مع ملحق مقارن للمصطلحات الإعلامية
تشكل النصوص التي بين يدي القارئ مقدمة منهجية ومهنية لكل مهتم بتأسيس مشروع إعلامي حديث، فهي بوابة لكل زملائنا الصحفيين العراقيين بشكل خاص، لأنها ترسم حدود الالتزام والجدية في إرساء أسس صحيحة لمؤسسات جديدة.
الهدف النهائي من هذه النصوص هو التمهيد لبناء صحافة عراقية محترفة لا ترتكز على تمويل حكومي او الى الإدارة الرسمية للمشاريع ولا تتبع مقاييس ما يعرف في تاريخنا الصحفي العالمي بصحافة الدولة او الحزب.
وهذه النصوص تنسجم مع ما نتطلع إليه ويتطلع إليه المجتمع من سمات أساسية تنسجم مع التيار الدولي العالمي المألوف.
وتتفق النصوص مع معداتنا وأدواتنا المطلوبة للهيكل الجديد للصحافة العراقية التي نريدها، صحافة لا تدافع عن الأيدولوجيات أو برامج الأحزاب الحاكمة أو المعارضة بل هي صحافة تقدم للمواطن المعطيات الاقتصادية والسياسية والمالية والفكرية والثقافية من أن يكون لها دوافع ذاتية او مصالح سواء للكاتب او للمؤسس في نهاية المطاف نتطلع الى تنوير الجيل الجديد من أبنائنا وزملائنا وصولا الى النصوص بالعمل الإعلامي العراقي الى المستويات التي عالية وإننا واثقون أن بلادنا تزخر بالمهارات الصحفية والمهنيين الحريصين على تحقيق هذه الأهداف.
ومن هذا المنطلق تنشر “الصباح الجديد” سلسلة من هذه النصوص إسهاماً منها في الارتقاء بالجيل الجديد والوصول به الى المستويات التي يستحقها.
الحلقة 3
تحرير وإشراف: إسماعيل زاير
أساليب الاتصال :
أن الاتصال في محل العمل , سواء أكان شفهيًا أو تحريرياً , يجب أن يبنى على الحقائق . ويجب تجنب الغموض والمجاز والكلمات المشفرة لغرض عدم استبداد أولئك الذين لا يستطيعون فهمها .
فاللغة المشفرة يستخدمها الصحفيون بنحو مثالي في المجتمعات الشمولية (الدكتاتورية)حيث يكون الجمهور فيها مجبراً على القراءة بين السطور .
من الصعب تغيير هذه العادات في يوم وليلة , لكل من الكاتب والقارئ . مع ذلك , الالتزام باللغة المشفرة لعدة سنوات بانهيار المعسكر الاشتراكي قد يكون أيضاً متأثرًا بمعايير عامة ثقافية واجتماعية , كما تم توضيحها من قبل عالم الاجتماع الجيكي .
لقد ساعد الكتاب المطبوع على نشر أسلوب الرسالة المكتوبة والتي لا تحتاج إلى مؤلف قريب من القارئ ليجيب على أسئلتنا وما كان المقصود من شيء ما . لذلك يحتاج أسلوب الكتابة أن يكون واضحاً ومكشوفاً في جمل كاملة . والقطب المعاكس والمضاد للكتاب هو الاتصال بالمحادثة بين أناس قريبين من بعضهم حيث يمثل النص بنحو حركات , إيماءات وظروف أنية يتم الإشارة إليها . لذلك نجد من الممكن في المحادثة , استعمال الكتمان (عدم الإفصاح عن الشيء المقصود) جمل غير كاملة وإشارات المقصود منها المعرفة .
أن هذا الخروج عن السياق .. يعد مهماً في بيئات حميمة صعوداً إلى مراحل شخصية أو طبقات ادنى . أن أسلوب الاتصال السياقي يعد مهمًا من الناحية الأخرى للأجواء المشتركة للمراحل والطبقات العليا . وهو مطلوب في المدرسة كحد اقصى وليس ادنى , وفي المحاكم , فيتوجب على المحامي تشكيل وثائق بطريقة لكي يتضمن بعض الاعتراضات الكامنة وبنحو مقدمة ومحاولات لقراءات مختلفة .
سواء كانت الأساليب داخل السياق أو خارجه مقررة من قبل الثقافة أو بالعكس , فتلك مسألة جدلية أخرى مثل اصل البيضة والدجاجة والتي كان الخبراء يجادلون فيها لعدة عقود من الزمن , حيث تعد الثقافة تشكيلة من نظام وقواعد لغوية , حسب العالم اللغوي اجتماعي المشهور (باسل بيرنستين) وتتضمن شفرتين مختلفتين ” الشفرة المحددة ” أو المقيدة أو اللغة المتمثلة بالتجزئة والبساطة المنطقية اما الشفرة الثانية فهي ” الشفرة المتحررة “أو اللغة المستخدمة للتعبير عن المعنى الشامل والأوسع . واذا أخذنا تعليل العالم (بيرنستين) بالحسبان , نجد أن الصحفيين قد يكونوا مسهمين في تشكيل ثقافة بلدهم من خلال أساليب الاتصال التي يستخدمونها .
التنظيم الفاعل والمؤثر
يعد الاتصال الأكثر تنظيماً اكثر فاعلية وتأثيرًا . والاتصال الجيد يحتاج إلى خطة عمل حيث يقوم المتصل بالاحتفاظ بالملاحظات في جدول مهماته وواجباته . ويتوصل إلى مواعيد واجتماعات في الوقت المحدد والمحاولة في عدم أشغال الآخرين بالتفاصيل الثانوية التي لا علاقة لها بالموضوع ,
أو يقوم بتحويل اجتماع على التحرير إلى مناقشة أكاديمية . فتحديد الوقت وتخصيصه من قبل الصحفي وظهوره في الاجتماعات التحريرية دليل على التنظيم العالي للصحيفة . والمنظمة الجيدة تتصف باحترام الآخرين بقدر احترام المال . فاذا كان هناك ستة محررين ينتظرون سابعًا وتأخر عشرة دقائق , معناه ضياع ساعة من وقت التحرير .
والمتصل المنظم جيداً باستطاعته استعمال التكنلوجيا المتاحة والخدمات في صالحه . وبغض النظر عن موقعه , باستطاعته استعمال الكومبيوتر , دفاتر الملاحظات , أجهزة الاستنساخ , التلفون وأجهزة الرد الألي لكي لا يكون رهين السكرتارية ولكن يستطيع استعمال تلك الخدمات المتوفرة من قبل امناء المكتبة والباحثين والمساعدين عن طريق عرض حاجاته ببساطة .
الاتصال نحو الأدنى ونحو الأعلى
لغرض توصيل رسالة إلى مستقبلها بنحو ناجح , يجب السماح بتمرير المعلومات نحو الخط الأدنى من الإدارة وبنحو تسلسل منظم ومن خلال سلسلة أوامر رسمية , لكي يتأكد كل فرد من المعرفة التي يحتاجها لغرض أنجاز عمله المحدد ولكي يفهم كيف أن لهذه المعلومات علاقة بهؤلاء الذين يتواجدون حوله . لذا يجب أن يكون تدفق المعلومات باتجاه الأعلى مثلما هو باتجاه الأدنى . ونجد المديرين محكومين بالفكرة التي تتجه بالأوامر نحو الخط الأدنى على الغالب . وعليهم بذل وقت اكثر لاستماع الكلمة التي تأتي من الخط الأدنى . أن الاهتمام بصوت الموظف مهم لعدة أسباب :
-باستطاعة المديرين الإحساس بالمواقف والآراء كجزء من البيئة الكلية التي تعمل فيها الشركة .
