كه يلان محمد
صدرَ من دار فضاءات عمان –الأردن ديوان (قرصة على خد الخسارات) للشاعرة والتونسية رجاء الطالبي، يتضمنُ الديوان قصائد متفاوتة الطول والقصر إذ تأتي بعض القصائد على شكلِ ومضات شعرية تُعبرُ عن لحظة وجدانية أو فكرة مرتْ في سماء الخيال كما لايخلو قسم آخر من قصائد الديوان من نفحات نستولوجية إذ تعودُ الشاعرة إلى منجم الذكريات لتنهل منه صورها الشعرية،مثلما يبدوُ هذا الملمحُ واضحاً في المقطع الشعري الذي يحْمِلُ عنوان طريق الأحشاء إضافة إلى ذلك فإنَّ الشاعرة توظفُ في تشكيلة معظم أشعارها ضمير المُتكلم أمرُ يكسي فضاء القصيدة بسمات ذاتية يشارُ إلى أن ما خصائص الأسلوب المعاصر في كتابة الشعر هو النأي عن الطابع الشعاراتي والبهرجة اللغوية أكثر من ذلك فإنَّ مايلاحظهُ المتلقي لمايضمرُ النص الشعري في هذا الديوان هو الرغبةُ في العزلة لدى الذات المُبدعة كأنَّ الإبداع يحتمُ التبتلَ في محرابه وإلا لايُمكنُ تحويل الخسارات ولا الأُمنيات المؤجلة إلى مُفرداتٍ مُطعمة بسحر الشعر.يفتتحُ المقطع المُعنون ب(منجم الخسارات) حلقات القصائد المُتتابعة حيثُ تلمسُ في مضمونه أثرَ فلسفة نيتشة .هنا لاتستجدي الأُنثى المبدعة عطف وشفقة الآخر بقدر ماتأملُ أن تُصبحَ الخسارات مصدر القوة مُقتنعةً بما قاله فيلسوف المطرقة الضربة التي لاتموتنى تقوينى .بالطبع فإن التفاعل بين الفلسفة والشعر قائمُ لأنَّ جميع المذاهب الفلسفية هي وليدةُ العبقرية الشعرية على حدِ قول الشاعر الفرنسي (بليك).من المعلوم إنَّ التشخيص في الشعر الحديث هو إمتداد لفن الإستعارة الذي يُعتبر قواماً في بناء اللوحة الشعرية فإنَّ رجاء الطالبي تمكنت من تشخيص الحالات الإنسانية إذ تتخذُ العزلةُ صورة المِعطف الذي تتوارى وراءهُ الذات الشاعرة لكن هذا لايحولُ دون غياب ملامحها فإنَّ ماتسميه الغريب يتعرفُ عليها.فضلاً عن ذلك تعتمدُ رجاء الطالبي على المراوغة التعبيرية في العنوان مثل (أكمل بالنقصان) كما أنَّ ثيمة الطبيعة مبثوثة في مضامين مايضمهُ (قرصة على خد الخسارات).ويتوالدُ الإيقاع من خلال تكرار حروف النفي أو ممتتاليات الجمل الفعلية وبذلك تنحتُ الشاعرة أسلوباً خاصاً تحاولُ الكتابة على إيقاع العالم الجواني بدلاً من الإهتمام بمايقع خارج الذات الشاعرة.
من قصائد الديوان
ملائكة لتصلح الهواء المعطوب
أرفع عيني
مارواء النافذةِ
في عمقِ النهار
صور تمرُ برغم من ذلك
مكوكات أو ملائكة الكائن
تصلحُ الهواء المعطوب