انتبهوا الى الوهم لأنه يتربص بكم

أحلام يوسف
في أحد الأفلام الروسية الجميلة والتي تحمل فكرة عميقة بمضمونها، نتابع قصة صبي مجد يدرس في المرحلة الابتدائية ولكن غالبا ما تكون نتيجة الامتحانات مخية للآمال، مما يعرضه الى توبيخ أخيه الأكبر.
شكا الصبي الى عامل في المنطقة داخل معمله، انه لا يفهم ما يدرس، لأنه يعاني مشكلة الاستيعاب البطيء.
طلب العامل منه ان يجلس على كرسي، حوله العديد من المعدات، وأخبر الصبي ان آلة منها ستساعده على فهم المواد الدراسية بالنحو المطلوب، وطلب منه ان يفتح أي كتاب ويبدأ بالقراءة.
بدأ الصبي بالقراءة، وفجأة توقف عنها مندهشا من سرعة استيعابه للمواد، وبات يذهب يوميا الى العامل ليكمل واجباته تحت تأثير تلك الالة.
تسلم الصبي نتيجة الامتحانات النهائية وكانت ممتازة، وذهب الى العامل وأخبره بانه لا يشعر بانه يستحق هذا النجاح، لأنه لم يكن باجتهاده الشخصي، فاخبره العامل بحقيقة انها مجرد خردة، وان ما حصل ايحاء لعقله بانها ستساعده على ترسيخ المعلومات بذاكرته.
في كثير من الأحيان يسيطر الوهم على الانسان بصورة كبيرة، يمكن ان يتحول معها الى حقيقة، فهناك اشخاص يصابون بحالة وهم يمسي هاجسا بأنهم معرضون للإصابة بمرض معين، وبمرور الوقت سيبدأ الجسم باستقبال هذا الإيحاء والاقتناع به، مما قد يسبب الإصابة بهذا المرض بالفعل.
من هذه النقطة انطلق الأطباء باختراع ما يُسمى بالعلاج الوهمي، ويطلق عليه بالإنجليزية Placebo، اذ يقومون بإقناع المريض أنه سيتناول علاجا للمرض الذي يعاني منه حقًا، فتتهيأ حالته النفسية لذلك، ويؤمن بأنه بدأ رحلة العلاج بالفعل، في حين أن العلاج ليس له أي تأثير على مرضه.
تقول منار مشني الباحثة في علم النفس ان هناك فريقا من الباحثين ذهبوا إلى أن التأثير الذي يُسببه الدواء او العلاج الوهمي نابع من الارتباط المطلق بين العقل والجسم. أي ان التأثير يرجع إلى ما ينتظره المريض، فيؤثر على كيمياء جسمه ويجعلها تُحدث آثارًا تشبه تأثير العقاقير والأدوية الحقيقة.
وتابعت: أكد بعض الباحثين أن تأثير العقار الوهمي ناتج من عوامل نفسية، فمثلا عندما يتوقع احدهم ان الدواء الفلاني من الشركة الفلانية تأثيره اقوى على الحالة التي يعاني نها، يمكن ان يعطى المريض دواء فعال أكثر، لكنه لا يؤثر عليه لان عقله وجسمه لا يريدان تقبل فكرة اخذ علاج اخر غير الذي اعتاد عليه.
نتائج الأبحاث المتعلقة بموضوع العلاج الوهمي اكدت أن تأثيره يظهر بنحو أكبر بالأمراض النفسية، مثل الاكتئاب، والوهواس وغيرها من الحالات بحسب منار مشني. وهذا ادعى الى ان نحرص على التعامل بإيجابية مع المحيط ومع كل حدث او حالة نمر بها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة