آداب وتقاليد رياضة الزور خانه البغدادية

طارق حرب:
عن لعبة ورياضة الزور خانه البغدادية يوم لم يكن في بغداد ألعاب رياضية مثل ألعاب الساحة والميدان وكرة القدم والمصارعة والملاكمة وغيرها، حيث كانت الزور خانه اللعبة الرياضية الوحيدة في بغداد نهاية العهد العثماني، والتي انتهت ونسوها أهل بغداد في منتصف القرن العشرين.
وهي لعبة وكلمة فارسية (زور) وتعني الجيد والمحمود والحسن والقوة و(خانه) المكان أو البيت أو الفندق فهي لعبة القوة التي تمارس في المكان الجميل لغة، أما اصطلاحاً فهي مجموعة فعاليات ونشاطات تختم عادة بالمصارعة وقد نشأت لهذه الرياضة ببغداد آداب وتقاليد ورسوم وطقوس سواءً بالنسبة للعبة ذاتها أم بالنسبة للاعبيها منها:
تبدأ مزاولة التدريب والتمارين والمصارعة من قبل اللاعبين حسب المنهاج التالي: –
تلاوة القرآن الكريم، تليها التواشيح النبوية من حمد وتمجيد وأذكار، وبعدها قراءة بعض المقامات كالدشت والسيگاه.
ومن ثم تبدأ الحركات الرياضية بالهرولة داخل الجفرة تصاحبها ضربات ايقاعية على الطبلة ثم رياضة ( الشناو) ثم حركة العصي الخشبية التي تسمى الاميال ثم دوران سريع فالقفزات والمراوحة فالإنزالات ،التي تكون ودية أي للتمرين فقط تسمى (الحلوانه) وتكون جدية أي نزال حقيقي وتسمى(الخصمانه) .
ومن آداب الزور خانه البغدادية ان يكون اللاعب نظيفاً وعلى وضوء تام ويحمل عقيدة خالصة ويتمثل بالأخلاق الفاضلة ولا يجوز التدخين أو تعاطي المشروبات، ويجب أن يكون الباب الرئيس للزور خانه صغير الحجم منخفض السقف ليكون الداخل اليها سواء أكان مصارعاً أم شخصاً اعتيادياً مضطراً للانحناء ومتطأطئا الرأس تواضعاً لهذا المكان وللموجودين فيه واحتراماً وتقديراً ولكي يشعر المصارع بأن هنالك من هو أكثر قوة لكي لا يكون مغتراً بقوته وهذا الباب لا يسمح الا لشخص واحد ولا تخلو أية زور خانه من البخور ويوجد في الزور خانه جرس كبير يتم ضربه عند دخول أحد أبطال أو اسطوات هذه اللعبة اذ يقوم الجالسون.
وتبدأ الصلوات ويتم تقديم لوازم اللعب وتقبيل يديه دليلاً على الاحترام وتعد أرض ملعب الزور خانه التي تسمى( الجفرة) من الاماكن المقدسة ويتولون تقبيل أرضها والبسملة والفاتحة والترحم على الاولين من ابطال الزور خانه البغدادية ، ويجب أن يقف اللاعبون بعد الأسطة حسب منزلتهم الرياضية وعلى شكل دائرة ، واذا بدأت المصارعة ووجد الأسطة عدم تكافؤ بين المتصارعين أو ان هنالك ضرراً سيحصل فيتولى الأسطة الذي يقوم بدور الحكم برمي( البشطمال) وهو قطعة قماش على شكل وزاره على اللاعبين وبسرعه ينفذون أمره ويتوقفون عن المصارعة اذا تبين فوز أحدهم أم عدم الجدوى من استمرار المصارعة ولا يجوز الضحك أو الكلام المرتفع في الزور خانه .
والجفرة حفرة دائرية الشكل مساحة قطرها ستة أمتار عادة وارضيتها من النباتات كالشوك ، والطرفة ثم توضع فوقه ( بواري) القصب وبعدها طبقة من( زميج) تراب النهر أو التراب الاعتيادي والأسطة يعد من أقدم المصارعين وأكثرهم شهرة في زمانه ذا منزلة عالية لدى اللاعبين أما ( الخلف) فهو المصارع الذي مضى على تدريبه عدة سنوات والشواغل هم ناشئة المصارعين والمرشد هو من يقوم احياناً بالضرب على الطبلة والصلوات والحمد والتمجيد والمقامات والشعر العربي والأدعية الدينية والمدائح النبوية ، وهو من المصارعين السابقين الذي يجيد عدا أما السروال الطويل الذي يلبسه المصارع فهو يسمى( الچسوه) كسوة من النسيج السميك أو من نوع من السجاد .
وفي سنة 1936 صدر النظام الجديد للعبة المصارعة والذي حدد شروط المصارعة بنحو عام منها وجوب اجرائها طبقاً للأوزان للمصارعين وعدم السماح بلي الاصابع والخدش بالأظفر والتعرض لأعضاء الجسم الخطرة.
وممنوع دهن الجسم وعدم جواز النطح بالرأس وعدم رفع الخصم ورمية بالأرض وعدم السماح بالمسكات المؤدية للخلع والكسر، ويعد خاسراً من استعمل ذلك وترتب على ذلك الضرر ويلبس المصارعون حذاء وبنطلوناً قصيراً في أثناء اللعب.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة