رحلة ستين عاماً من التكية الى قصر السلام
( لقاء العمر)
تضع “الصباح الجديد” بين يدي القارئ الكريم ما يمكن أن يوصف بمذكرات للرئيس الراحل جلال طالباني، وتتميز المذكرات وهي عبارة عن بوحٍ متصل للأستاذ صلاح رشيد، بأنها صورة مفصلة بل تشريح سياسي لمرحلة حاسمة في تاريخ العراق تشمل السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وحتى يومنا هذا.
وعلى عكس ما عُرِف عن مام جلال من دبلوماسية ونزوع نحو التسويات التي عرف بها خلال ثماني سنوات من جلوسه على مقعد رئاسة الجمهورية العراقية، فأنه على العكس من كل ذلك يدلي بآراء في غالبيتها إشكالية، ونحن لا نتحدث عن المعلومات وسرد المعطيات التاريخية لعلاقته بصدام حسين وفرقه المختلفة للتفاوض مع الاكراد، بل أنه يتجاوز الى العلاقة مع إيران وسوريا والولايات المتحدة وبقية الأطراف التي كان لها تماس مع الملف العراقي في مراحله المختلفة، لكننا نتحدث عن الآراء المتعلقة بالشخصيات التي رافقته خلال مرحلة بناء الاتحاد الوطني الكردستاني وتشكيله للبؤرة السياسية في اعقاب عام (1975م) وهزيمة الثورة الكردية أثر اتفاق الجزائر بين الشاه وصدام.
وتشكل المذكرات إنارة معمقة للطريقة التي اتبعها مام جلال في معالجته للتحديات والحلول التي خرج بها لتجاوزها، ولكنها لا تخلو أيضًا من اضاءة البعد الشخصي لمام جلال مما يساعد في نهاية المطاف الباحثين السياسيين والمواطنين على حد سواء العرب والاكراد على الاطلاع على أسرار لم يجرِ التطرق اليها في الماضي.
وغني عن القول أننا في “الصباح الجديد” نعدّ هذه المذكرات شهادة تاريخية من شأنها أن تستكمل المشهد السياسي العراقي الراهن، وهي تنطوي على مفاجآت وطرائف لا يمكن لأحد من خارج الدائرة الضيقة لمام جلال أن يطلع عليها.
“الصباح الجديد” سوف تنشر القسط الأساسي من هذه المذكرات، وهي لا تتحمل مسؤولية أي آراء قد تنطوي على بعض القسوة هنا وهناك، وستحاول تخفيفها بقدر الإمكان، ونأمل أن يتجاوب الساسة الكرام في كردستان وفي الفضاء العراقي من خلال هذه العملية ويسهموا بدورهم في إضاءة بقية المشهد.
الحلقة 2
إعداد: صلاح رشيد
ترجمة: شيرزاد شيخاني
بدايات مرحلة النضال والحياة السياسية
* اضافة الى ما ذكرته من أحداث شكلت بدايات اهتماماتك بالسياسة، ماهي العوامل الأخرى التي أثرت في تكوينك وقرابتك من السياسة؟
– في تلك الفترة كان هناك رجال يهود يزورون تكيتنا ويلتقون بوالدي، وكان معظمهم يعملون بالسياسة في عام 1945 ظهر شخص عائد لتوه من الخارج، وكان يكبرنا سنا لكنه بدا متعثرا في دراسته، وكنا نعتقده للوهلة الاولى بأنه أحد المعلمين الجدد، ولكن ظهر فيما بعد أنه تلميذ مثلنا نقل الى مدرستنا، ويدعي حسام الدين طيب، وعرف فيما بعد باسم “شعب” وهو أحد أقرباء جميل شرف. لقد بدأ هو يعمل بالسياسة ويتحدث لنا عن المسائل القومية والوطنية، وكان يردد علينا دائما بضرورة أن ننظم أنفسنا ونشكل منظماتنا ونرفع علمنا القومي.. وكان يختبرنا واحدا واحدا من خلال دفع أحدنا الى الخروج ليلا الى المقبرة لرفع علم كردستان فيها، كان يريد بذلك أن يحررنا من الخوف والتردد، ولقد نجحت أنا في الاختبار حيث ذهبت الى المقبرة ونصبت العلم، لأنني بالأساس كنت من أبناء القرية ولم أكن أخاف الظلام أو زيارة القبور ليلا، لقد تفوقت على ثلاثة أو أربعة من الطلاب المشاركين بالاختبار، وللاطمئنان ذهب حسام الدين بنفسه الى المقبرة للتأكد من نصبي العلم، وبعد أن تبين له ذلك قربني منه وأصبحت أحد مريديه المفضلين.
