طغى التواصل عبر العالم الافتراضي
بغداد – زينب الحسني:
تشكو الكثير من النساء من اهمال الزوج الذي يجلس في ركنه المعتاد لا يحرك ساكناً وكأنه من عالم آخر ممسكاً «بالموبايل « بكل ما أوتي من قوة يقلب ويقلب ويتجول من موقع الى موقع أخر، متناسياً أن له أسرة تشاطره المنزل وتطالبه بالرعاية والاهتمام في الساعات القلائل التي يقضيها بالبيت بعد عودته من العمل وأنهاء جميع أوقاته الخاصة المتعلقة بالأصدقاء.
في الوقت ذاته هناك انسانة غارقة بمتطلبات المنزل فما بين التدريس والطبخ وقضاء حاجات أولادها منغمسة تبحث عن وقت إضافي لتتمم عملها بأكمل وجه.
شتان مابين من يقضي وقته بالتعليقات وسماع النكات أو « التحشيش « كما يطلق عليها، وما بين «سوبر مان « البيت التي تحاول إرضاء جميع الأطراف من دون ملل او شكوى او حتى تذمر من ما هي عليه من اهمال من قبل الزوج الذي تجرد من جميع المسؤوليات.
روتين يومي يكاد يتكرر في أغلب البيوت العراقية فالأم ليس من حقها الانشغال بتصفح هاتفها الخلوي كونها ستعد اماً مهملة وغير مقدرة للمسؤولية التي تقع على عاتقها على عكس الاب الذي من حقه استغلال وقته كيفما شاء ومع من يشاء، لا يحاسب على اهماله او أخطائه.
أستمد الزوج سلطته من قيم المجتمع الذكوري الذي يشبه الرجل بالإله واوامره مجابة وغير قابلة للنقاش، فيما تظل المرأة هي الجارية المتوارثة والمسخرة لتلبية طلباته حتى وأن كانت خارج نطاق المعقول أو الممكن.
أم وأب يجمعهما سقف واحد، كل منهما غارق في عالمه الخاص بالرغم من عدة روابط اجتماعية واسرية تحتم عليهما التفاعل مع كل ما يحيط بهما بنحو إيجابي.
الأب هجر المسؤولية والقآها على عاتق الام، والام رضخت مستسلمة كونها لا تملك الخيار.»الصباح الجديد» كان لها وقفة لمعرفة آراء ذوي الشآن.
تجاهل الاسرة
ام علي ربة منزل تقول: لا يختلف الاب المدمن على الخمر عن الاب الذي أتخذ من العالم الافتراضي ملاذاً له اذ كلاهما يخوض في عالمه منفرداً متجاهلاً وجود أسرة وبيت يلزمه بأداء واجباته اتجاههم.
أذ لا يرى الابناء ذويهم الا من خلال نشرهم منشوراتهم على موقع التواصل الاجتماعي ليعلقوا أو يعجبوا بها، وليقولوا لهم ما زلنا هنا وأن باعدنا الواقع وقربنا الافتراضي.
ومما ترتب على هذا الوضع تزايد حالات التفكك الاسري والانفصال تاركين خلفهم أبناء كتب عليهم ان يتحملوا وزر أبائهم المتصفحين وأمهاتهم السلبيات الراضخات.
لا يمكن التعميم
علي عبد العظيم « معلم « يقول: لا يمكن ان نصف جميع الرجال بأنهم مهملون وليسوا قادرين على تحمل المسؤولية، غير ان عددا منهم يفضل الهرب من الواقع بحثاً عن متعة معينة، لا تكلفه الكثير متناسياً ان له منزلاً واولاداً يحتاجون الى رعايته. وهنا المشكلة تكبر في حال شكت الزوجة الى أحد ذويها وسيهاجمها ويبدأ بوصفها هي المهملة والتي أخرجت اسرار المنزل.
دراسة حديثة
كشفت دراسة اجتماعية حديثة: أن سوء استعمال شبكات التواصل الاجتماعي وإدمان التكنولوجيا، يزيد من نسبة الخلافات الزوجية، مؤكدة إمكانية تطور تلك الخلافات إلى انفصال الزوجين وطلب الزوجة خاصة، الطلاق.
وتشير الدراسة إلى أن مواقع التواصل أضحت في مقدمة أسباب إنهاء العلاقات الزوجية، متفوقة على ما كان سائداً في الماضي، اذ كانت الخيانة، لعب القمار أو شرب الخمر عاملاً رئيساً في تدهور العلاقات.
أن الشخص عندما يرى الطرف الآخر يتصفح باستمرار الشبكات مثل «الفيس بوك» تتكاثر لديه الشكوك سائلًا نفسه «لماذا يتصفح تلك الشبكات بكثافة؟».
ويبدأ النقاش بينهما عن الجنس الآخر الذي قام بالإعجاب أو التعليق على منشوراتهم، ومن ثم تفقد الثقة بينهما، وينتهي الزواج من أجل لأشيء «عبثًا».
خبراء يحذرون
في حين حذر خبراء العلاقات الزوجية من أن مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما الفيس بوك، قد تكون مدمّرة للعلاقات الزوجية، فلكل تطوّر حسنات وسيّئات تماماً كما هو الحال مع الطعام، ففي الوقت الذي نعد فيه بعض الأطعمة جيّدة ومفيدة للصحة وشهية إلا أن لها بعض الأضرار للجسم والتي يجب تفاديها.
وبالتالي فإن التطور نفسه قد يكون إيجابيًا من ناحية، وسلبيًا من الناحية الأخرى، وهو ما يستوجب إدراك الناحيتين لمعرفة التصرّف بحكمة مع الموضوع.
مارك يقول
يقول مؤسس شركة فيس بوك ومالكها ، مارك زوكربيرغ إنه ، ما أن يلتقي الأشخاص من حول العالم، في شبكة واحدة فإن هذا بحد ذاته أمر رائع ويمكننا من القيام بالكثير من الأمور.
إلا أن أحد أبرز التأثيرات السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي والفيس بوك التي تلقي بظلالها على حياة الأزواج تتمثل بعدم الشعور بالأمان إلى جانب انعدام الرومانسية من الحياة الزوجية، بسبب كثرة تواصل الأزواج مع أشخاص آخرين حول العالم وبينهم غرباء.
هذا إلى جانب كون المواقع الاجتماعية تستبدل بطريقة أو بأخرى العلاقات الإنسانية، وجهًا لوجه.
الفراغ العاطفي
يبرر اختصاصي اجتماعي لجوء البعض من الأزواج للدخول في علم تلك المواقع، على الرغم مما تسببه من مشكلات زوجية وخلافات أسرية، إلى أن هذه النوعية من الأزواج غالباً ما يعانون الفراغ العاطفي أو أن حياتهم غير المستقرة أو أنهم يقوم بذلك لمجرد التسلية وإشباع رغباته.
ويقول: كل هذه الأمور مرفوضة ولا تبرر الخيانة الزوجية عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لأنها تهدد السلم الأسري والسكينة والرحمة، ليحل مكانها التشتت والانفصال، وتلك الوسائل لو استعملت بطريقة صحيحة لما وصلنا إلى أن تمتلئ ملفات المحاكم بالكثير من قضايا الخيانة الزوجية وحالات الطلاق بسبب تلك المواقع.
العائلة اولاً
الباحثة الاجتماعية زمن القيسي تؤكد: أن الإنترنت وخاصة استعمال صفحات التواصل الاجتماعي، يؤثر على الحياة الزوجية بنحو عام،
وتوصى القيسي الزوجين بان يكونا حريصين على عدم استعمال الإنترنت إذا كانا معاً ، أو إذا كانت العائلة مجتمعة.
وأضافت هناك أوقات يجب أن يتوقف فيها الزوج عن استعمال الإنترنت أو أي من الأجهزة الذكية، ليس من باب المثالية، بل من باب الانتباه على ما يمكن أن يسبب في العزلة والابتعاد، واهمال اسرته ِ