في مرحلة ما من تاريخ الشعوب يمكن للدولة ان تتجه بقراراتها نحو تثبيت الاستقرار بعد مفصل تاريخي مترع بالحروب والعنف والتمزق وفي شواهد التاريخ لم يكن الطريق مفروشا بالورود لأولئك الذين تسلموا الامانة والمسؤولية وورثوا الخراب والحطام فتلك اوروبا وقبلها الولايات المتحدة الاميركية وامم اخرى تحكي قصصها بطون الكتب تعاهد حكامها على النهوض وتضميد الجراح واعادة البناء ونفض الخراب وفي كل تلك القصص ثمة احساس عال بالمسؤولية واحترام كبير للوعود والعهود واحترام آخر للزمن فمن الممكن ان تعيد بناء وطن محطم في سنة او سنتين او ثلاث لكن العظمة والفخر ان تختصر المسافات وتسابق الزمن وتقلل التضحيات وتعيده بشهور فتكسب الاعجاب ومن الطبيعي ان تكون تلك المهمة تعاضدية وتكاملية وتضامنية يتشارك فيها الشعب مع الحكومة تحت عنوان سام هو الوطن اولا وهناك عشرات الدول التي ضربت اروع الامثلة لإثبات ما نقوله فتلك هي اليابان وتلك هي جنوب افريقيا وتلك هي فيتنام ونمور آسيا وتلك هي اميركا وغيرها ويحق لنا ان نسأل هنا لماذا تأخر العراق عن الانضمام لهذه المنظومة الجهادية النبيلة ولهذا الاداء الرائع ولهذه المنظومة الخيرة والامثلة الحية التي ماتزال محل فخر واعتزاز لشعوبها وشعوب العالم ؟؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد لنا ان نقف عند لحظة مفصلية ومصيرية اغفلها من تولوا زمام الامور واداروا السلطة وسيروا شؤون الحكومات المتعاقبة تتمثل بالانسياق لشعور كاذب بأن التمنيات والشعارات تكفي لصنع مستقبل افضل وان فرص الحرية متاحة بشكل ابدي وان لا خوف بعد انهيار الصنمية من عودة اغلال العبودية وسياط الاستبداد مثل هذا الشعور الزائف أمن به وصدقه حفنة من السياسيين الفاشلين وسمحوا من خلاله لعصابات الجريمة وادوات الديكتاتورية ان تعيث بالأرض فسادا وان تزيد من الخراب ومايزال اتباع هذا المنهج المريض مستمرين في تغولهم وماتزال مخالبهم تنهش في جسد العراق الحي من دون اي رادع قوي يوقفها ..اكثر من خمسة عشر عاما مضى على يوم الانعتاق ومايزال السكوت والتفرج واليد المرتجفة تخشى من زمر اللصوص ومايزال اتباع السلطة الجديدة منشغلين بترتيب مصالحهم الخاصة وتقاسم الارباح على حساب الملايين الذين صدقوا الوعود واحسنوا الظن بالأدعياء فصار زماننا زمان الخواء والارتجاف في وقت حسبناه وظنناه زمان المخلصين ..ومن دون القوة سيبقى الطريق طويلا للخلاص من الذين هم اليوم يستهدون بالطغاة ويتقمصون ارواح الشياطين ولن تنفع معهم (المجالس العليا ) ولا ( الاوامر الديوانية ) ..!!
د. علي شمخي