الخطر يمتد الى اللغة

اللغة العربية، أكثر اللغات تداولا في مجموعة اللغات السامية، اذ يتحدث بها أكثر من 467 مليون شخص.
وللّغة العربية أهمية ومكانة خاصة لكونها لغة القرآن، واللغة التي يتحدث بها المصلون في اثناء صلاتهم ودعائهم للباري الرحمن، وتعد أيضا لغة شعائرية رئيسة لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، متعدد الاديان.
اللغة العربية تتعرض اليوم الى شيء أستطيع ان أطلق عليه حملة تشويه وتخريب، يمارسها عدد كبير من الافراد والمؤسسات على حد سواء.
إحدى الوكالات الإخبارية العربية قامت باستبدال الالف المقصورة بالياء، فتحول حرف الجر على، الى اسم علي، والفرق ما بينهما ناءِ. فحين تكتب ان فلانا جلس على .. يأتي بعدها طبيعة ونوع المكان الذي جلس عليه، اما ان تكتبها جلس فلانا علي، فيمكن ان تحسبه جالسا عليك، فكيف للقارئ ان يفهم ما كنت تعنيه بجملتك تلك.
موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ساهم دون قصد بهذا التشويه بسبب بعض الفطاحل من مرتاديه، فتحولت “لكن” الى لاكن، و”فعلا” الى فعلن. والمصيبة ان هاتين الكلمتين الأخيرتين لا معنى لها، وبما يكرس للخطأ بهما بنحو كبير.
كشف فيس بوك عدد الأميين ومن شتى الاعمار، من خلال لغتهم الركيكة والاملاء الضعيف حد اللامعقول.
ومع ان عددا من الأميين تعلموا الكتابة والقراءة من اجل التواصل مع الاخر، الا انهم أحد اهم أسباب القضاء على جمال اللغة العربية الذي يصفه البعض بالآسر. فقد قلبوا موازين الكلمات وصورها بشكل فظيع وغير مقبول البتة.
المشكلة الأكبر بمن كتب وصفا مع اسمه، شاعرا او كاتبا، او فنانا، ويكتب أسطرا تعريفية عن نفسه، وتكون مليئة بالأخطاء الاملائية والقواعدية غير المعقولة.
اللغة العربية من أغزر اللغات من حيث الشفافية والدلالات اللغوية، وقد يكون هذا ما ساعد على انجاب فطاحل الشعراء في الأمة العربية، اذ يحوي معجم لسان العرب لابن منظور من القرن الثالث عشر معاني أكثر من 80 ألف كلمة، وهذا عدد يسير من مجموع كلمات العربية، في حين ضم قاموس صموئيل جونسون- وهو من أوائل من وضع قاموساً إنجليزياً من القرن الثامن عشر- 42 ألف كلمة.
لكن ومع تعدد المفردات وتعدد مرادفاتها وتضادها، تعددت اشكال الأخطاء اللغوية والقواعدية، فمن المسؤول عن هذا التخريب، هل هو الفساد الإداري الذي ينقل الطالب من مرحلته الدراسية الى مراحل اعلى، قبل ان يتقن كتابة ونطق لغته الأم؟ ام انها المؤسسات التعليمية؟..والمفارقة ان المؤسسات الاعلامية انضمت الى جوقة المخربين والجهلة غير العارفين بأصول وقواعد اللغة؟
أسباب عديدة، قد تكون المدرسة والاهل أساسها، ناهيك عن الاعلام الذي وضع له قدما في طريق التشويه هذا، لكن هل من مفر للخروج من هذا الطريق الاعوج، الذي قد يكون امتد الى كل مفاصل حياتنا، لكن ان يمتد الى اللغة أيضا، فذلك يعني انه انحدار مطلق، وتخريب عام.
اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل بين البشر، بل هي وسيلة نتعرف من خلالها على أفكار، وحياة، وآراء، ورؤى من حولنا، فالترجمة لا تعني نقل الكلام من لغة الى لغة أخرى فحسب، لأني بلغتي اترجم افعالي، واترجم سلوكي واسبابه، اترجم حبي وولائي، وبغضي واستنكاري، اذن، الا تستحق هذه اللغة الرائعة اهتماما واحتراما أكثر؟
أحلام يوسف

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة