الرؤية المشتركة للاحداث الداخلية والخارجية تمنح الدولة قوة امام الدول الاخرى وفي الوقت نفس تمنحها هيبة واحتراما امام شعبها وفي كل ملف او ازمة خارجية يعيش العراق دوامة من التصريحات تختلط فيها المواقف الرسمية والشعبية واذا كان النظام الديمقراطي في الانظمة السياسية يتيح تعدد الآراء والمواقف واذا كان هذا التعدد مشروعا على المستويين الداخلي والخارجي فان من غير الصحيح ومن المعيب ان تكون هناك آراء متعارضة ومتباينة بشكل يلفت النظر في قضايا مصيرية واستراتيجية وحاسمة تتوقف عندها وحدة البلاد او تتعرض ازاءها سيادة الدولة او تعرض شعبها الى ويلات وخلال الاسبوع الحالي تكررت في العراق مثل هذه المواقف وشهدت الاروقة السياسية على شتى المستويات سجالات ومناكفات تجاه الموقف العراقي من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الاميركية على ايران حيث صدر بيان لوزارة الخارجية العراقية يدين هذه العقوبات ويرفضها فيما عبر الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن موقف مغاير تمثل بالاعتراف عن عدم قدرة العراق على الالتزام بهذه العقوبات اما رئيس الوزراء حيدر العبادي فكشف عن قرار حكومته الاخير بالالتزام بها معللا ذلك بتجنيب الشعب العراقي نتائج عدم الالتزام بهذه العقوبات اما زعماء الاحزاب والكتل السياسية فتباينت مواقفهم تبعا لايدلوجيا كل حزب او كتلة تؤمن بها وفي النهاية كان المشهد العراقي حافلا بالفوضى والتخبط وانعكست هذه المواقف على المستوى الداخلي حيث عبر الراي العام العراقي من خلال رصد مواقع التواصل الاجتماعي والاستبيانات والاستفتاءات عن خيبة امل ملايين العراقيين تجاه هذا الاختلاف والتعارض في المواقف فيما استغربت وسائل اعلام عراقية وعربية وعالمية المواقف العراقية واتهم الكثير من المراقبين والمعنيين بالشأن العراقي زعماء ومسؤولين سياسيين باتخاذ مواقفهم تبعا لولاءاتهم وانتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية على حساب الموقف الوطني العراقي وكان بامكان الدولة العراقية ان تفصل في هذا الموضوع من خلال التنسيق المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومن خلال التعبير عن موقف موحد داخل مجلس الوزراء يعكس الموقف العراقي الرسمي في هذا الملف الخطير ومن الغريب والعجيب ان يتعارض موقف وزير خارجيتنا مع موقف رئيس الوزراء ويخرج الموقف العراقي بمثل هذا الانقسام وبمثل هذا التشرذم والتخبط.
د. علي شمخي
تخبط رسمي !
التعليقات مغلقة