل طويل منها عن رائد القصة العراقية عبد الله نيازي. وتم نشرها في العدد 42 في صيف 1990 الخاص بالرواية. وقمت بطبعها في كتاب منفصل عام 2012. وانا مستمر في الترجمة والكتابة ولديّ لغاية الآن 32 كتاباً بين ترجمة وتأليف. كيف يتعامل حسين نهابة مع النص الأصلي قبل ترجمته؟ وهل ثمة تقنيات خاصة بك، تستعملها للترجمة؟
- لكل مترجم ادواته الخاصة لكنهم جميعاً لا يختلفون عن ان القواميس بجميع انواعها هي الجزء الاكبر من ادواته مهما كان المترجم مُتمكناً من لغته التي يترجم عنها. انا عادة انتقي مجموعة من كتب متنوعة من اسبانيا واميركا الجنوبية (من مكتبات اسبانيا او برشلونة بالطبع) ثم اقوم بتصفيتها لانتقاء الذي يروق لي مما لم يُترجم سابقاً. اقوم بقراءته قراءة متأنية ثم الشروع بترجمته. وكثيراً ما استشير كاتب النص ان كان حياً في بعض المصطلحات التي تنأى عني احياناً، وفي حالة كونه ميتاً، الجأ الى القواميس والى بعض أدباء اسبانيا او اميركا الجنوبية مما تربطني معهم علاقة ثقافية. حدثنا عن مشروعك» ترجمة مئة شاعر». وما هي المعايير التي استعمالاتها في اختيار الشعراء؟ وهل لاقى المشروع صدى ثقافي وإعلامي في أسبانيا؟
- كان لمشروع «الموسوعة المُعاصرة لمائة شاعر وشاعرة عرب – الجزء الاول» جهداً استثنائياً استهلك الكثير من الوقت وثمرة نادرة في الوطن العربي. سمعت ان البعض قام بأعمال متشابهة لكن بلغات اخرى. ولأنه اول تجربة لي، فلابد من وقوع بعض الاخطاء الطفيفة غير المقصودة، منها اختيار الشعراء، اذ قمت بالاعتماد على اختيار قصائد الاصدقاء الذين اقرأ لهم، واحياناً اقوم باستشارة البعض لملأ فراغ الشك الذي كان ينتابني، وكانت للشاعرة نجاة الماجد من السعودية مساهمة جادة في ترشيح بعض الشعراء والشاعرات الكبار ممن لم يتسن لي معرفتهم من قبل. الموسوعة ما تزال في طور التوزيع في مكتبات اسبانيا ولا ادرك ان كان قد لقيّ صدى بين القراء الاسبان او لا، بيد ان الموزع اخبرني بانه كان هناك اقبال على اقتنائه في أثناء أحد معارض الكتاب التي اقيمت هناك. وقبل 3 اشهر، حملت بعض النسخ الى مكتبة (البيت العربي) في مدريد، واخبرتني موظفة المكتبة فيما بعد بانه تم شراؤها جميعاً. أين يجد حسين نهابة نفسه: في الترجمة ام الشعر؟
- صحيح ان لديّ لغاية الآن سبعة دواوين مطبوعة، وصحيح ان المترجم الناجح لابد ان يكون شاعراً او يحمل احساس الشاعر، لكني هويتي مترجم. اذ انتميت الى جمعية المترجمين العراقيين عام 1992 وانا الآن احمل صفة مترجم معتمد (محلّف) في الجمعية. كيف يقرأ حسين نهابة اقع الترجمة في العراق؟ وهل ثمة دعم من المؤسسات المعنية بالترجمة؟
- على قلة المترجمين المهنيين في العراق، لكن الترجمة بخير. بمرورك في شارع المتنبي، ستجد الكثير من الروايات والقصص والكتب المترجمة من مترجمين عراقيين اكفاء، اضافة الى ان جمعية المترجمين العراقيين كثيراً ما تقوم بعمل مسابقات لاختيار افضل المترجمين وتكريمهم. وقد فزت مرتين بالمركز الاول وتم تكريمي في مناسبة اخرى كأحد افضل مترجمي عام 2018.
ليس هناك أي دعم مادي او معنوي من اي مؤسسة سوى ما تقوم به مشكورة جمعية المترجمين العراقيين ووزارة الثقافة العراقية من خلال جائزة الابداع. هل تجد الترجمة ضرورة ثقافية؟ - مؤكد. كانت بغداد في العصر العباسي مناراً، يهتدي به طلاب العلم والادب مما اضطر الخليفة المأمون الى انشاء بيت الحكمة ليكون مركزاً عالمياً لجميع انواع الادب والعلم والفلسفة وكان يُغدق كثيراً على المترجمين والعلماء. لولا الترجمة، ما كان القارئ العربي مثلاً قد عرف عن دان براون او كاولو بويلو او فديريكو لوركا او او، ولولاها ما كان الغرب قد عرف كليلة ودمنة والف ليلة وليلة. الترجمة احد مظاهر الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها. كلمة أخيرة..
- كل الشكر والامتنان للسيد سلام مكي ولجريدة الصباح الجديد الموقرة على اتاحة الفرصة للمثقفين والمترجمين في عرض رسائلهم ونتاجاتهم الادبية.