الصباح الجديد – متابعة:
الكثير منا شاهد من خلال أفلام عدة بعض الراقصين وهم يضربون بقدمهم على الأرض ليصنعوا موسيقى وايقاع اشبه بصوت الرق، ولعل اشهر من مارس الرقص النقري الاخوين (فايرد) و(هارولد)، اللذان مزجا بين الرقص النقري الكلاسيكي والحركات البهلوانية.
يوجد نوعان من الرقص النقري هما: النقر الإيقاعي (الجاز) ونقر برودواي، الذي يركز على الرقصة نفسها، فهو يؤدى بكثرة على المسرح الموسيقي.
أما النقر الإيقاعي يركز على الموهبة الموسيقية، بحيث أن ممارسو هذا النوع يصفون أنفسهم كجزء من تراث الجاز. ويخرج صوت النقر بواسطة أحذية مصممة بلوح معدني على الكعب ومقدمة القدم، وهناك أنواع مختلفة من هذه الأحذية والتي أحيانا تصدر أصوات متعددة.
ترجع أصول الرقص النقري في الأصل إلى قبائل أفريقية وإسكتلندية وإيرلندية، ورقصة القبقاب الإنجليزية، ورقصة المزمار، ورقصة الجيغ. ومع اننا في العراق كنا نستعمل القبقاب وانتشرت موضته حينها، بعد ان استورده التجار في العراق من بلاد الشام، لكن لم يفكر احد ان يؤدي الرقص النقري بطريقة ما، ويمكن ساعتها ان يكون يبتكر رقصة نقرية حديثة ومختلفة.
ويعتقد أن بداية ظهور الرقص النقري كانت في منتصف القرن الثامن عشر خلال نهضة الحفلات الغنائية (منسترل شوز)، اذ أصبح (وليام هنري) الشهير بـ (مستر غوبا) واحداً من الراقصين ذوي البشرة السوداء القلائل الذين انضموا إلى أصحاب الفرقة الغنائية ذوي البشرة البيضاء، ويعد واحدا من أشهر مؤسسي الرقص النقري.
ومع انخفاض شعبية الـ (منسترل شوز)، انتقل الرقص النقري إلى المسرح الأكثر شعبية (فودفيل). خلال قاعدة دمج العرقين (ذوي البشرة البيضاء والسوداء)، والتي منع من خلالها أصحاب البشرة السوداء من الرقص المنفرد، فكان أغلبية راقصي مسرح فودفيل ثنائيين.
فاشتهر من خلالها الثنائي (باك ويايلز) الذي يتكون من الراقص النقري (باكوهو جون سابليت) وعازف البيانو (يايلز وهو فورد واشنتون) حيث أتقن هذا الثنائي الأسلوب الرفيع (كلاس آكت) -وهي فقرة مسرحية يرتدي فيها الممثلين بدل(التوكسيدو) الأنيقة، والتي أصبحت بعد ذلك مظهر شائع للرقص النقري.
إلا أن هذا الانتقال رآه البعض تفنيداً لفكرة (منسترل شوز) للرقص النقري ووصفوه برقص المهرجين.
وظهرت شخصية بارزة خلال هذه الفترة ويدعى (جوبزفلز وهو بيل روبينسون) والذي كان متمكن من رقص (الباك والوينج)، والرقص الأيرلندي. حيث انضم (بيل روبينسون) إلى مجموعة (فودفيل) في عام 1902م في ثنائي يجمعه بـ (جورج دابليو كوبر).
واشتهرت فقرتهم بسرعة وأصبح يعلن عنها في أهم الأحداث في البلد. ولكن تشاجر الثنائي وانتهت شراكتهم عام 1908م. وفيما بعد قرر (روبينسون) أن يقامر بشعبيته ويؤدي رقصة منفردة، اذ كان نادراً لرجل ذو بشرة سوداء في ذلك الوقت الاقدام على هذه الخطوة، وبالرغم من ذلك حقق نجاحاً هائلاً وبعدها بمدة وجيزة أصبح أحد مشاهير العالم، وأكمل طريقه إلى أن أصبح له أدوار البطولة في الأفلام أشهرها (شيرلي تميل فرانشايز).
وبعدها بفترة وجيزة ظهر الأخوان (نيكولاس) وهما (فايرد) و(هارولد)، وقد أذهل هذا الفريق الجماهير بمزج الأسلوب الكلاسيكي في الرقص بالحركات البهلوانية، وقدم الثنائي مشهداً رائعا في فيلم (الجو العاصف) اذ رقص الثنائي صعوداً ونزولاً من سلم، بالقفز فوق بعضهم البعض.
خلال فترة الثلاثينيات، اختلط الرقص النقري بـ (ليندي هوب) وبعض حركاتها كـ «الشقلبة والدوران في الهواء» والتي تصاحب حركة القدمين النقرية (النقر بحركة القدمين). وفي منتصف أواخر الخمسينيات، اختلفت طرق الترفيه، لتنخفض شعبية موسيقى الجاز والرقص النقري، في حين ظهرت موسيقى (الروك والرول) ورقص الجاز الحديث.
إن ما يسمى حاليا برقص الجاز يتضمن الرقص النقري، فكلا الرقصتان لديهما العديد من الحركات المشتركة، إلا أن الجاز طور منفصلا عن الرقص النقري ليصبح فناً جديداً وله حقوقه المستقلة، و(آرثر دانسون) و(تومي تون) هما من أشهر الراقصين في فترة الستينيات والسبعينيات.
ساعدت مقولة الفائز بجائزة (إيميلي) والتي بثت في برنامج وثائقي عام1979: «لا عنصرية في الرقص النقري» على النهضة الحالية للرقص النقري، فالنجاح الباهر لفيلم الكرتون (الأقدام السعيدة) عزز شعبية الرقص النقري.
وخذذ يوما عالميا للرقص النقري بالولايات المتحدة – ويحتفل به في 25 من مايو ايار – سجله قانونياً الرئيس جورج بوش في السابع من تشرين الثاني نوفمبر عام 1989م (وأختير يوم 25 مايو لأنه يوم ميلاد الراقص النقري الشهير بيل بوبانجلز روبنسون).
عادة ما يستعمل الراقصين تأخير النبرة الموسيقية، فعادةً ما يبدأ فن الرقص عند الدقة الثامنة أو الأولى. وأيضاً هناك ميزة أخرى للرقص النقري وهي الارتجال، فالرقص النقري قد يتبع إيقاع الموسيقى المعزوفة، أو يكون من دون موسيقى أبداً وهو ما يعرف ب(كابيلا).
هناك أيضا النقر الايقاعي وقدمه الـ(هوفرز) وهم الراقصون النقريون الذين عادة ما يرقصون» أقرب للأرض» مستخدمين حركات الأقدام، وليس حركات الجسم والأذرع. والذي استعمل العبيد في أميركا، وذلك لأن العبيد لم يكن مسموح لهم ممارسة عاداتهم وثقافاتهم، فقاموا بمزج طريقتهم في الرقص بخطوات الرقص الأيرلندي لخلق الرقص النقري الذي يمكن إخفاء أسلوبهم فيه عن أعين الناس، وهذا هو أصل النقر.
أما ما انتشر لاحقاً (النقر الذي يعرفه الناس حالياً) فهو «النقر العرضي» الذي تستعمل فيه حركات الأذرع. وانتشرت هذه الطريقة لأنه الكثير وجد أن النقر العرضي أكثر امتاعاً عند مشاهدته، ولأنه أصبح مشهوراً أيضاً عند عرضه في (برودواي).
ساعد ( ساڤيون جروڤر ) على تقديم الرقص النقري من خلال فيلم (الأقدام السعيدة) والذي يقدم فيه البطاريق وهي ترقص الرقص النقري. وهناك فيلم آخر عن الرقص النقري عرض في عام 1989 وهو (انقر) بطولة (جورجي هنس) وعدد من الهوفرز القدامى.
إن الراقصين النقريين الحديثين مثل (فريد أستير ) وفر العديد من القاعات، خصصت للرقص النقري، في حين أدخل ( جين كيلي ) بعض حركات الباليه لإسلوب الرقص النقري، حيث أدى هذا الأسلوب من النقر إلى ما يعرف حالياً بـ (أسلوب برودواي) والذي اشتهر في الثقافة الأميركية، وهو يتضمن أحذية نقر منعلة بحرفية، وموسيقى مسرحية، وهو النوع الذي عادةً ما يعلم أولاً للمبتدئين.
في بدايات الرقص النقري، كانت نعال أحذية الرقص النقري مصنوعة من الخشب، ولكن فيما بعد أصبحت معظمها مصنوعة من الجلد، وما زال الى يومنا هذا يصنع العديد من المنتجين هذه الأحذية.
وتختلف مميزات النقر إلى حد كبير بناءً على الشركة المنتجة الطراز، فعلى سيبل المثال: بعض الأحذية النقرية تكون خفيفة الوزن نسبياً وباطن القدم صغير، كما أن هناك نوع آخر يكون أسمك وباطن القدم ممتلئ للحواف مما يجعلها أثقل وزناً.
تتأثر «نغمة» الحذاء ونوعية النغمة بوزنه وشكل السطح أيضاً، والمادة المصنوع منها الحذاء، والذي قد يكون مقعرا أو محدبا، ويتم تثبيت نعل الحذاء بالبراغي أو بالغراء أحياناً، وتثبت البراغي اللوح الصوتي لتتعلق بالحذاء -وهو لوح ليفي رقيق متحد مع نعل الحذاء والذي يتم تثبيته بإحكام باستعمال البراغي، وعند عدم استعمال الغراء، قد تتراخى البراغي أو تضيق لإنتاج أصوات مختلفة، في حين تكون نوعية النغمة ثابتة عند استعمال الغراء.