ما أمرَّ الخيانات

بوشعيب كادر

عدت إلى المدينة
دخلتها في غبش الليل
والناس نيام
شممت المكان ككل
الكلاب الهاربة
حين تعود
تأتي الذكريات متثاقلة
تبتعد المدينة عني
لم أتعرف عليها
أدوخ في شوارعها
قبل أن يستفيق
حراس المدينة
سماسرة السماء
وعسس الجنة
ذاكرتي تخونني
وما أمرَّ الخيانات
تبَدَّل وجه المدينة
تَقشّر كدهان حائط
تعفَّن فنفخته الرطوبة
ظلّكَ هذا الحبل المدور
على عنقك يأخذ بخُناقٍك
لافكاك لك منه
تستيقظ من النوم
تنهض
وحين تحاول الهرب ينكمش الحبل
فيعصر عنقك أكثر
تصحو مسرعا كل صباح
لتلحق بالمدينة
تصحو ويبقى ظٍلك
مستلق على السرير
تخادعه
تتحين الفرصة للفرار منه
في اللحظة الحاسمة
تمتد يدي لِمقبض باب شقتي
يلتصق بي ظلي
فأسحبه كالصليب
وحين أجلس يلبسني
كمعطف كُحلي
يتبعني كمفتشي الروايات البوليسية
يفتش شَعري
يدُق بمطرقة على رأسي
يفحص أين تختبئ الجريمة؟
يقفز كمظلي بداخله
فيسقط على أرض منهكة
تلك اللحظة التي يخامرك
فيها إحساس
بأنك انتصرت على الحياة
وأنك أكبر من سمائها
تسقط كدلو مخروم
يبحث عن ماء
فيصطدم بالأتربة والأحجار
وبقايا مدن
وحين يهجم الليل عليك
يختفي فيك كالجرح
ولا يهادن
اشرب أكثر حتى يختمر
العنب في كَبدك
ويفيض خمرا
يغسل ماضيك للحظات

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة