مايكل يونغ
مطالعة دورية لخبراء حول قضايا تتعلق بسياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسائل الأمن.
سارة ليا ويتسن | المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش
– تتواصل الحرب في اليمن، لكن ثمة في الواقع بعض الأطراف الفائزة.
على صعيد الخسائر البشرية، تُجسّد الحرب في اليمن مشهد الأكلاف المطلقة: فملايين اليمنيين يعانون المجاعة، وأكثر من 17 ألف شخص سقطوا بين قتيل وجريح، والبنى التحتية تحوّلت إلى ركام، فالمستشفيات والعيادات والمدارس والمصانع والمنازل وحتى الجامعات تعرّضت كلّها إلى القصف والهجمات الجوية العشوائية، والقصف المدفعي طال المدنيين، ما عرّض قادة الأطراف المتحاربة إلى المساءلة الجنائية، كما باتت سمعة السعودية العالمية أشلاء، على الرغم من وجود جيش من شركات العلاقات العامة التي تعمل بلا هوادة نيابة عنها.
مع ذلك، شكّلت حرب اليمن نعمة مالية ضخمة بالنسبة إلى المقاولين الأميركيين والبريطانيين في قطاع الدفاع (وحاملي الأسهم في شركاتهم). فقد فاضت خزائن شركات مثل ريثيون، وجنرال دايناميكس، وبي إيه إي سيستمز بعشرات مليارات الدولارات، بفضل مبيعات الأسلحة إلى عملائها الأغنياء، كالسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقد استخدمت هذه الشركات بحنكة جزءًا من أرباحها للضغط على حكوماتها بهدف الموافقة على عمليات البيع هذه، على الرغم من وجود أدلة دامغة عن سوء الاستخدام المتكرر لهذه الأسلحة في هجمات غير قانونية قد تؤدي إلى حظر مثل هذه العمليات. ويُعتبر الخوف من فقدان مبيعات الأسلحة اليوم الأساس المَرَضي الذي تستند إليه أميركا للإعلان عن أن التحالف الذي تقوده السعودية «يعمل على الحدّ من الإصابات في صفوف المدنيين».
أحمد ناجي | باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مُتخصّص في الشؤون اليمنية
– ثمة فائز واحد فقط في هذه الحرب وهو الفوضى. فمنذ بداية النزاع في أيلول/سبتمبر 2014، دفعت الأطراف المتحاربة المحلية كافة ضريبة باهظة للغاية، على الصعيدين البشري والمادي، من دون تحقيق فوز ملموس، بل على العكس، أقل ما يمكن أن يُقال عن الوضع في اليمن اليوم، أنه أزمة مروّعة من صنع الإنسان، أزمة عاثت في البلاد دماراً وخراباً، وقذفت ملايين الناس إلى أشداق المجاعة والأمراض والظروف الاقتصادية الكارثية.
أيضاً، وعلى الرغم من حقيقة أن بعض الأطراف حقّقت بعض التقدّم العسكري على الأرض، إلا أن هذه الانتصارات قصيرة الأمد لم تكن حاسمة، لابل أدّى هذا إلى مزيد من الاضطرابات، ما يسهّل اندلاع نزاعات داخلية بين أمراء الحرب من شتى الفصائل. هذا ما حصل بين الفصائل الجنوبية في عدن، على سبيل المثال، في أعقاب ما سُمِيَ «عملية تحرير عدن». وكان واضحاً أيضاً في النزاعات التي اندلعت بين مجموعات المقاومة في تعز، وحتى في صنعاء بين الحوثيين وقوات الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، التي أدّت إلى اغتيال هذا الأخير. نتيجةً لذلك، أصبح النزاع اليمني أكثر فأكثر حرب الجميع ضدّ الجميع.
