متابعة ـ الصباح الجديد:
شهد النواب الأوروبيون جدلا واسعا من جديد امس الأربعاء على تعديل قوانين حقوق التأليف التي تثير خلافا بين الفنانين وناشري الصحافة من جهة والمجموعات الرقمية العملاقة وناشطي الحرية على الانترنت من جهة أخرى.
وقالت المفوضة الأوروبية للاقتصاد الرقمي خلال مناقشة في البرلمان الأوروبي عشية تصويت حاسم يرجح ألا ينتهي بفارق حاسم «منذ أن وضعت المفوضية الأوروبية اقتراحها على الطاولة قبل سنتين، كانت المفاوضات معقدة وصعبة في بعض الأحيان لكنها تعرضت أيضا لحملات ترويج مكثفة من جميع الأطراف».
وأوضحت المفوضة البلجيكية «نحن الآن في مرحلة حاسمة»، مشيرة إلى أن «قواعد اليوم تعود إلى زمن ولى لم يكن يعرف الانترنت السريعة أو الهواتف الذكية أو شبكات التواصل الاجتماعي».
ودعت النواب الأوروبيين المجتمعين في جلسة بكامل الأعضاء في ستراسبورغ إلى إقرار التعديل، لكن قد لا يلقى نداءها استجابة.
ويثير التشريع الجديد الذي رفضه النواب في الخامس من تموز/يوليو، انقساما حتى داخل الكتل السياسية. وقد تم تعديله على أمل تبديد مخاوف معارضي تنظيم الانترنت والذي يرون في ذلك «رقابة».
مبدأ التعديل هو حض المنصات الرقمية مثل يوتيوب التي تملكها مجموعة غوغل، على تحسين مكافأة مبتكري محتوياتها (المادة 13).
لكنه ينص أيضا على فرض رسم جديد سمي ب»الرسوم المجاورة» لناشري اعلام (المادة 11) يسمح للصحف ووكالات الأنباء مثل فرانس برس بالحصول على بدل مالي عند إعادة استخدام إنتاجها على الانترنت.
وقال الناطق باسم البرلمان الأوروبي إن «الأمر سيكون معقدا». والدليل على ذلك أنه تم تقديم أكثر من 250 طلبا لإدخال تعديلات على التشريع.
وعبر ثمانية وزراء أوروبيين للثقافة بينهم الفرنسية فرنسواز نيسان عن تأييدهم للمشروع في مقال نشر الثلاثاء على الموقع الالكتروني لصحيفة «لوسوار» التي تصدر في بروكسل. وكتب وزراء الثقافة «علينا ألا نقبل بعالم تستولي فيه حفنة من الشركات المتعددة الجنسيات على الجزء الأكبر من مردود الأعمال التي يؤلفها آخرون في المحيط الرقمي».
«وحوش رقمية»
إذا أقر التعديل في جلسة الأربعاء في ستراسبورغ، فيمكن للنواب الأوروبيين بدء مفاوضات مع مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الـ28 الأعضاء وتوصلت إلى تسوية في 25 أيار) والمفوضية الأوروبية، من أجل التفاهم على نص نهائي.
وهذه المفاوضات المغلقة التي تسمى بلغة الاتحاد الأوروبي «الاجتماعات الثلاثية»، يمكن أن تستغرق أشهرا قبل التوصل إلى نص مشترك بين جهازي التشريع والسلطة التنفيذية للتكتل الأوروبي. وبعد ذلك، يعرض هذا النص مجددا على البرلمان للتصويت عليه.
ويأمل مؤيديو الاصلاح أن يتم إقراره قبل الانتخابات الأوروبية التي ستجرى بين 23 و26 أيار 2019، لأنهم يخشون صعود المشككين في جدوى الاتحاد ووصول نواب جدد لا يؤيدون حقوق المؤلف.
وقالت جوليا ريدا النائبة الأوروبية الألمانية في حزب القرصان المرتبطة بكتلة المدافعين عن البيئة (الخضر)، والتي تعد من أبرز وجوه الحملة ضد الإصلاح إن «حقوق التأليف لا يمكن أن تعيد اشتراكات الصحف وعائدات الإعلانات».
وتوجهت نجمة الهيب هوب الهايتية وايكليف جين من فرقة فادجيز والتي تعيش في الولايات المتحدة، إلى بروكسل خصيصا.
وقالت إن «أفضل فرص النجاح التي يملكها الفنانون المستقلون هي التقاسم (ابتكاراتهم)». وأضافت «علينا أن نبقي إمكانية الاكتشاف (الفنانين) مفتوحة، وإذغ أغلقناها فسنخسر الكثير من المواهب».
وجاء الرد من المعسكر الآخر، موسيقيا مع حوالى مئة مؤلف بينهم المغني البريطاني مواري هيد، تجمعوا أمام مبنى البرلمان بدعوة من جمعية «اوروبا للمبدعين»، وعزفوا النشيد الأوروبي وتلوا «نداء إلى أوروبا» لتلتزم الحذر من «الوحوش الرقمية».