في العطلة الصيفية للعام الدراسي 1945- 1946 حدث تطور لافت في حياتي، وهو رجوع عدد من طلاب الكليات الى كويسنجق، وكانوا جميعا يتحلون بروح قومية ووطنية، ولم تكن قد أنشئت جامعات في تلك الفترة، بل كانت الكليات تعتبر أعلى مراحل الدراسة، في تلك الأثناء كان الحزب الديمقراطي الكردستاني في طور التأسيس، وكان المرحوم عمر دبابة أحد هؤلاء العائدين الى كويسنجق وكان مشهورا على نطاق واسع بالمدينة، وله هيبة وتقدير من الناس، وكنا ذات يوم جالسين معا في مقهى “حمه رق” وكان يعلم بأنني طالب مهتم بالقراءة وأحفظ الأناشيد، وحينما لمحني ناداني فذهبت اليه، وسلمني مجموعة من الصور والمقالات، منها صور الملا مصطفى و القاضي محمد و كذلك بيان تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني المطبوع في مطابع مهاباد، حيث كتبه همزة عبدالله باللغة العربية.
* هل كانت هناك أي مراكز ثقافية أو سياسية بالمدينة”.
– كانت في كويسنجق مكتبتان فقط، الأولى مكتبة الحاج قادر الكويي التي كانت تابعة لجماعة الحزب الديمقراطي، والثانية مكتبة كويسنجق التابعة للحزب الشيوعي. نحن كنا متأثرين بهما معا، أنا عن نفسي كنت على علاقة مقربة مع الأخ فاتح رسول وجلال بيتوشي وأخيه عزيز، حيث كنا زملاء الدراسة، وكان فاتح وجلال يحاولان أن يكسبونا الى صفوف الحزب الشيوعي، ولذلك جعلوني مشتركا بمكتبة كويسنجق وكنت أدفع شهريا مائة فلس بدل الاشتراك لكي أدخل المكتبة وأستعير كتبها، كما كنت في الوقت نفسه مشتركا بمكتبة الحاج قادر الكويي.
* ما هو تأثير النهج الشيوعي السوفيتي على تطور حياتك السياسية في تلك المرحلة؟
-لم أكن قد حسمت أمري للاختيار بين أي من الفريقين، لكني كنت متأثرا بانتصارات السوفييت ونصرتها لجمهورية مهاباد، في تلك الفترة انتشرت أشعار الشاعرين الكبيرين هزار وهيمن، وكنا نحفظها. منها:
يعيش ستالين ، والمطرقة والمنجل
حرروا الكرد من حكم الاستبداد
وكذلك قصيدة أخرى كتبت في مدح السوفييت.
كانت الأجواء في تلك الفترة توحي بأن السوفييت هم الذين حرروا الكرد، وأن الدولة الكردية ستتشكل بفضل دعمهم، وكانت أخبار جمهورية مهاباد تثير حماسة الشعب وتؤثر في قلوب الشباب ونفوسهم، وكنت أميل الى الشيوعيين وأتأثر بأفكارهم الى أن خاضوا نقاشات حول ما إذا كان الشعب الكردي أمة، أم لا؟هذا الجدل أثر على أفكاري، وخضت بسببها نقاشات عديدة معهم. في ذلك الصيف انتقلت من الصف الخامس الابتدائي الى السادس، وكان الأخ عمر دبابة يعطيني بين فترة وأخرى بعض المنشورات، وفي إحدى المرات ذهبت اليه وسألته: ان كان الكرد أمة أم لا؟، فشرح لي معنى القومية وقال “نعم الكرد هم أمة”و وشرح لي أيضا أفكار ستالين بهذا الصدد.