لدى كل من التحالف الذي تقوده السعودية، من جهة، وإيران، من جهة أخرى، أجندته الإقليمية الخاصة، مع الإشارة إلى أن أياً منها لا يشمل إرساء الاستقرار في اليمن. فهذه الأطراف تستثمر في الحرب، وإذا ما توقفت، ستكون هذه خسارة للطرفين.
شيلا كارابيكو | أستاذة العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة ريتشموند، ومؤلّفة كتابCivil Society in Yemen: The Political Economy of Activism in Modern Arabia (المجتمع المدني في اليمن: الاقتصاد السياسي للنشاط المجتمعي الحديث في الدول العربية الحديثة) (منشورات جامعة كامبريدج، 1998) ومحرّرة كتاب Arabia Incognita: Dispatches From Yemen and the Gulf (اليمن المجهول: تقارير من اليمن والخليج) (منشورات Just World Books، 2016)
– لن تقود الحرب إلى أي انتصار عسكري حاسم وصريح. فجماعة أنصار الله، المعروفة بالحوثيين، غير قادرة على إلحاق الهزيمة بالقوات الجوية والبحرية القوية أو على حكم البلاد بكفاءة. وعلى الرغم من الدعم الأميركي أو البريطاني أو من سائر دول الناتو، إلا أن الحملة التي تقودها المملكة العربية السعودية لإعادة منح الحكومة اليمنية في المنفى – التي يُزعم أنها تحظى بـ»اعتراف دولي» لكنها مُطاح بها، وحكومة سيئة السمعة – نفوذاً حقيقياً في جميع أنحاء البلاد هي مجرّد أضغاث أحلام. يُضاف إلى ذلك أن أهداف كلٍّ من السعودية والإمارات العربية المتحدة أصبحت متنافرة باطّراد، بسبب تدخّل الإمارات الأحادي في الحركة الانفصالية الجنوبية.
إذن، لا أحد «ينتصر».
وهل ثمة منتفعون؟ طبعاً. فصنّاع الأسلحة من أميركيين وبريطانيين يجنون أرباحاً طائلة. كما أن المهرّبين والعصابات المسلّحة والمسؤولين الفاسدين وبعض رجال الأعمال في المناطق قليلة السكان في شرق اليمن وجنوبه، يفيدون من الأنشطة السرية أو من الاستثمارات السعودية والإماراتية واسعة النطاق في بناء خط أنابيب ومرافئ، أو من الاثنين معاً. كذلك، قد تجني الشركات الخليجية (أو الدولية) أرباحاً مالية أو مكاسب استراتيجية كبيرة في شبوة أو مأرب حضرموت أو المهراة أو جزيرة سقطرى.
أما الخاسرون، فهم معظم اليمنيين البالغ عددهم 28 مليون نسمة.
ديفيد بي. ديروش | أستاذ مشارك في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن العاصمة
– من اليسير للغاية معرفة الخاسرين في الحرب اليمنية، لكن من العسير للغاية معرفة الرابحين. بالطبع، تمكّنت إيران من لجم جزء كبير من القدرات العسكرية السعودية والإماراتية، من دون أن تتكبّد سوى النزر اليسير من الأكلاف. وهذا يجب عدّه فوزاً، مع أنه قد يسبّب بعض المتاعب مستقبلاً.
ويبدو أن ثمة طرفين يحقّقان نجاحاً في اليمن. الفائز الأول هو قطر، التي شاركت في التحالف (وتكبّدت العديد من الضحايا) إلى حين وقوع الأزمة مع مجلس التعاون الخليجي. وبالتالي، أظهرت قطر أنها ستسهم في الجهود المبذولة في اليمن لو طُلب منها ذلك، لكنها تستطيع الآن انتقاد الحملة العسكرية كمراقب خارجي. أما الفائز الثاني فهو وحدات الدفاع الجوي السعودية والإماراتية. فقد أسقطت مُجتمعةً ما يربو على 200 صاروخ، وأثبتت أنها القوات الأكثر كفاءة من نوعها في العالم.
مركز كارنيغي