ماذا نتوقع من قمة ترامب وكيم ؟

كريستوفر هيل
مساعد وزيرة الخارجية الأميركية السابق لشرق آسيا
منذ قمة السابع والعشرين من إبريل/نيسان بين رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن ونظيره الكوري الشمالي كيم جونج أون، سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على نحو لم يكن مفاجئا، إلى تصوير نفسه على أنه العقل المدبر وراء التحرك الدبلوماسي بين شطري شبه الجزيرة الكورية. ولكن على الرغم من شعاع الأمل النابع من شبه الجزيرة، فإن ترامب ربما يندم على احتلال مركز الصدارة في هذه القضية، وخاصة مع اقتراب موعد انعقاد قمته مع كيم.
في التحضير لهذا الحدث ــ الذي من المقرر مبدئيا أن ينعقد في أواخر مايو/أيار أو أوائل يونيو/حزيران ــ من المرجح أن يتجنب ترامب قراءة نصائح الخبراء أو الاستماع إليها، وسوف يحيط نفسه بمعلومات متضاربة. فمن المعروف عنه أنه غير قادر على استيعاب أي إحاطة سياسية شاملة ومنظمة، وتميل آراؤه إلى عكس آراء آخر شخص تحدث معه. وهو فضلا عن ذلك يسترشد في عموم الأمر بشعور من السخط والغضب ضد من سبقوه من رؤساء، وخاصة الرئيس باراك أوباما، لأنه كان ساذجا أو لم يكن يركز على حل المشكلة المعروضة عليه.
لكن الاجتماع العاطفي الذي دار بين مون وكيم في بانمنجوم (قرية السلام) على حدود الكوريتين، يشكل تحديا هائلا لترامب، الذي يريد استعراضا ضخما مبهرجا لسحره الخاص في عقد الصفقات، حتى يتسنى له أن يقول للعالَم: «الآن أنتم ترون الأزمة؛ الآن أنتم لا ترونها». ولكن للأسف، لا يمكن التلويح بعصا سحرية فتختفي ببساطة رغبة كوريا الشمالية في الحصول على أسلحة نووية.
في أفضل تقدير، لن تنتج قمة ترامب وكيم سوى المزيد من الصيغ الغامضة لما يمكن تحقيقه من خلال المزيد من المحادثات. وعلى سبيل استعراض مدى غموض مثل هذه التصريحات الدبلوماسية وافتقارها إلى الدقة، لنتأمل البيان المشترك الصادر عن مون وكيم بعد قمتهما الثنائية، والذي زعما فيه أنهما يتشاركان حلم شبه الجزيرة الكورية الخالية من الأسلحة النووية.
في الأرجح، سوف يعرض كيم على ترامب تأكيدات تبدو أكثر تشجيعا حتى مما عرضه على مون ــ ولكن لن يكون الفارق كبيرا. على وجه التحديد، سوف يزعم قادة كوريا الشمالية أن ترسانتهم النووية الغرض منها الدفاع عن النفس ــ وهي استجابة منطقية لعقود من العداوة الأميركية المفترضة. وسوف يعدون رغبة ترامب في لقاء كيم خطوة أولى تستحق الترحيب على الطريق إلى نزع السلاح النووي؛ وسوف يردون على هذه المبادرة ببعض التنازلات في المقابل، مثل تجميد اختبارات الأسلحة النووية أو الصواريخ البعيدة المدى.
أما عندما يُطرَح التساؤل حول ما إذا كانت كوريا الشمالية ستعود إلى وضع الدولة غير النووية وتعود إلى الانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي، فسوف يعترض كيم. سيقول قادة كوريا الشمالية إن هذا سيستغرق وقتا أطول كثيرا، وسوف يطالبون بتدابير أكثر تدرجا من قِبَل الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين لإزالة حالة «انعدام الثقة» ــ وهو التخوف المفضل لدى كوريا الشمالية.
من جانبه، لن يستوعب ترامب أي شيء يتسم بالتدرج، وعلى هذا فسوف يسعى إلى سلوك طرق مختصرة لتحقيق شيء أشبه بهدفه المعلن. ولأنه انتقد القواعد الأميركية الأمامية في الماضي، فربما يقترح لفتة دراماتيكية لإثبات أن الولايات المتحدة لا تعتزم استخدام قواتها في كوريا الجنوبية ضد الشمال. وسوف يبدي كيم الاهتمام بلا أدنى شك، بل وربما يوافق حتى على مصافحة ترامب في إشارة إلى قبول شيء على غرار «نزع الأسلحة النووية» في مقابل سحب القوات الأميركية. لكنه سيظل يلتمس المزيد من الوقت.
ربما يثير ترامب أيضا قضية المواطنين الأميركيين المحتجزين حاليا في سجون كوريا الشمالية. وقد يرد كيم بأن تأمين إطلاق سراح أي سجين أمر صعب، نظرا «لاستقلال» السلطة القضائية في كوريا الشمالية؛ لكنه سيقدم نفسه على أنه رجل محب للإنسانية وعلى استعداد لبذل كل ما في إمكانه للمساعدة. وربما يعرب حتى عن حزنه على أوتو وارمبيير، الطالب الجامعي الأميركي الذي أُطلِق سراحه من الحجز في كوريا الشمالية وهو مصاب بغيبوبة العام الماضي، والذي لم يسترد وعيه قَط وتوفي بعد ذلك بفترة وجيزة. غير أنه لن يتحمل أي مسؤولية عن الضرب الذي تلقاه وارمبيير بوضوح.
سوف تكون أجواء قمة ترامب وكيم دافئة. وربما يشنف كيم أسماع ترامب بخططه للتنمية الاقتصادية وهدفه المتمثل في تحويل بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية إلى مدينة عالمية الطراز ــ وتضم فندقا على مستوى عالمي بطبيعة الحال. وسوف يشرح له المنطق وراء ضرورة تعليق العقوبات قبل أن يتمكن حتى من البدء في إرساء الأساس لنزع السلاح النووي.
سوف يحتاج ترامب إلى ما هو أكثر من هذا لكي يتسنى له ادعاء النجاح. أحد الاحتمالات أنه سيواجه كيم بشأن تعريف كوريا الشمالية المائع لمسألة «نزع السلاح النووي». وحتى في غياب الاتفاق على جدول زمني، ربما يضطر كيم على الأقل إلى الإقرار بأن نزع السلاح النووي يعني التفكيك الكامل القابل للتحقق والذي لا رجعه فيه لبرنامج الأسلحة النووية.
في كل الأحوال، لكي يثبت ترامب أنه لا يقبل «التلاعب به»، فسوف يحتاج إلى تنفيذ عدة مهام في وقت واحد. فمن أجل الرأي العام في كوريا الجنوبية، يتعين عليه أن يرسم مسارا بين ضرورة الإبقاء على روح القمة بين الكوريتين وعدم الاستسلام في ما يتصل بتخفيف العقوبات. ولا ينبغي له أيضا أن يفعل أي شيء من شأنه أن يضعف تحالف الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية واليابان، وهذا يعني أنه يجب أن يحافظ على الاتصال الوثيق مع كل من مون ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي طوال مراحل هذه العملية، خشية أن يشعر أي من الزعيمين بأنه كان موضع تجاهل.
علاوة على ذلك، يتعين عليه أن يبقي كل البدائل على الطاولة، حتى برغم أن الخيارات العسكرية أصبحت أقل قابلية للتنفيذ في سياق الحوار بين الكوريتين. والأمر الأكثر أهمية هو أنه لابد أن يحمل نظام كوريا الشمالية على الاعتراف على الأقل بأن نزع السلاح النووي الحقيقي هو الهدف، والموافقة على عملية للحوار المستمر، والتي ربما تتوج بقمة أخرى.
أيا كانت النتائج، يتعين على ترامب أن يسأل نفسه ما إذا كانت بأي حال أفضل من خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، والتي وصفها بأنها «أسوأ صفقة على الإطلاق». ولكن مرة أخرى، لعل إقناع ترامب بالانخراط في التأمل الذاتي هو التحدي الأصعب على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة