متابعة ـ الصباح الجديد:
مع استقالة امبر راد وزيرة الداخلية البريطانية، تجد ماي نفسها في خط الدفاع الأمامي عن سياسة كانت أول من دعا اليها، عندما كانت وزيرة للداخلية بين عامَي 2010 و2016 في حكومة ديفيد كامرون. ورفضت ماي القول إن كان عليها ان تتحمّل مسؤولية شخصية عن سياسة الهجرة، مشيرة الى أن ملف «ويندراش» اتسع في شكل سبّب قلقاً.
وقالت ماي إنها حدّدت أهدافاً للحدّ من الهجرة غير الشرعية عندما كانت وزيرة داخلية، قبل أن تصبح رئيسة للوزراء عام 2016. وأضافت: «إذا تحدثتَ مع البريطانيين، فإنهم يريدون التأكد من أننا نتعامل مع الأشخاص الذين يقيمون في البلاد في شكل غير قانوني».
لكن زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن اعتبر ان «راد كانت بمثابة ستار لماي ورحلت الآن، وعلى ماي الإجابة عن أسئلة حول عملها عندما كانت وزيرة للداخلية»، فيما طالب نواب حزبه باستقالتها.
وتعرّضت راد (54 سنة) لانتقادات حادة بعدما أكدت أنها ليست على علم بخطة لطرد مهاجرين «غير شرعيين» وحرمانهم من التقديمات الاجتماعية، ليتبيّن أنها وجّهت رسالة إلى ماي تبلّغها أنها تُنفذ سياستها بخفض عددهم. كما أن موظفي وزارة الداخلية أتلفوا وثائق هؤلاء المهاجرين، التي تُثبت أنهم جُلبوا إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية لكي يساعدوا في إعمار البلاد.
وأقرّت راد في رسالة الاستقالة بـ «تضليل غير مقصود للجنة الشؤون الداخلية في البرلمان، حول أهداف ترحيل مهاجرين غير شرعيين»، وزادت: «أشعر بأن علي أن أفعل ذلك (الاستقالة) لأنني ضللت اللجنة من دون قصد، في ما يتعلق بعدد المستهدف ترحيلهم».
ومع ان قانوناً صدر عام 1971 منح المهاجرين الحق في الإقامة، إلا ان كثيرين منهم لم يستكملوا الإجراءات القانونية، لأنهم كانوا أطفالاً أتوا مع آبائهم أو أشقائهم، ولم يُقدّموا طلبات باسمهم.
ووجّه نواب من حزب المحافظين الحاكم انتقادات كثيرة لراد، لكنهم كانوا يستبعدون إقالتها لأن ذلك يعني نزع «الدرع» التي تحتمي به ماي. وأتت استقالتها لتبرز سياسة المحافظين و»جوّ من الكراهية والعنصرية» أوجدوه في المملكة المتحدة، كما قال كوربن.
وأعلنت وزيرة الداخلية في حكومة الظل النائب ديان آبوت أن» ماي مهندسة الأزمة، وعليها ان توضح بصدق وبالتفصيل كيف نشأ هذا الوضع الذي لا عذر له داخل حكومتها».
واعتبرت أن «إبدال راد بلا معنى إذا استمرت الحكومة في سياستها المعادية للمهاجري». وتابعت ان «وزير الداخلية الجديد لا يستطيع حماية ماي، اذ عليها أن تجيب على أسئلة مهمة عن سماحها باستمرار هذه الفضيحة طيلة سنوات، منذ كانت وزيرة للداخلية، ويجب أن تتحمل المسؤولية»
واتخذت ماي خطوة تُعتبر سابقة بتعيينها ساجد جاويد وزيراً للداخلية بدل راد، آملة باحتواء الأزمة وإبعاد المساءلة عنها في الفضيحة. فللمرة الأولى في تاريخ بريطانيا يتم اختيار أحد المهاجرين الآسيويين للمنصب، وعليه الآن التعامل مع هذا الملف.
وعلّق جاويد (48 سنة) الذي هاجر أهله من باكستان في ستينات القرن العشرين، على فضيحة «ويندراش» قائلاً إن أسرته كان يمكن ان تشملها إجراءات الطرد. واضاف: «سنضع استراتيجية للتأكد من أن لدينا سياسة هجرة عادلة، تعامل الناس باحترام وبأسلوب لائق، وسيكون ذلك من أكثر المهام إلحاحاً بالنسبة إليّ».
وجاويد مصرفي سابق، بات أول وزير للداخلية في بريطانيا متحدر من أقلية عرقية. وارتقى سريعاً في سلّم الخدمة العامة، منذ انتُخب نائباً عام 2010. ووصل والده إلى بريطانيا وفي جيبه جنيهاً استرلينياً واحداً، وعمل في مصنع للقطن في بلدة روتشديل قرب مانشستر. وانتقل مع عائلته إلى مدينة بريستول جنوب غربي بريطانيا، حيث عمل سائق باص، ثم في متجر للملابس النسائية.
وعلى رغم الصعوبات، تمكّن جاويد من إكمال دراسته الجامعية، ونجح في الحصول على وظائف في القطاع المصرفي، قبل أن يقتحم عالم السياسة. وهو لا يمارس تعاليم الدين الإسلامي، في حين أن زوجته لورا، أمّ أولاده الأربعة، مسيحية وتذهب إلى الكنيسة.