-1-
جار الله محمود الزمخشري، أحدُ أعلامِ المفسرين، فهو صاحب تفسير الكشّاف .
وهو الى ذلك ضليع في العديد من العلوم والفنون انه صاحب ” الفائق ” في تفسير الحديث، وأساس البلاغة في اللغة (وربيع الابرار) – وهو موسوعة أدبية تاريخية ممتعة – الى كثير من المؤلفات الأخرى .
-2-
جَاوَرَ الحرمَ المكيَّ مدةً من الزمن فلذلك يقال له جار الله ، وصار هذا الاسم مختصاً به .
-3-
كان قد فَقَدَ احدى رِجْلَيهِ ،
وكان يمشي في جاون خشب ،
وحين سأله الدامغاني يوم دخل بغداد عن سبب قطع رجله قال :
دعاء الوالدة ..!!
“وذلك أنني في صباي أمسكت عصفوراً ، وربطته بخيط في رجله ،
وأَفَلتَ من يدي ، فأدركتُه وقد دخل في خرق ( ثقب) فجذبتهُ ، فانقطعتْ رِجْلُه في الخيط ، فقالت والدتي :
قطع الله رجل الأبعد كما قطعتَ رِجْلُه ،
فلما وصلت الى سنّ الطلب ( اي طلب الدراسة) رحلتُ الى بُخارى لطلب العلم ، فسقطتُ عن الدابة ، وانكسرت رجلي …)
-4-
مارس نظم الشعر وأجاد فيه .
اسمعه يرثي استاذه (منصور) المكنّى بأبي مضر :
وقائلةٍ ما هذه الدُررُ التي
تَساقطُ مِنْ عينيكَ سمطين سمطيْنِ
فقلت لها الدُرُّ الذي كان قد حشا
(أبو مضرٍ) أُذْني تَساقَطَ مِنْ عيني
وقد أجاد في هذين البيتين غاية الاجادة
ويلاحظ هنا :
انه عبّر عما تلقاه من استاذه بالدُرر
وفي هذا معنى التثمين العالي لما كان يحمله استاذه من مقدرة علمية
وفيه : أيضا معنى الوفاء الكبير من قبل التلميذ لاستاذه .
وللاسف الشديد ،فان الكثير من مجايلينا ، لم يحفظوا لاساتذتهم حرمتهم الفائقة ، وقلّ فيهم من اتسم بصدق الوفاء ..!!
-5
تُنْسبُ اليه هذه الأبيات الجميلة :
كَثُرَ الشَكُّ والخِلافُ فكلٌّ
يدّعي الفوزَ بالصراطِ السويِّ
فاعتصامي بلا إله سواهُ
ثم حُبي لأحمدٍ وعليِّ
فاز كلبٌ بِحُبِّ أصحابِ كهفٍ
كيف أشقى بِحُبِّ آل النبيِّ ؟
-6-
كان من أشدّ (المعتزلة) المجاهرين باعتزالهم حتى قيل :
” انه كان اذا قصد صاحباً له وأستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الأذن :
قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب ” .
-7-
ونقل (الانباري) في كتابه (مناقب الأدباء): أنّ العلاّمة الزمخشري حين قدم بغداد قاصداً الحج مضى أبو السعادات الشجري ومضى معه بعض طلابه ومنهم (الانباري) الى زيارة الزمخشري ،
ولما اجتمع به أنشده قول المتنبي :
واستكبر الأخبار قبل لقائِهِ
فلما التقينا صغّر الخبرَ الخُبْرُ
والاستشهاد بهذا البيت يدل على ماكان يتمتع به الزمخشري من جاذبية ومقدرة في النفاذ الى العقول والقلوب .
ويدل من جانب آخر على ما كان يتمتع به (ابن الشجري) مِنْثقافة أدبية متميزة تجعله يختار المناسب من الأشعار للاستشهاد به
وقد قابل الزمخشري حفاوة (ابن الشجري) به بأنْ ذكّر بما روُي عن النبي (ص) .
انه لما قدم عليه زيد الخيل قال له :
” يا زيد
ما وُصفَ لي أحدٌ في الجاهلية ورأيتُه في الاسلام الا رأيتُه دون ما وُصف لي ، غيرك } “
حسين الصدر