هايتم.. وخلية الازمة !

في خضم أنشغالاتنا اليومية بقضية النقص الحاد بالطاقة الكهرومائية، وارتفاع درجة الحرارة الشمسية ، و امتداد اللسان الملحي ووصوله الى “ابو موزة ” !
أتصلت زوجة جارنا أبو سعيد، وطلبت مني ضرورة التدخل السريع لمساعدة زوجها الذي يبدو أنه يمر بمشكلة أو أزمة كبيرة لم يفصح جراءها عن الاسباب التي تقف وراء حالته السيئة ، وأنه معتكف في غرفته منذ يومين ممتنعاً وصائماً عن تناول الطعام والشراب وساكتاً عن الكلام المباح!
أسرعت اليه مستفسراً عما يعانيه، وأذا به يلتفت يميناً ويساراً، ويقترب مني ويهمس في أذني ..خشية أن تسمعه زوجته … لقد ماتت “هياتم !
قلت : الى رحمة الله .. ومن هي هياتم ؟.. هل هي خالتك أو عمتك ؟
قال : لا ..لا ..يا أخي .. لا عمتي ولا خالتي ولاهم يحزنون .. انها الفنانة والراقصة الجميلة “هياتم ” وهنا لم يستطيع أكمال جملته حيث سقطت دمعة حائرة ..لم يتمكن بعدها من حبس دموعه التي تساقطت على خديه بالجملة والمفرد !
قلت : الى هذه الدرجة كنت تعشقها ؟
قال : نعم وأكثر من ذلك ، كانت فتاة أحلامي ، التي أجد فيها السعادة الحقيقية ، وعلاجاً وحلاً لجميع مشاكلي العاطفية والنفسية والسياسية والمجتمعية ، حتى أني طلبت من والدتي رحمها الله أن تختار لي شريكة حياتي ، تكون نسخة طبق الاصل من “هياتم” بلحمها وشحمها ، لكن في ليلة الدخلة ، اكتشفت اني تزوجت أمرأة تمتلك قواماً لا يختلف كثيراً عن ما يوصف ب”عصا موسى ” حيث لا لحمة فيها ولا شحمة ، وأنما عبارة عن هيكل عظمي يرتدي ثياب الزفاف ، لا تعرف من الرقص الشرقي شيئاً سوى رقصة “الساس ” التراثية !
قلت : وماذا بعد ذلك ؟
قال : كلما كنت أصاب بصداع مؤلم في منطقة الرأس بسبب مُشكلة أو قضية ، أو ازمة نفسية ، او بسبب أستماعي الى تصريح او خطبة او مناظرة أو حوار سياسي ، كنت أسرع لتناول قرص مدمج وليس قرص “أسبرين ” او “بارستيول ” لمعالجة الصداع والتخفيف من وجعه ، وكان القرص يتضمن احد افلام “المرحومة ” مثل “غريب في بيتي ” أو “المتسول ” أو .. فاصلاً لاحدى رقصاتها الشرقية وهي تخدم فيها القضية المصيرية، ولهذا – القول لصاحبي – فانك مع “هياتم ” لاتحتاج الى تشكيل “خلية للأزمة ” لمعالجة المشاكل والقضايا والازمات المستعصية التي تشهدها البلاد ، فبهزة واحدة من وسطها او خصرها .. فقد تنسيك مصائب الدنيا ومافيها !
ويسترسل جاري العاشق الولهان … ويقول كنت أجد فيها عشتار رمز الحب والجمال كما هي عند البابليين، ويقابلها لدى السومريين إنانا، وعشتاروت عند الفينيقيين، وأفروديت عند اليونان، وفينوس عند الرومان. هي نجمة الصباح والمساء رغم وزنها الثقيل !
قلت والان ماذا ستفعل ؟
أجابني : سوف أعيش على ذكراها ، واقبل صورتها يومياً تسعاً وتسعين قبلة وواحدة أخرى حتى لو كنت على عجل !
قلت له : وهل تنسى “القضية المصيرية” ؟
قال لي : “القضية المصيرية” هي أصل المشكلة التي جعلتنا نتمسك بالمرحومة “هياتم”!

•ضوء
هناك من يرقص على الآم الفقراء ، ويغني لهم على الوحدة والنص !
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة