النصائح المقّفاة

-1-
عُرف العراقيون بأنهم أصحابُ الريادة في عالم الشعر العربي ، ويكفيك أنْ تعلم بانّ الجواهري كان يسمى بشاعر العرب الأكبر .
-2-
والشعر موهبة خاصة يمنحها الله لمن يشاء ، وليست حرفةً يمكن أنْ يتعلمها الانسان كسائر الحرف .
واتقان علم العروض لا يجعلك شاعراً وانما يجعلك قادراً على معرفة البحور وما تتضمنه القصائد من زحاف .
-3-
والى جانب الفطاحل من الشعراء العراقيين كالشبيبيوالكاظمي والرصافي والزهاوي هناك المتذوقون للشعر ممن لا تطربهم الاّ القوافي الحِسان … وروائع البيان
-4-
انّ تجارب الشعراء ونصائحهم تنعكس على نتاجهم الشعري .
وهناك سيل هائل من الحكم والأمثال والمواعظ واللقطات الجميلة التي يحسن الوقوف عندها .
وهذا ما نحاوله في هذه المقالة الوجيزة .
-5-
قال الشاعر :
ما اعتاضَ باذِلُ وجهِهِ بِسُؤالِهِ
عِوَضاً ولو نالَ الغنى بسؤالِ
واذا بليتُ ببذل وجهكَ سائلاً
فابْذِلْهُ للمتكرّم المفضالِ
واذا السؤالُ مع النوال وزنتَهُ
رجح السؤالُ وخَفَّ كلُّ نوالِ
وهنا ينطلق الشاعر مِنْ الحرص على الحفاظ على ماء الوجه، وصيانة الكرامة الانسانية ذلك أنهما أثمن من العطايا والهبات مهما كانت الأرقام.
واذا كان لابُدَ من السؤال – كما هو الحال في أوقات الضرورة – فلا ينبغي أنْ يُسأل الا الكريم المعروف بأفضالِهِ لا البخيل اللئيم .
وعلى كل حال يبقى السؤال محفوفا بالأهوال .
-6-
قال الشاعر :
ومَنْ يصطبر للعلم يظفرْ بِنَيْلِهِ
ومَنْ يخطب الحسناءَ يصبرْ على البذلِ
ومَنْ لم يذل النفس في طلب العُلى
يسيراً يَعشْ دهراً طويلاً أخاذُلِّ
الجَلَدُ والمثابرةُ مطلوبان في مضمار الانتهال من ينابيع العلم ، وهما محمودان ولهما أخسن العواقب .
والعلم أهلٌ لان تبذل له اغلى ما عندك،
وقد شّبَهه الشاعرُ هنا ببذل المهر الكبير الذي يقدّم للمرأة الحسناء .
ومَنْ لم يُروّضَ نَفْسَهُ على احتمال المشاق في طلب العلم لن يحظى الاّ بالنصيب الضئيل من المعرفة ، والجهل موت معجّل …
لا تفارق باب الله
وعلى هذا المنحى قال شاعر آخر :
للهِ في الأحوال لطفٌ جميل
فاغْنَ بهِ عن ذِكْرِ قالٍ وقِيلْ
ولا تفارقْ ابداً بابَه
فمنه قد جاء العطاءُ الجزيلْ
واخيبّةَ المُعرِضِ عَنْ بابِهِ
خلّى كريماً ثُمَ أَمَّ البخيل
فَقُلْ لمن عدّد إنعامَهُ
كلّ لسانٍ عند هذا كليلْ
{ أمّ : اي قَصَدَ }
ولقد صدق الشاعر :
فانّ نِعَمَ الله لا تحصى ،
وبابه مفتوح لا يُغلق ،
والتوجه اليه هو المتعين في كل الأحوال،
وهو حسبنا ونعم الوكيل

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة