الصحة معرفة

الأمية الصحية في العراق تثير الدهشة رغم أن المخاوف من تلوث البيئة والمياه والمواد الغذائية المستوردة والأدوية المغشوشة باتت قضية عامة، فالأمية ليست مجرد الجهل بالقراءة والكتابة بل كذلك الجهل بأمور الصحة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسلامة الفرد والعائلة وصولاً إلى سلامة المجتمع.
لا يكفي مراجعة الأطباء عند الضرورة دون وعي صحي وثقافة صحية أولية تتيح للناس كيفية اتباع أنظمة الرعاية اللازمة لمعالجة أمراضهم ومشاكلهم الصحية.
وتدني مستوى الإلمام بشؤون الصحة لا يقلل فقط من فرص نجاح العلاج وإنما يزيد من خطر الأخطاء الطبية، لذلك يعد موضوع محو الأمية الصحية أمرأ غاية في الأهمية من أجل الوقاية من الأمراض، وتعزيز الأمن الصحي للأفراد والمجتمعات.
إن مفهوم محو الأمية الصحية يشمل مجموعة واسعة من المهارات والكفاءات التي يطورها الشخص عبر البحث عن المعلومات والنصائح والارشادات المتعلقة بالصحة وفهمها، وتقييمها، واستخدامها في اتخاذ خيارات مستنيرة للحد من المخاطر الصحية المحتملة.
وتكشف الدراسات أن 12 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة لديهم معرفة صحية جيدة، وهذا يعني أن 77 مليون أمريكي لديهم محو أمية أساسية، وهؤلاء لا يجدون صعوبة في تشخيص الحالات الصحية الشائعة، وتسمية الدواء المناسب.
وبما أن محو الأمية الصحية عامل أساسي في التفاوتات الصحية خصوصاً بين الفقراء والأغنياء، والشباب وكبار السن، فان الدول الغربية أحدثت تغييرات جذرية في هذا المجال حين جعلت المجتمع الطبي ينفتح على المجتمع بشكل عام، وذلك بتشجيع أسئلة المرضى، وتحسين السلوكيات الصحية لدى الأشخاص الذين يعانون من انخفاض في نسبة الوعي الصحي.
واتخاذنا هذا النهج ليس من قبيل الأمنيات المستحيلة، فمنظمات المجتمع المدني والصحافة ووسائل الإعلام يمكنها الاضطلاع بدور مهم في نشر المعرفة الصحية، وتوفير المعلومات والموارد ذات الصلة بتحسين الصحة، وبالتالي، إغلاق الفجوة المعرفية التي تنشأ عن عدم قدرة المواطنين على فهم المصطلحات الطبية وتعقيداتها.
ونظراً للتأثير المتزايد للإنترنت، يمكنه أيضاً المساعدة للوصول إلى المعلومات الصحية المطلوبة. وتفيد تقارير دولية أن الشبكة العنكبوتية أصبحت تمثل المصدر الأول للمعرفة الصحية، في السنوات الأخيرة.
في الماضي، عندما كان الطبيب يوصى بأدوية لم يكن من المحتمل أن يناقشه المريض في مفعولها وآثارها الجانبية، بينما يذهب مريض هذه الأيام على الفور إلى الإنترنت، ويدخل في مناقشة طويلة مع الطبيب حول كل الآثار المتعلقة بوصفته إلى الحد الذي يضع الطبيب أحياناً في “وضع دفاعي”، وليس له من خيار سوى الاستماع للمريض المتسلح بثقافة صحية حقيقية.
بدون هذه الثقافة لن نتمكن من حماية أنفسنا والاستمتاع بحياة معافاة.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة