هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 59
التحديات والطموح في رفع مستوى تخطيط المدن
انطباعاتي الخاصة عن تحديث عمليات التصاميم الأساسية للمدن التي عملنا عليها ، ان كل ما قمنا به هو توسيع رقعة التصميم الأساس لمتطلبات المدينة على مدى الــ 20 سنة القادمة في ضوء الزيادة السكانية والمتغيرات الاقتصادية محددين مواقع المناطق السكنية والصناعية والمناطق الخضراء والخدمات المختلفة اللازمة الجديدة . بينما معظم مدراء البلديات كانوا متفائلين ويتوقعون تحديث المدينة ورفع مستواها الحضري والخدمي . بالطبع تنتهي اعمال تحديث التصميم الأساس بتسلم مجموعة من الخرائط والمخططات والوثائق الفنية ليس بالامكان استيعابها كاملة من قبل معظم البلديات ويبدأ التنفيذ بعد انجاز تلك المخططات والوثائق لانها تمثل خارطة طريق للتنفيذ المستقبلي.
أما واقع تشكيلات دوائر البلدية الحالية التي يعهد اليها القيام بتطبيق التصميم الأساس الجديد للمدينة ، فمع الأسف أقول انها دوائر متواضعة تميل الى البساطة المجردة وتفتقر معظمها الى التشكيلات الحديثة في علوم المساحة والتخطيط وال ( (GISنظام المعلومات الجغرافية ) وتفتقر الى المخططين والمهندسين المطلوبين لتنظيم المدن وتقديم او ربط تنفيذ شبكات وخدماتها المختلفة.
يمكن طرح ملاحظاتي حول متطلبات بلديات النواحي العراقية بأن تعمل وزارة البلديات والاشغال العامة على رفع مستويات العاملين في تخطيط البلديات لبناء وتوفير وتدريب الكوادر المطلوبة لبناء مجتمعات بروح حديثة ونزرع بذرة لبناء مجتمع نامٍ منتج يديره مدراء نواحي وبلدية حاملين مشعل التجديد .
حظي وادي الرافدين بفرص عظيمة للتطور عبر التأريخ وترك للعراق رصيداً عظيماً من العلوم والفنون والاداب وفي مجتمعاته العديد من الادباء والشعراء والمفكرين والفلاسفة . وفي نظري هناك خلفيات عظيمة للمجتمعات العراقية الحالية لتنهل منها وتكون مفاهيم جديدة لبناء العراق الجديد .
حالياً ، وقد تكونت المجتمعات الجديدة في المدن العراقية ، ارى ان ننظر الى اهمية دراسة ما يمكن ان توفره لرفع مستويات المجتمعات في المدن العراقية لمواكبة متطلبات نمو المدن والمجتمعات العالمية . ولتحقيق ذلك علينا ان ننظر الى اقرب سلطة للمجتمع العراقي وهي السلطات البلدية .
أن واقع تشكيلات دوائر البلدية الحالية التي يعهد اليها القيام بتطبيق التصميم الأساس الجديد للمدن العراقية يكون من واجبها تخطيط مستقبل العراق ، لكن مع الأسف أقول ان تلك الدوائر متواضعة حاليا وتميل الى البساطة المجردة وتفتقر معظمها الى التشكيلات الحديثة في علوم المساحة والتخطيط والى ( نظم المعلومات الجغرافية ) و تفتقر بشكل رئيس الى العدد الكافي من المخططين والمهندسين المطلوبين لتنظيم المدن وخدماتها.
اسجل ملاحظاتي واقتراحاتي حول متطلبات بلديات المدن ، واقترح ان تعمل وزارة البلديات على رفع مستويات العاملين في البلديات لبناء وتوفير وتدريب الكوادر المطلوبة لبناء مجتمعات بروح حديثة كيما نزرع البذرة لبناء مجتمع نامٍ منتج بقيادة مدراء بلديات حاملين مشعل التجديد.
وان كانت الوزارات الخدمية تعمل كلها وفق مؤشرات ومقاييس عراقية وعالمية في تحقيق اهدافها ، كتوفير طبيب لكل كذا الف من السكان وكذا مستشفى لكذا عدد من السكان ، فإننا نلاحظ أنه لا يتوفر من المخططين والمهندسين بما يتطلب من اعداد لنسبة السكان في البلديات التي عملنا عليها وهي التي تكون مجتمعاتنا. فقد لاحظت مثلا وجود( 4) مخططي مدن في محافظة كاملة نفوسها زهاء ( 1,4 ) مليون نسمة ، وفيها اكثر من ( 10 ) مدن يتنقلون بين مدنها لبحث المشاكل التخطيطية … وهذا عدد غير كاف . كما يمكنني ان ابين ان معظم المدن التي عملنا عليها تشترك بالصعوبات والاشكالات ادناه:
الصعوبات الحالية بصورة عامة لدى البلديات
– النقص الواضح في توفير الكوادرالمسؤولة الكفوة لتشغيل وادامة شبكات الخدمات
– عدم توفير الخبرة التخطيطية في ادارات المدينة .
– اهمية الاخذ بيد المساحين الحاليين ذوي الخبرة وتوفير بدائل .
– افتقار البلديات الى المواصفات المتخصصة لتحسين التنفيذ والتشغيل .
– عدم كفاية الموارد المالية لدى البلدية لتقديم الخدمات المطلوبة للمواطن .
– الحاجة الى التوعية للشعور بالمواطنة .
– نقص واضح في التدريب في الكوادر الحالية والمستقبلية .
• أقترح أن تكون واجبات المحافظة في الشؤون البلدية :
– تثبيت السياسات والمواصفات الخاصة بالمحافظة وتطويرها .
– تسلم التوجيهات الوطنية والتوعية بتطبيقها .
– وضع الدراسات الاقتصادية والفنية بما يتعلق بالخدمات البلدية .
– تهيئة وانشاء مركز تدريب الكوادر المطلوبة للخدمات البلدية في المحافظة
– ان تكون مسؤولة عن شؤون الدراسات الاقتصادية والمالية والتشغيلية لمشاريع المحافظة .
– تهيئة دائرة هندسية والكوادر الهندسية لوضع الدراسات والمواصفات والتصاميم لجمع المشاريع الهندسية او التخطيطية البلدية للمحافظة او الاعتماد على المكاتب الهندسية الاستشارية في حالة عدم التمكن من ذلك .
• أن تكون من واجبات القائممقامية في الشؤون البلدية
– وضع الدراسات والاحصاءات عن المشاريع البلدية والخدمية والبيئية والتطويرية للقضاء والنواحي .
– تكوين دائرة هندسية وتخطيطية للإشراف على حسن دراسة وتنفيذ المشاريع البلدية .
– تكوين دائرة خاصة من واجباتها تطبيق القوانين والانظمة وضوابط البناء .
– التوسع في تدريب الكوادر البلدية .
– متابعة الشؤون الاقتصادية والمالية لتنفيذ المشاريع .
– بث روح المواطنة عن طريق الخدمات البلدية .
• أن يكون من واجبات الناحية في الشؤون البلدية
– تكوين دائرة هندسية لمساعدة مهندسي القضاء في تنفيذ واجباتهم.
– تكوين دائرة دراسات عن متطلبات الناحية .
– التركيز على حسن تنفيذ وادارة المشاريع الهندسية والبيئية والتخطيطية .
وآخر هذه الملاحظات اقدم عظيم شكري وامتناني الى الاستاذ علي نوري الذي ساعدني ودعمني في توجيه واكمال التصاميم الأساس لهذه المدن بجميع مراحلها وحتى اصدار الخرائط المصدقة ، وكان استاذا موجها لكل المخططين الذين عملوا معنا سواءا من مهندسي الدوائر الحكومية أو الاستشاريين مع دوائر الدولة ، وهنا أذكر كذلك بكل تقدير الفريق الذي عمل معي في المشاريع هذه من مهندسين ومخططين أقدمين وفنيين عملوا بتفانِ واندفاع في ظروف تخللتها شطحات الارهاب وصعوبات التنقل واذكر منهم المعماريين والمخططين المهندسين مصطفى الشمري و د. علاء إعجام وإعجمي العاني وعاصم عبد الأمير و المعماري آزاد جميل وبهذا اكون قد تقدمت خطوة اخرى في حياتي في اعمار العراق.
التجديد الحضري لمركز مدينة الكوفة القديمة
وجهت الينا الدعوة من قبل مديرية التخطيط العمراني العامة لتقديم العرض الاستشاري لوضع مخططات التجديد الحضري لمركز مدينة الكوفة . رحبت بهذه الدعوة وأشركت شريكنا الانجليزي في هذه الدراسات . في آب 2013 احيلت المناقصة علينا لانجاز العمل خلال 14 شهراً وتم توقيع عقد مشروع التجديد الحضري لمدينة الكوفة القديمة .
«مدينة الكوفة القديمة» ، مدينة تأريخية دينية مهمة و جميلة ، تقع على الجانب الغربي من نهر الفرات وتبعد عن مدينة النجف بنحو21 كيلومتراً ونفوسها زهاء من معالم المدينة القديمة ، عدد من الأحياء السكنية التراثية ومسجد الكوفة وبيت الامام علي «عليه السلام» ، مع مسجد السهلة الذي يقع داخل المدينة ، ويوجد كذلك مسجد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة (رضي الله عنهم) و بعض المعالم الدينية المصاحبة لمسجد الكوفة ، مدينة الكوفة ، لها كورنيش طويل على نهر الفرات تقع علية بعض الابنية المهمة ويدخل في الدراسة مع المدينة القديمة مركز مدينة الكوفة القديمة مع المعالم الدينية الرئيسية وهذه هي منطقة الدراسة . يزور مساجد الكوفة ومركز المدينة ، ملايين الزوار المتجهين لزيارة الحضرة الحيدرية في أيام الزيارات الدينية . وتعتبر مدينة الكوفة هي المصيف والمتنفس بالمنطقة الترفيهية لمدينة النجف .
الاضرحة في الكوفة التي تتم صيانتها بصورة مستمرة ، اما أبنية مدينة الكوفة الباقية فإن معظمها قديم وتقع على شوارع ضيقة نسبيا . لمدينة الكوفة خمسة أحياء ضمن منطقة الدراسة وجميعها تشكل ابنية سكنية قديمة بارتفاع طابقين على الأكثر ، عدا منطقة أثرية قرب جامع السهلة يطلق عليها «سوق الذهب» ترقى الى عهود قديمة، من النادر ان تجد أبنية تراثية أو تأرخية في المدينة القديمة ، عدا دار تأريخية واحدة مندثرة تقريبا . الشوارع مزدحمة ومكتظة جدا وعلى الجوانب الرئيسية شيدت بعض الأبنية حديثا على عدد اصابع اليد الواحدة ، بارتفاع ثلاثة طوابق عادة تستثنى منها وعدد قليل مشيد بارتفاع خمسة طرابق .
شريك اخر
قررت زيارة لندن في نهاية سنة 2012 للبحث عن مكتب استشاري إنجليزي وبحجم معتدل يشترك معنا للعمل في بغداد وأن يكون المكتب ذا خبرة وكفاءة، وقبل ان اسافر وفي احدى زياراتي للتخطيط العمراني لتسهيل مهمتي ، أعطاني احد الأصدقاء اسم مكتب عمل في العراق سابقا بنجاح… وفي لندن ، اتصلت بمسؤول المكتب وحدثته عن ما يدور بفكري … وأنواع الأعمال المتوفرة في العراق في حينه . علمت ان مكتبه يقع في مدينة « سيدبرك – في منطقة البحيرات « في شمال انجلترا . صاحب المكتب مهندس معماري واستاذ بالجامعة في مانجستر يعمل مع زوجته المعمارية في مكتب مشترك صغير وجميل ، وبعد التحدث عن أهداف الاتفاق رحب بالفكرة وقبل الاتفاق . رحبت من قبلي بذلك الاتفاق وتوفر لي بذلك شريك بريطاني لا غبار على كفاءته ولغته ،…. ثبتنا الاتفاق وشروطه قانونا، وتوثق بواسطة كاتب العدل ، واصطحبت الاتفاق معي الى بغداد . قررت ان نعمل سوية مع شركائنا الجدد على مشروع التجديد الحضري لمدينة الكوفة .
قسمت منطقة الدراسة الى عدة مناطق دراسية وتم ترقيمها بإدخال الترقيم ضمن نظام ال (GIS) وتمت تهيئة استمارات مسحية ، وجهنا فرق المسح الموقعي لدراسة ومسح المدينة القديمة من الناحية السكانية والسكنية وجمع المعلومات عن الأبنية الدينية والابنية الحكومية والمدارس والمستشفيات والمكاتب والشركات ، قامت فرق المسح بواجباتها لالتقاط الصور المطلوبة للمدينة من جميع زواياها المطلوبة ولتسقيط جميع المعلومات على الصور الفضائية وارسالها الى المكتب الشريك في انجلترا . تم جمع خرائط المدينة القديمة وتخطيطات التصميم الاساس الحديث الموضوع من قبل مكتب المهندس عماد محمد صالح للمدينة والمعلومات التأريخية والاقتصادية وكل ما له علاقة بالمدينة . تم العمل على مراحل العمل المطلوب بموجب العقد ووضعت البدائل التخطيطية وتم تحليلها والتوصل الى البدائل المقترحة للحفاظ على الأوجه التراثية للمدينة ووضع المفاهيم التخطيطية للتجديد الحضري للمدن . وعبر اجتماع عقد في مدينة اربيل (كردستان) بحضور شريكنا البريطاني ، تمت مناقشة البدائل والاتفاق مع ممثلي رب العمل ومسؤوليها على اختيار بديل مفضل للمشروع من نواحي استيعاب الاعداد المتزايدة لنفوس المدينة واستيعاب الاعداد المتزايدة من زوار العتبات المقدسة ، كما اتفق على كيفية التعامل مع الأبنية والساحات حول المساجد والآبنية الدينية والمقترحات على كيفية معالجة المناطق السكنية وسعة الطرق والساحات العامة .
وبالفعل هيئ الاستاذ علي نوري عدداً من المخططين والمعماريين للعمل على انجاز المشروع . بالإضافة الى فرقة مسح موقعية وفريق لجمع المعلومات من محافظة النجف والوزارات العراقية .
كما هيأ شريكنا الانجليزي « Derriek Harty « صاحب شركة « Howgill « التي تعاقدنا معها الجهاز التخصصي لدى هذه الشركة مكون من كفاءات عالية جدا بالتخطيط واعمال المعلومات الجغرافية GIS .
أعد الاستاذ علي نوري تقريراً متميزاً عن المرحلة الاولى تضمن الكثير من المعلومات القيمة عن المدينة وما جاورها وتأريخها والاحداث التي مرت عليها والمفاهيم الدينية والاجتماعية لمجتمعها بحيث اعتبرته انا مرجع مهم عن مدينة الكوفة والنجف .
لم تحصِ كل الافكار والاَراء في تقرير المرحلة الاولى لبعض من قاموا بدراستها وطلب منا القيام بحذف بعض الفصول لحساسيتها .
تعاون مختصو مكتبنا ولمدة 14 شهرا على انجاز الدراسات مع الخبراء من مكتب شريكنا البريطاني . عقدنا عدة اجتماعات مع قائممقام الكوفة « ابي ذر « مدير البلدية كما عقدت اجتماعات عديدة في اربيل مثلت فيها جميع الاطراف المحلية مع شركائنا البريطانيين لمختلف مراحل المشروع .
أدخل مسؤولوالمساجد الرئيسية في الكوفة من رجال الدين بعض التغييرات على التصاميم وتقاطعت المصالح ولم تحسم الا بعد عدد من اللقاءات لبلورة مكونات التصميم .
قام المخططون بالعمل على انجاز الدراسات واكمال التخطيطات اللازمة بموجب العقد ووضع مسودة كاملة لمقترح التجديد الحضري لمركز مدينة الكوفة كما توضح بعض جوانبها بالصور . وبعد اجتماعات متكررة مع اللجنة الاستشارية تمت المصادقة النهائية على المقترحات واحيلت المخططات الى بلدية المدينة وبعد الموافقة عليها اعلن التصميم النهائي « للتجديد الحضري لمدينة الكوفة « ، وبعد عرضه على الجمهور بهدف بيان واعترضاتهم ان وجدت خلال مدة شهرين .
وبعد فترة الاعلان زار محافظ النجف دوائر التخطيط في محافظته واطلع على التصاميم المهيأة لمدينة الكوفه القديمة من قبلنا بموجب العقد مع وزارة البلديات … لاحظ المحافظ الدراسات وتداول مع المختصين مستغربا هذه المحاولات المتخلفة واقترح ابدال تصاميم الأحياء السكنية الخمسة المحيطة بمسجد الكوفة المشيدة بطابق او طابقين حفاظاً على نمطها وطبيعة المنطقة واقترح بدلاً عنها ان تكون مشيدة من عمارات متعددة الطوابق وبدون تحديد ارتفاعها ، وبغض النظر الى متطلبات الحفاظ على طبيعة المدينة الدينية والحفاظ على تراث الكوفة العمراني , واستعمل صلاحياته القانونية كمحافظ ، أمر بطلب رسمي الينا اعادة جميع التصاميم والاخذ بما يقترحه فقط وانه لا يبالي بنصوص التعاقد.
اجتمعنا في النجف كاستشاريين ومخططين مع مستشاري ومخططي وزارة البلديات و مستشاري البلدية ومجلس قضاء الكوفة وتدارسنا طلبات المحافظ وبينا رأينا بعدم صلاحية بناء عمارات عالية الارتفاع في مدينة مثل مدينة الكوفة وبالاخص في المنطقة القديمة منها . تم اعلامنا رسمياً بالملاحظات من قبل المحافظ وغير مستشارو البلدية ومعظم مستشارو مجلس القضاء ومدير التخطيط العمراني في النجف اَراءهم رغم انهم وافقوا واتفقوا معنا على تقارير المراحل السابقة مبينين ان رأي المحافظ لا يمكن تجاهله وتوقف بذلك العمل على المشروع.
لمعالجة هذه المشكلة وللخروج من هذا المأزق تم اقتراح تقديم بديل يؤمن طلبات المحافظة ويوافق عليه المحافظ . جاء البديل الذي تم الاتفاق عليه مع التخطيط العمراني بأن يتم اعتماد المقترحات المقدمة من قبلنا بموجب مفاهيم العقد تعتمد الان وان نقوم بوضع افكار لكيفية تخطيط المدينة بموجب مفاهيم المحافظ باعتماد عمارات متعددة الطوابق للسكن ممكن اقرارها بوقت لاحق من الزمن ان طلب ذلك . عمل الاستاذ علي نوري على وضع تصاميم اولية لبعض الاحياء السكنية معتمدا على توفير سكن عمودي وعمارات متعددة الطوابق وعمل على ان تتضمن هذه التخطيطات عدد الوحدات السكنية نفسها الموجودة في ذلك الحي وتوفير الشوارع العريضة المطلوبة ومواقف السيارات والمدارس والمرافق الاخرى .
تمت الموافقة على هذا المقترح وأيدت دائرة التخطيط العمراني مقترحات مكتبنا وايد شريكنا البريطاني ذلك . ارسل المقترح الجديد الى الكوفة . عرض المقترح على المحافظ وايد ذلك كحل لهذا المأزق .
عرض التصميم على مجلس المحافظة للمصادقة وهو الان بانتظار المصادقة . صوت بعد اسابيع مجلس المحافظة على اقالة المحافظ . ولايزال التصميم وانجاز المشروع معلقاً لحد الان .
ثانياً : الخطط الهيكلية لتطوير المحافظات
حب الانسان للارض التي يعمل عليها ، يؤثر كثيرا على الناتج النهائي لعمله وابداعاته . ولهذا هزتني مشاريع الخطط الهيكلية لتطوير محافظات العراق .
حبي لبلدي العراق ومقدار حبي لتربة هذا الوطن أمر غير محدود… قد يعود ذلك لنشأتي في مرحلة طفولتي متنقلا بين محافظات العراق مع والدي وعائلتي وأنا في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة ، حينذاك تشبعت بمفاهيم مدنها وطبيعتها ومجتمعاتها المختلفة شمالا وجنوبا .
وفي مراحل عملي كمهندس متنقلا بين المحافظات والمدن العراقية وتكليفي منذ ستينات القرن العشرين من قبل وزارة الاسكان بمسؤوليات تنفيذ مشاريع الاسكان في المدن العراقية ومسؤولياتي واختلاطي بالمجتمع في معظم المدن العراقية التي عملت فيها من شمال العراق الى جنوبة واختلاطي بالمجتمعات في معظم المدن العراقية الرئيسية رسخ لدي حباً للمجتمعات العراقية ومفاهيمها . كما ان تتبعي لدراسات آثار الحضارات العراقية بحكم علاقتها بفنون البناء ، وتنامي رغبتي في تسخير اختصاصي للإعمار ، رسخ لدي حب العمل على مشاريع الخطط الهيكلية التي لم تتح للعديد من المهندسين من قبلي ، والتي قد تكون هي من الفرص الأخيرة التي سنحت لي في حياتي للعمل ، على مشاريع أرغب في التفاني وأداء الأحسن فيها .
لقد وفرت لي وزارة البلديات ( المديرية العامة للتخطيط العمراني) الفرص المناسبة للاشتراك في مناقصات تنفيذ هذه المشاريع . لقد تنافست ومعي شركائي في تقديم عروض الدراسات الاستشارية لتطوير العديد من المحافظات …وكنت سعيدا في ان اعمل وانجز بنجاح خطط هيكلية لخمس محافظات …. ساقدمها كما يلي بإيجاز شديد :