سلام مكي
كاتب عراقي
التظاهر السلمي، حق دستوري لكل العراقيين، وهذا الحق منح، بغية التعبير عن الرأي وبيان موقف الشارع من الوضع السياسي العام للبلد. وما تشهده المدن العراقية في الوسط والجنوب من تظاهرات واحتجاجات، مؤشر على وجود رأي حقيقي ومؤثر للشارع العراقي، الذي قرر ان يقول كلمته ويوصل رسالته الى الحكومة التي قامت بدورها باتخاذ إجراءات سريعة لتلبية جزء من مطالب المتظاهرين التي تتمثل أغلبها في تحسين الواقع المعيشي للفرد وتحسين الخدمات الأساسية والكهرباء والأمن. برغم ان تلك المشكلات تحتاج الى وقت طويل وجهد مستمر. مواقع التواصل الاجتماعي، بدورها كانت الممهد الأبرز لتلك التظاهرات، من حيث انتشار الصفحات التي تدعو الى التظاهر والاحتجاج والخروج الى الشوارع تعبيرا عن الرفض القاطع للواقع الخدمي والمعيشي للمواطن العراقي. وبعد قرار قطع خدمة الانترنيت، وبعدها عودته مع حجب مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدام برامج الحجب من قبل الكثير من رواد مواقع التواصل( فيس بوك) لاحظنا وجود تيار خفي، يتمثل بصفحات مشبوهة، تنشر الأخبار الكاذبة والمفبركة، تهدف من خلالها الى تأجيج الوضع العام للبلد، فمن خلال بث الشائعات التي تهدف الى جر المواطن الى مزيد من التظاهرات التي قد تخرج عن سلميتها بما يؤدي الى خسائر بشرية ومادية في الممتلكات العامة، وهو ما حصل فعلا في الأيام الماضية. وللأسف، نجد ان شريحة واسعة من متابعي تلك المواقع تصدق وتتبنى تلك الشائعات عبر نشرها في مواقعهم الشخصية والتعليق عليها بما يمنح متابعيهم ثقة بأن تلك الأخبار صحيحة. فمثلا، نشرت صفحة وهمية كتابا مزورا نسب الى محافظ البنك المركزي يتضمن إيقاف تحويل رواتب الموظفين في محافظات الوسط والجنوب، بسبب الوضع الأمني! وقد تم نشر الكتاب المزور عبر الكثير من المواقع الشخصية لمثقفين وكتاب وصفحات لها نسبة عالية من المتابعة، مما ولد حالة من الغضب الشعبي، على شيء لا وجود له أصلا! البنك المركزي من جانبه بين ان الكتاب مزور، ولا وجود لإيقاف في توزيع الرواتب بين موظفي محافظات الوسط والجنوب. صفحات أخرى، نشرت اخبارا تتمثل بتصريحات لمسؤولين حكوميين، يصفنون المتظاهرين بأوصاف مختلفة، وأخرى تقول ان القائد العام للقوات المسلحة، قرر معاقبة ضابط لأنهم لم يستخدموا العنف ضد المتظاهرين! وأيضا تجد هذه الشائعات مجالا خصبا للانتشار بين أوساط من المفترض انها اول من تتحرى الدقة والموضوعية قبل ان تتبنى نشر أي خبر. ان انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات التي تجد من يروج لها دون دراية ولا علم، يعود الى قلة الوعي بين فئة محددة من المجتمع، إضافة الى عدم وجود تيار مضاد، تقوم به الجهات الحكومية او غير الحكومية تتولى مواجهة الشائعات باستخدام أسلحة اقوى من الأسلحة التي يستخدمها مروجو الشائعات، ولعل نشر الوعي هو اقوى سلاح يمكن ان يوجه نحو مروجي الشائعات، كما ان غياب الرقابة الحكومية على المواقع التي تروج لها والفوضى وكثرة الجهات التي لا تريد الاستقرار للبلد، سبب الانتشار الكبير للشائعة وساعدها على إيجاد موطئ قدم لها داخل المجتمع. ان على الحكومة ان تتصدى للشائعة خصوصا في هذه الأيام التي تشهد موجة تظاهرات في شتى المدن العراقية، اذ ان تلك الشائعات تسهم بخروج التظاهرات عن سلميتها وتدفع الى مواجهة مع القوات الأمنية، وبالتالي، خلق مزيد من التوتر بين الطرفين، بما يسهم بتأزيم الأوضاع بصورة عامة.
التظاهرات والشائعات
التعليقات مغلقة