قال: تركيا أعطت العالم درسا في الديموقراطية
متابعة ـ الصباح الجديد:
فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية ثانية في انتخابات رئاسية اعتبرت منعطفا مفصليا في الحياة السياسية للأتراك. فقد نال الرئيس التركي أصوات نحو 52.7% من الناخبين الأتراك، في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 87%، وفقا لما أعلنته وكالة الأناضول التركية للأنباء.
وبهذه النتيجة حصل أردوغان على تفويض سياسي من الشعب التركي لتغيير ملامح النظام السياسي في البلاد لأول مرة منذ قيام الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك قبل اكثر من تسعين عاما.
دخل أردوغان الانتخابات طالبا حصر معظم السلطات التنفيذية بين يديه ومنحه صلاحيات غير مسبوقة في النظام السياسي الذي أقره الناخبون الأتراك في تعديلات دستورية وافقوا عليها في استفتاء جرى في أبريل/ نيسان 2017.
وضمت تلك التعديلات إلغاء منصب رئيس الوزراء وتعيين الرئيس لكبار المسؤولين من وزراء ونواب للرئيس ومنحه حق التدخل في النظام القانوني للبلاد وفرض حالة الطوارئ.
الآن وقد حسم أمر الانتخابات في الجولة الأولى سيمضي الرئيس مدعوما في البرلمان بأغلبية من نواب حزبه: العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية في توطيد أركان النظام الرئاسي الجديد.
اما معارضوه الذين نافسوه على كرسي الرئاسة وهم خمسة يمثلون أحزاب المعارضة بكل أطيافها فلم يتمكنوا من هزيمته لا في الانتخابات الرئاسية ولا البرلمانية. أقواهم كان محرم إينجه عن الحزب الجمهوري، الذي يوصف بوريث أتاتورك، وحصل على نسبة 30.7.% من مجموع الأصوات.
ودخل إينجه المنافسة متعهدا وضع دستور جديد للبلاد وإعادة العمل بالنظام البرلماني وفصل السلطات، ووضع نظام تعليمي مجاني ديمقراطي علماني وحل القضية الكردية بما يصون «كرامة الأكراد ويبدد مخاوف الأتراك» على حد تعبيره.
لكن يبدو أن الناخبين الأتراك جددوا ثقتهم في الرئيس أردوغان وحزبه وحليفهما. فأردوغان الذي برز على الساحة السياسية التركية منذ 16 عاما كرئيس للوزراء أولا ثم رئيسا للجمهورية بعد ذلك مدد سيطرته على الساحة السياسية في بلاده اليوم لخمس سنوات أخرى.
وكان أنصار أردوغان بدأوا يعبرون عن فرحتهم بالتلويح بالأعلام التركية في الشوارع، حتى قبل إعلان النتائج.
وقال أردوغان أنّ «تركيا، مع نسبة مشاركة قاربت 90 في المئة، أعطت العالم درسا في الديموقراطية».
وبدا أردوغان اثناء الحملة الانتخابية في موقف دفاعي، حيث وعد برفع سريع لحال الطوارىء وبتسريع عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، لكنه اعلن هذا بعد ان وعد منافسه اينجه بالامر ذاته.
وثارت مخاوف حول التزوير خصوصا في مناطق جنوب شرقي تركيا، حيث تقطن غالبية كردية. وندد المعارضون الذين حشدوا الكثير من المراقبين بحدوث اخلالات خصوصا في مقاطعة شانلي اورفا.
وبعدما صوت في معقله في يالوفا (شمال غرب) توجه انجيه الى انقرة لمتابعة النتائج امام مقر الهيئة الانتخابية، مطالبا ممثلي الاحزاب بعدم مغادرة مكاتب التصويت حتى انتهاء الفرز.
وقال انجيه «سأحمي حقوقكم. كل ما نريده هو منافسة عادلة. نحن لا نخشى شيئا ولا نصدق التقارير المحبطة».
مراجعة مطلوبة
في عهد أردوغان شهدت تركيا داخليا نموا اقتصاديا كبيرا. لكن معارضيه يؤاخذونه على ما اعتبروه تضييقا على الحريات الإعلامية والسياسية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016 حيث اعتقل أكثر من 60 ألف شخص.
كما شهدت علاقات تركيا مع بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبعض دول الخليج توترا بسبب مواقف أنقرة وقراراتها إزاء قضايا إقليمية من قبيل الحرب في سوريا والأزمة الخليجية. وقد أثار أردوغان استياء كل من الرياض وأبو ظبي لمساندته بشكل واضح موقف قطر في أزمتها مع السعودية والإمارات.
*تعهد بمكافحة الإرهاب
تحدث أردوغان عن التزامه بـ»محاربة المنظمات الإرهابية»، و»الصمود في القتال من أجل تحقيق حرية أكبر للأراضي السورية» وزيادة «المكانة الدولية» لتركيا، وقال: «تركيا لا تملك أي لحظة لتهدرها، ونحن نعلم ذلك». وقال: «سيلوح علمنا بحرية أكبر، وسينعم كل مواطن بالسلام»، وذلك قبل أن يقود الحشد في هتاف: «أمة واحدة ، علم واحد، بلد واحد، دولة واحدة».
*سلطات جديدة بيد أردوغان الآن
من المقرر أن يتولى الفائز بالسباق الرئاسي سلطات جديدة غريبة بالكاد جرت الموافقة عليها في استفتاء أجري عام 2017 شابته مزاعم بالاحتيال. تشمل تلك السلطات السيطرة التامة على مجلس الوزراء والتمتع بسلطة تعيين كبار القضاة والمسؤولين، بما في ذلك نواب الرئيس غير المنتخبين. إضافة إلى أن الرئيس ستكون له سلطة إصدار تشريعات يتم التعامل معها مثل القوانين. ستمكن تلك السلطات الفائز من تغيير المشهد السياسي التركي لسنوات وربما لعقود مقبلة، إذ سيبقى في الرئاسة حتى عام 2028 إذا فاز في الانتخابات مرة أخرى. بينما تعهد مرشحو المعارضة بإلغاء النظام الرئاسي في حال فوزهم.