حذام يوسف طاهر
هناك رأي للفيلسوف والمؤرخ والناقد الإيطالي: بيند كروتشي يقول فيه:» الفن وحدة متكاملة ويرفض مقارنة أي عمل فني بعمل آخر لكون كل عمل ذاتي «، ومع إنه وحدة متكاملة ويرفض المقارنة، الا انه في احايين كثيرة يتداخل مع بعض، أعني الفنون بشكل عام تتداخل مع بعضها، فالمسرح لا يستغني عن التشكيل عبر ديكورات يقوم بها مختصون وماهرون في التشكيل كخطوط والوان، كما ان المسرح لا يمكنه الاستغناء عن فن الخطابة، ولذلك نلاحظ ان فن الخطابة والالقاء يغلب على الحوارات في المسرحيات الجادة خصوصا.
كما ان لكل عمل خصوصية يتميز بها عن غيره من الاعمال، بمعنى تتكون له هوية تميزه وتمكنه من دخول دائرة ما من الفنون، وهذا يؤكد ما ذكرناه أعلاه في قول كروتشي بأن الفن وحدة متكاملة رافضة للمقارنة.
وتؤكد ذلك الفنانة الإمارتية / كريمة الشوملي بقولها « ليس لتشكيلي أن يبدع ما لم يختبئ في داخله شاعر صغير»، اذن لكل فنان وجوه متعددة ومتداخلة وهذا ما يميزه كفنان ماهر يجيد استثمار روح الفنان بداخله، ويخرجها للمتلقي بطريقة تشبه التحفة الفنية، يأخذ البعض على الفنان او المبدع عموما اشتغاله في أكثر من مجال، وحجتهم في ذلك ان الفنان ربما يتيه بين هذه الفنون ولا يستقر على هوية محددة تميزه عن الاخرين، بينما في الحقيقة أجد ان تعدد المواهب والمهارات بصالح الفنان ( ولست هنا بصدد الحديث عن مصطلح الفنان الشامل)، بل أشير الى ان تعدد المواهب واجادتها كلها والعمل بها، لا يشكل خطرا على المبدع، بل يزيده تميزا وسط اعداد كبيرة من الفنانين.
ومثلما الفن وجه من وجوه البلد، فهو انضباط والتزام، والتاريخ حافل بأسماء كبيرة لمعت في سماء الفنون، ليس بعدد ما قدمته من أعمال، بل سجلها التاريخ لانها كانت أسماء لفنانين ملتزمين ومنضبطين في فنونهم الإبداعية، فكانوا بحق لسان المواطن، سواء في الكتابة الأدبية او في العروض المسرحية، وبقيت أسماؤهم برغم رحيلهم معينا ننهل منه معرفة وأدبا، ومن الأسماء البارزة في هذا المجال الكاتب والشاعر محمد الماغوط، الذي احترف الأدب السياسي الساخر، وكتب العديد من المسرحيات الناقدة، التي لعبت دوراً كبيراً في تطور المسرح السياسي في الوطن العربي عموما، وفي سوريا خصوصا، كما كتب الرواية والشعر وامتاز في القصيدة النثرية التي يعد واحدًا من روادها.
ختاما اذكركم بقول رائع وملهم للفنان الشهير بابلو بيكاسو «الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية».