الصراع المسيحي على الحصص الوزارية يتزايد
متابعة ـ الصباح الجديد :
وضع وزير الخارجية اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، معياراً جديداً لتشكيل الحكومة الجديدة، يتمثل في منح الكتل النيابية وزيراً مقابل كل خمسة نواب، ما يعني أن كتلته تحصل على ستة وزراء، بينما تحصل كتلة «القوات اللبنانية» على ثلاثة، وهو معيار رفضته «القوات» التي أكدت أنه ليس باسيل من يضع المقاييس والمعايير للحكومة، بل رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، مشددة على أن المقياس الوحيد المعمول به هو «المقياس الشعبي الانتخابي» الذي يمنحها ثلث عدد الوزراء المسيحيين.
وجاء موقف باسيل غداة أجواء من التفاؤل أضفاها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة ليل الخميس الماضي، قال فيها بأن الحكومة ستتشكل خلال 10 أيام، وأنه يواصل مفاوضاته لتذليل العقد التي تحول دون تشكيلها.
غير أن تصريحات باسيل أعادت خلط الأوراق أمس الاول الجمعة ، وهو ما دفع أمين سر «تكتل الجمهورية القوية» (كتلة القوات) النائب السابق فادي كرم، لانتقاد باسيل من غير أن يسميه، قائلاً عبر حسابه على «تويتر»: « من مناورة لمناورة… ومن إفشال لإفشال. وتستمر المسرحية التسلطية على حساب الاقتصاد الوطني ومصالح الشعب اللبناني… لا هم لديه إلا سيطرته على كل القرارات لتمرير الملفات… والعائق أمامه القوات… نعم هكذا مسؤولين يراهنون على العرقلة».
وقال باسيل في مؤتمر صحافي: «إننا قد نكون في المرحلة الأخيرة قبل ولادة الحكومة إذا اعتمدنا المعايير الصحيحة»، مشيرا إلى أن «المعيار العادل هو وزير لكل خمسة نواب، لأننا لو اعتمدنا معيار أربعة وزراء لاحتجنا إلى 38 وزيرا». وقال: «نريد حكومة وحدة وطنية، لكن ذلك لا يعني أن نقبل بالابتزاز أو بلعبة إفشال العهد».
وأضاف: «أتحدى من يقول إنني قمت بمبادرة لتشكيل الحكومة، إذ أنها مهمة رئيس الحكومة المكلف لكننا نطالب بمعيار العدالة السياسية في التأليف». وأكد «أننا معنيون بالعقدة الدرزية لأن طلال أرسلان جزء من تكتل لبنان القوي»، مشيرا إلى أنه «لا علاقة لنا بما يسمى العقدة السنية في تأليف الحكومة لأن ذلك من مهمة الحريري ولم نعامله كما عاملنا».
وأعلن أن استهداف حصة الرئيس هو أمر استراتيجي خطير، ونحن نتنازل بكل شيء فيما يتعلق بعقدة القوات على عكس ما يسوق البعض، ويحق للقوات ثلاثة وزراء، مشيرا إلى أن عدد وزارات الدولة المخصصة للمسيحيين معروف، فلماذا تكون جميعها من حصتنا؟، مؤكدا أننا نريد «اتفاق معراب» كاملا.
وقال: «لم يكن لدينا في أي يوم مشكلة بتولي القوات حقيبة سيادية، لكن هناك فيتو وطني في مكان آخر لا علاقة لنا به. وموضوع تسمية نائب رئيس الحكومة حق لرئيس الجمهورية وفق العرف. ولفت إلى أن الدستور لا يحدد مهلة للتأليف لكن على رئيس الحكومة أن يضع مهلة لنفسه، وإذا لم تأخذ الحكومة الثقة سنعيد تسمية الحريري، لكن على أسس جدية. ورأى باسيل أن «الاتفاق العام في البلد، إذا تم تكريسه يمكن أن ينجز سلاسة في تأليف الحكومة»، ودعا الحريري «ليضع مع رئيس الجمهورية المعيار، وليقولا لكل الأطراف بما فيها نحن هذه هي تشكيلتنا فإما أن توافقوا أو لا».
وردت «القوات» على تصريحات باسيل، نافية أن تكون قد ضربت «العهد»، وقالت: «إذا كان الوزير باسيل يعتبر أن معارضة وزراء القوات لصفقة بواخر الكهرباء ضربة للعهد. فنحن نعتبر بالمقابل أننا أدينا خدمة كبرى للعهد، لأنه لا يشرف أي عهد حصول صفقة من هذا النوع في أيامه. كما تساءلت عن «الفيتو الوطني» الذي وضع في وجه حصول «القوات» على حقيبة سيادية، قائلة بأنها لم تسمع عنه من أي رئيس حزب أو كتلة نيابية، قائلة بأن ما قاله باسيل بهذا الصدد هو اختلاق.
وأضافت القوات في بيانها: «أما بخصوص المقياس الذي يتكلم عنه مرارا وتكرارا، ومع احترامنا الكلي لشخصه، ليس هو من يضع المقاييس والمعايير للحكومة، بل رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، ولم نتبلغ من الرئيسين يوما أنهما قد تفاهما على هذا المقياس الذي تحدث عنه».
وشددت على أن «المقياس الوحيد المعمول به حتى الساعة وفي تشكيل هذه الحكومة بالذات، هو نسبة التمثيل الشعبي، ومن هذا المنطلق، نرى مثلا أن التمثيل الوزاري الشيعي حصر بـ»حزب الله» وحركة «أمل». وأما في ما يتعلق بالتمثيل الوزاري المسيحي، فالمقياس الوحيد المنطقي هو النسبة التي نالها كل طرف في الانتخابات الأخيرة، وقد نالت «القوات اللبنانية» ثلث التمثيل الشعبي المسيحي، وبالتالي يحق لها ثلث التمثيل الوزاري في الحكومة عددا ووزناً.
وأعلنت «القوات» تأييدها على أن «تكون إحدى وزاراتنا وزارة دولة، ولكن بعد أن يصار إلى تمثيلنا بالشكل الصحيح الذي أفرزته الانتخابات النيابية، أي بثلث المقاعد الوزارية، وذلك إن على مستوى عدد الوزراء أو نوعية الحقائب».
وكان الحريري أعلن عن تسهيلات يقدمها لتشكيل الحكومة، قائلاً في حوار تلفزيوني بث ليل الخميس: «أنا مستعد أن أعطي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر من حصتي إذا ساهم ذلك بتشكيل الحكومة لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل، أما النواب السنة خارج «المستقبل» فغير متكتلين بحزب واحد ولا يمكن تجميعهم لتمثيلهم حكومياً».
وإذ أعلن عدم ممانعته لتسلم «حزب الله» وزارة الصحة، قال إن تسلم الحزب هذه الوزارة مرتبط بمساعدات وهبات دولية وقد يشكّل سبباً لوقف هذه المساعدات. وأكد الحريري أن «لا وجود لضغوطات خارجية لتعطيل تشكيل الحكومة ولم يتّصل بي أي أحد لا من قريب ولا من بعيد»