كنت سعيدا بانجلاء هذا الموضوع، فقد كانت مشاعري القومية قد بدأت تتدفق، ولذلك كنت أخوض في مثل هذه المسائل مع الشيوعيين، وكنت في جميع الاجتماعات التي يعقدها معنا الأخ فاتح رسول مصرا على أن الكرد هم أمة واحدة، وأن له حق تقرير المصير، وكانوا عندما يتطرقون الى مسألة الحزب الطليعي وضرورة قيادته لطبقة العمال و الفلاحين، كنت أقبل منهم ذلك بشرط أن يكون هذا الحزب يسعى الى تحرير العمال والفلاحين و أرض كردستان معا.
لهذه الأسباب خرجت من حلقات التوعية التابعة لهم، ووليت وجهي شطر البارتي..وهكذا كان الأخ عمر دبابة يجتمع بنا ويثقفنا، وحين فتحت أبواب مدارسنا كان معظم معلمينا ينتمون الى البارتي، وهؤلاء بدورهم أثروا في أفكاري.
في تلك الفترة جاءنا معلم جديد يدعى (كمال عبدالقادر نشأت) وكان بالأًصل من مدينة كويسنجق لكنه ترك المدينة بسبب وظيفة والده ثم عاد إلينا، وكان يدرسنا مادة “الرياضة” ويوليها إهتماما كثيرا، لم أمارس الرياضة إلا لعبة تنس الطاولة، ولذلك سلمني هذا المعلم مقاليدها و كنت أساعده في تعليم الطلبة الراغبين بها، ولذلك كان يدعوني في بعض المرات كمسؤول اللعبة.
بدء العمل السياسي
* كيف بدأت حياتك السياسية؟
– كان لي صديق يدعي وريا ملا علي كانيماراني يكبرني سنا وجاءنا من القرية، وكان يأخذنا الى منزله، وكان يشجعنا على الانتماء للحزب، وفي تلك الفترة كنا نتحضر لإعلان إضراب في مدرستنا.كنت في الصف السادس الابتدائي حين أعلنا الإضراب ضد أحد معلمينا، كان هذا المعلم سيء الخلق يراود الطلاب عن أنفسهم، ولذلك احتججنا على تصرفاته وأعلنا الإضراب، وكنت أقود المجموعة المضربة التي رشحتني لأكون المتحدث باسمهم، وذهبنا الى مدير المدرسة وقدمنا له الخطاب الذي كتبناه، ونصحنا المدير قائلا “أنتم طلبة مجتهدون، ولكي تحققوا النصر في مسعاكم يجب عليكم أن تكونوا منظمين”، وساعدنا هذا المدير لتأسيس جمعية للطلبة. وأتذكر بأننا سمينا الجمعية باسم جمعية الطلبة التقدميين، وكانت الجمعية قد وقعت تحت تأثيرات البارتي وكنت أنا من أشطر طلبة الجمعية، أو لنقل بأنني كنت المشرف عليها.
في شتاء عام 1947، كان الأستاذ طاهر سعيد يدرسنا مادتي الحساب واللغة الانجليزية، وكان رجلا ذكيا وواعيا، دعاني ذات يوم مع وريا الى منزله وطلب منا الانتماء الى الحزب الديمقراطي وجاءنا باستمارة الإنتماء فملأناها له، وفي كانون ذلك العام أًصبحنا أعضاء في الحزب وأخذت الاسم الحركي “ئاكر” يعني (النار)، ووريا أخذ اسم “بشكو” يعني (الجمرة)، كنت حينذاك في الصف السادس الإبتدائي وكان وريا يكبرني سنا، لذلك عندما كنا نتأخر باجتماعاتنا الحزبية كانوا يوصون وريا لإيصالي الى البيت.. كنت في تلك الفترة شغوفا بالعمل الحزبي، وكلما تسلمت بيانا أو منشورا حزبيا جديدا كنت أدخل الغرفة وحدي وأقرؤها، حتى أنني أتخلف عن الطعام عندما أنغمس في قراءة تلك البيانات. أتذكر من الذين زاملوني في الدراسة ويعملون معي في الحزب أيضا، كلا من جمال الحاج طاهر الكويي ومحمد ملا صادق وكريم شيخاني وخالد سعيد وواحد سعيد ومجيد الحداد وآخرين.
جمهورية مهاباد
* سقوط جمهورية مهاباد هل كان له تأثير عليكم؟
– بالطبع.. حين تلقينا في ربيع عام 1947 خبر سقوط الجمهورية تأثرت كثيرا وخاصة أنه كانت هناك علاقة مترابطة بين كويسنجق ومهاباد عبر انخراط بعض أبناء كويسنجق في تأسيس الجمهورية، منهم الرئيس بكر عبدالكريم الحويزي ومصطفى خوشناو، بالأضافة الى عريف في الجيش ذهب الى هناك لكنه لقي حتفه تجمدا من البرد أثناء عودته، وكذلك محمد توفيق وردي الذي كان أحد معلمينا في الصف الرابع وهرب الى مهاباد ثم عاد، وكذلك دلشاد رسولي وهو معلم وكاتب يحرر في مجلة كلاويز، و وردي ودلشاد قد قبض عليهما لكن أخلي سبيلهما فيما بعد، وكان وردي جارنا وظل على ولائه للحزب الشيوعي ولكن دلشاد رسولي مال نحو البارتي. كان هؤلاء يحدثوننا عن جمهورية مهاباد وما حدث هناك ولماذا واجهت ذلك المصير، وعليه فقد أصبحنا نكره إيران ونعتبر الشاه وحشا، خاصة بعد أن أقدم على إعدام القاضي محمد، وأتذكر يوم إعدامه جيدا، حيث أقمنا له مراسيم التعزية واتشحنا السواد وأظهرنا حزننا عليه بوقف جميع مظاهر الفرح من الاغاني، ووقفنا في المدرسة دقيقة صمت إجلالا لروحه الطاهرة. كان سقوط الجمهورية كارثة قومية حقيقية، حيث تأثر به الجميع، وعد الحدث خسارة قومية كبيرة بالنسبة للشعب. في ذلك الوقت عاد عدد من البارزانيين من مهاباد الى كردستان فيما مضى آخرون نحو الاتحاد السوفييتي، وإستقر عدد من هؤلاء العائدين في مدينتنا كويسنجق. كنت أعتبر الملا مصطفى في ذلك الوقت شخصا مهيبا له قدسية أقل بقليل من قدسية مكة والمدينة بالنسبة للمسلم، حيث ينظر اليه كأحد الأبطال الشعبيين الشجعان، إحتل مكانة خاصة في قلوبنا ونفوسنا، حتى انني أتذكر إمرأة بارزانية كانت تتسول، وحين إقتربت منها أرتني شعيرات قالت بأنها للملا مصطفى، فساومتها بدينار دفعته لها، وكان الدينار في ذلك الوقت له قيمة كبيرة ولم أك أملك غيرها، ولكني اشتريت شعيرات بارزاني منها اعتزازا به.. كما أتذكر وصول عائلتين أو ثلاثة من البارزانيين الى كويسنجق وسكنهم في إحدى القرى التابعة للعائلة الطالبانية.
* أي سنة نستطيع أن نعدّها بداية مرحلة عملك السياسي تحديدا؟
– لقد دخلت معترك العمل السياسي منذ عام 1947، وأقصد العمل السياسي المنظم، كنت قبلها أعمل في إطار جمعية الطلبة التقدميين، ولكن في عام 1947 أصبحت عضوا فعالا في تنظيمات البارتي اي الحزب الديمقراطي الكردي العراقي.
