اذهبي

شو جه موه
ترجمتها عن الصينية مي عاشور

اذهبي، وكذلك أنا سأغادر، ومن ثم نفترق،
أي درب كبير تسلكينه فسيري مطمئنة الفؤاد،
انظري إلى مصباح الطريق ذاك، فضوءه دومًا يلامس السماء، وحسب!
اتبعي خيط هذا النور
اذهبي أولاً، بينما أقف أنا لمشاهدتك في هذا المكان،
أمهلي خطاكِ، ولا تثيري انبعاث الغبار الرمادي،
أريد رؤية طيفكِ المبتعد بوضوح،
حتى تجعلني المسافة لا أميزكِ،
أو حتى أنادي اسمكِ.
وبلا توقف أنا هنا أذكركِ،
وفي سبيل تبديد كآبة الشوارع الموحشة والليل الدامس،
أتتبعك بنظراتي في عودتكِ…..
بلى، فأنا حر نفسي،
فلا داعي لأن تقلقي بشأني، سيري في الدرب الشاسع،
أما أنا فسأدخل ذلك الزقاق الضيق، انظري إلى هذه الشجرة،
تناطح الأفق، سأخطو وانعطف إلى هناك،
الماضي هو فوضى البراري:
فيه بركة عميقة، ومنخفض، ومياه راكدة شبه متلألئة،
أشبه بدموع متطايرة وسط ليل به بصيص نور.
وبه صخرة، ونبات متسلق شائك يجرح الكاحل،
يتطلعان إلى أن يتعثر بهما مارّ شارد!

لكن لا داعي لأن تقلقي، فكل ما أملكه هو الجسارة،
والدروب المهلكة تعجز عن أن تخيب رجائي.
انتظركِ حتى تبتعدي، لأخطو خطى كبيرة إلى الأمام،
ما في هذه البراري هو نقاء ندى ليلي،
ما دامت هناك رياح، فلن أنزعج من تشابك الغيوم،
ففي بحور السحب تدافع موجات زئبق متدفق للنجوم،
والأكثر من ذلك أنها ستضيء أعماق قلبي إلى الأبد،
تلك الدرة التي لا يخمد بريقها. أنا أعشقكِ!

كُتبت هذه القصيدة عام 1931، وهو نفس العام الذي توفي فيه شو جه موه، وهي آخر قصيدة كتبها إلى لين خوي يين، وتحديداً كتبها بعدما ذهب إلى زيارتها، عندما كانت تعالج في «الجبل العطري» ببكين، إثر إصابتها بمرض صدري، كما كانت تلك المرة الأخيرة التي يراها فيها؛ فبعدها بأشهر سقطت به الطائرة وهو في طريقه إلى بكين؛ لحضور ندوة ستقدمها لين عن العمارة والفن الصيني. توفي عن عمر يناهز 34 عامًا.
ولد شو جه موه عام 1897، وهو واحد من أهم الشعراء في الأدب الصيني الحديث، ومن مؤسسي «جماعة الهلال» الشعرية سنة 1923، كما أنه كاتب نثر مميز ، ساهم في إثراء الحركة الأدبية في الصين في ذلك الوقت، كان أول من نادى بشعر ذي نُظم جديدة، تتحرر من النظم التقليدية للشعر الصيني، كما أنه كان متأثراً بالشعر الغربي الرومانسي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة