-1-
الظلم بكلّ صُوره وأشكاله مرّ المذاق …
وليس الطغاةُ والجبابرة وحدهم فرسان الظلم والطغيان والاستبداد .
-2-
هناك آباء لا يتورعون عن ظلم أبنائهم ظلما فظيعا يصل الى حدّ إماتتهم..
وقع ذلك قبل أيام حين تعاون أحدُ الآباء الظالمين مع زوجته الثانية وواصلا ضرب الطفل الى ان أزهقا روحه ، ففارق الحياة مقتولاً بظلم أبيه وزوجته الثانية .
اننا أمام جريمة مروعة كبرى ، ذلك انّ الآباء هم أكثر الناس حبّا وتعلقا بأبنائهم ، فكيف يتحول هذا الأب في حالة غضب وهيجان وإثارة الى ذئب ضارٍ لا يرحم ولا يكف عن الافتراس ؟!
-3-
وأغلبُ الظن انّ شدّة العنف كانت بتحريض الزوجة الثانية ، ولكنَّ استجابة الأب لها – وبهذا الشكل الغريب – ظلت مسألةً محيّرة ومثيرة للغاية .
هل نسي أنّ الطفل البرئ قد يكون مبغوضاً من قبل زوجته الثانية ، التي لا تفتر عن تحريكه ضده انتقاما منه وحقداً عليه، فكيف يندفع هذا الاندفاع الجنوني في مضمار ايقاع العقوبات القاسية بحق فلذة كبده ؟
-4-
والمشاكل الناشئة بين الآباء وأبنائهم تعود أحياناً الى حالة التشنج والاحتقان التي تتسم بها زوجة الاب الثانية –خصوصاً اذا كانت محرومة من الابناء – الأمر الذي يجعلها تنظر الى أولاد زوجها من غيرها نظرة مريبة قاسية …
-5-
وبعض الآباء يعتبرون الابناء بمثابة العبيد والخدم لهم،وبالتالي فهم لا ينقطعون عن تسخير أبنائهم باتجاه تحصيل المال ولو بارهاقهم الشديد وعنائهم الأكيد ..!!
لقد قرأت للتو قصة صبيٍّ يبلغ الثانية عشرة من عمره،حاول الانتحار بسبب شدة الضغوط عليه من قبل أسرته لتحصيل عشرة آلاف دينار يوميا، وقد أمكن انقاذه في اللحظات الأخيرة –والحمد لله – .
-6-
قديما قال الشاعر :
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً
على المرءِ مِنْ وَقْعِ الحِسامِ المهندِ
انّ الذي يرفض أنْ يُمارس الظلمُ بحقه ، عليه انْ لا يمارس الظلم بحق أحد ، فكيف اذا كان المظلوم أبنا ؟
-7-
انّ هناك مَنْ يحرمُ (الاناث) حقهن في الميراث ليستأثر (الذكور) بالميراث كله .
وهذا لون آخر من ألوان الظلم الأُسريّ الفاحش .
-8-
ومن الآباء من يعضل بناته فيردّ مَنْ يتقدم لخطبتهن – وإنْكان كفوءاً- في منحى مرفوض مدان لا تقبله الأديان ولا ينسجم مع حقوق الانسان..!!
-9-
وهكذا نجد التذكير بوجوب الرحمة في التعامل ، والاستقامة في التعاطي مع الشؤون العائلية ، مما تعن اليه الحاجة ، بعد شيوع حالات رهيبة من العنف والظلم ، تنخر الكيان الاجتماعي – لا كيان الاسرة وحدها – منطلقين من الآية المباركة التي خاطب بها الرب الرحيم نبينا العظيم (ص) حيث قال :
( ولو كنتَ فظاً غليظَ القلبِ لانفضوا مِنْ حولك ..!
فالفظاظة والغلظة والقسوة لا محل لها في القاموس الانساني والاخلاقي والحضاري فضلاً عن القاموس الشرعي .
حسين الصدر