كانت هناك خلافات بين البارتي والشيوعيين في تلك الفترة، ولكن حين تم إعدام الضباط الأربعة في 19 حزيران 1947 وهم (مصطفى خوشناو وعزت عبدالعزيز وخيرالله عبدالكريم ومحمد القدسي)جمعنا علي عبدالله نحن الطلاب الحزبيين وطلب منا إعداد الأناشيد الوطنية والتهيؤ للمظاهرة، وطلب من الجميع المشاركة وخاصة أن مصطفى خوشناو كان يعد من أهالي كويسنجق، ولكن تم نقل جثمانه الى السليمانية لدفنها بمقبرة سيوان، وفعلا خرجت جماهير المدينة بتظاهرة احتجاجية كبيرة ألقيت خلالها قصائد تعود لأشهر الشعراء منهم الشاعر الكبير بيرة ميرد وكامران موكري وفائق بيكةس وكانت القصائد حماسية وثورية.
وفي صيف ذلك العام بدأت الدراسة بالصف السادس الابتدائي وحصلت على عدد من الكتب العربية التي كانت نادرة في تلك الفترة، وكنت أحد المشتركين بجريدة الاهالي التي تصدر بالعربية في بغداد.
* لماذا جريدة الأهالي تحديدا؟
– كانت الأهالي تصدر في بغداد ويملكها المرحوم الأستاذ كامل الجادرجي وكانت لسان حال الحزب الوطني الديمقراطي العراقي، ورغم ذلك كانت جريدة واسعة الإنتشار، من خلالها تحسنت لغتي العربية، وألجأ في بعض الأحيان الى معلميني أو مدير المدرسة لبيان معاني
بعض الكلمات المبهمة عندي وفي تلك السنة أيضا حصلت على كتاب باللغة الإنكليزية و كان للحاج عبدالباقي الذي يدرس في كلية الملك فيصل ويعرف الإنكليزية جيدا. كانت كلية الفيصل عبارة عن مدرسة ثانوية في بغداد تقبل فقط الطلبة المتفوقين، وكانت الدروس تلقى باللغة الإنكليزية، وكان عبدالباقي قد جاء معه بكتاب عنوانه (ستالين يكتب عن لينين) وكان الكتاب يحمل صورتين للينين و ستالين و وثائق تتحدث عن لينين، كنت أقرأ الكتاب وأحفظ جمله ولكني لم أكن أفهم معناها ماعدا بعض الجمل القليلة منها “لينين هو معلمنا”.
وأعتقد بأن ذلك العام أي 1947 هو العام الذي حدد مسار حياتي السياسية لاحقا، حيث كنت عضوا في البارتي، وأقرأ كل ما يقع بيدي من الكتب باللغتين الكردية والعربية وأشترك في بعض المجلات والجرائد التي كانت تصدر حينذاك.
مجلة كلاويز
*ما هو تأثير مجلة كلاويز والصحف الصادرة عليك في تلك المرحلة؟
– كانت كلاويز مجلة ذائعة الصيت وواسعة الانتشار، ويرأسها الأستاذ ابراهيم أحمد ويدير تحريرها الإستاد علاءالدين سجادي و صدرت في بغداد من سنة 1939 الى 1949، وكان لها دور كبير وفاعل في إشاعة الروح القومية بصفوف المثقفين والتقدميين والديمقراطيين الذين كانوا يناضلون ضد الفاشية وكذلك بصفوف المنحازين الى الفكر الاشتراكي. وكان لها دور مهم وكبير أيضا في إحياء الأدب الكردي وصياغة جمل جديدة وإضافتها الى اللغة الكردية، وكنت أقرأها من بدايتها الى نهايتها، كانت مجلة نافعة جدا لإحياء اللغة الكردية.
وأما عن الصحف الأخرى فقد كانت هناك جريدة الشعب المملوكة ليحيى قاسم وجريدة الوطن التي يصدرها حزب الشعب وصاحبها عزيز شريف، والاتحاد لسان حال حزب الاتحاد الوطني برئاسة عبدالفتاح ابراهيم. وكانت هذه الصحف بمتناول يد القراء حتى لو لم يكونوا مشتركين فيها، كان بالإمكان قراءتها في المكتبات وكنت أحد قرائها، وكانت لغتي العربية جيدة لفهم الكثير مما نشر فيها، ومن خلال تلك الصحف تعرفت على كلمات عربية جديدة ، فيما بقي بعضها مبهما عندي فأسال المعلمين عنها.