-استعمال الخبرة والخيال الموجود خلال الصحيفة يساعد على تجنب ضياع طاقة الموظف.
- للموظفين دافع قوي في التعاون اذا امكن جعله يشعر بأن العمل في الشركة ممتع , ويكون متحمساً للاستفادة من عمله ومهيئاً لأن يكافأ على كل قابلياته وليس العمل الذي يقومون به بنحو روتيني وأن أفكارهم وآراؤهم لا تهمل .
وعادة ما يسأل الصحفيون في الحلقات الدراسية عن الإدارة السؤال التالي :”ماذا يتوجب على الموظفين في الخط الأدنى من الوظيفة فعله أن كانت القرارات النهائية تتخذ فقط من قبل أناس معينين لا يقبلون بأفكار الموظفين المبتدئين , حتى وأن كانت أفكاراً أو أراء لامعة ؟”.
أن التنظيم الإداري الكفوء هو الذي يستنبط (يولد) أفكاراً من الأسفل . واذا تجاهل المدير أراء الناس الثانويين , فقد يكون لديه سبب . أن المسائل الداخلية لأية منظمة تعدّ معقدة للغاية .فقد يحاول موظف ما اطلاع المدير على مشكلة ما وبهذا يحاول أن يبني دعماً لما يقوم به من عمل . أن نقص التفاهم أو قلة المعرفة من ناحية المدير من الممكن تجاوزها عن طريق إبلاغه بالمشكلة نفسها ولكن بطريقة مؤدبة تشبه تلك الطريقة التي يتوقعها من مديره .
واذا لاحظ الموظف أن جهوده ليس لها تأثير على موقف المدير قد يعد حينها الخيار الأخير هو مغادرة الشركة .
إزالة الحواجز أمام الاتصال
هناك العديد من غرف الأخبار ودور النشر مليئة بالجزر ( إشارة إلى التفرقة وعدم وحدة المكان كالجزر المتناثرة هنا وهناك ) وهناك أقسام أو موظفون معينون معزولون عن بعضهم البعض بجدران من اللجان وجدران من الصمت . وتجد جانب العمل يقع في بناية مختلفة عن جانب التحرير . ومدير التحرير لا يتكلم مع الصحفيين . مصممو الصحيفة لا يتصلون بموظفي نسخة المحرر .
فاذا تم اختراق هذه الجدران فقد تجد أن احد هذه الجزر تخفي تحتها أحجاراً كريمة . فقط يحتاجون إلى من يلمعهم ويضعهم في القلادة : أن كان مديرا على أي مستوى في الشركة والذي سيجعل الموظفين يتصلون ببعض .
أن المدير هو المسؤول عن الاتصال الفعال في وحدة تنظيمية معينة . وعلى المدير وباستمرار تطوير قنوات الاتصال ويجعلها قابلة للوصول وتدفق المعلومات في كل الاتجاهات . عليه أن يرى أن الحواجز إمام الاتصال تزول .
أن إزالة العوائق المعنوية كالجدران بين الأقسام هي مسألة قرار استراتيجي في بنية القرار داخل غرفة الأخبار . أن الأقسام المحاطة بالجدران ممكن استبدالها بفراغات مفتوحة وأفكار تتركز على طاولات المحررين .
وأن إزالة العوائق المادية الأخرى , مثل الأبواب المقفلة للمكاتب أو تلك العوائق والحواجز الشخصية والمعنوية , تأخذ اكثر من بضع أيام من الجهد . وتتصف العوائق الشخصية بالمنشأ النفسي , وتخفي تحتها خلفيات , خبرات وكره والتي تقلل من الجهود الخاصة بالإنصات. أما العوائق المعنوية تظهر عندما يعطي الناس معاني مختلفة للكلمة نفسها .
أن مزيجاً من مهارات الاتصال والنية السليمة تعد وصفة العلاج لتجاوز هذه العوائق .