رجل دين موصلي بارز: داعش فقد حاضنته الفكرية والعقول تنفر منه

الأهالي ما عادوا يخشون التنظيم ويبلّغون الجهات الأمنية عن بقاياه
(1ـ2)
نينوى ـ خدر خلات:

الشيخ محمد الشماع، رجل دين موصلي بارز، مواليد 1958 معروف في الاوساط الدينية باعتداله ووسطيته وثقافته الكبيرة، فضلا عن جهوده الكبيرة في تجسير اواصر التعايش والتسامح الديني والاجتماعي في عموم ارجاء محافظة نينوى، وكان الشماع آخر من شغل منصب خطيب جامع النبي يونس قبل سيطرة تنظيم داعش الارهابي على المدينة في منتصف حزيران 2014، فغادر المدينة مع مئات الالاف من اهلها الى النزوح، حيث لجأ الى مدينة اربيل في اقليم كردستان، قبل ان يعود لمدينته عقب طرد تنظيم داعش الارهابي في نهاية تموز 2017.
ومن اجل الاطلاع على الاوضاع الاخيرة في مدينة الموصل من وجهة نظره، كشخصية دينية ثقافية، عقب طرد داعش منها وما تركه من اثار على المزاج العام بالموصل، التقى مراسل الصباح الجديد، بفضيلته وكان لنا معه هذا الحوار.
الصباح الجديد: كيف يرى الشيخ محمد الشماع وضع المساجد والجوامع في الموصل حاليا ودورها في التأثير على الرأي الموصلي العام؟؟
ـ وضع المساجد والجوامع في الموصل اذا قارناه مع الوضع قبل سنة من الان اي في بداية ايام التحرير فالمقارنة نرى فيها ايجابية بالنسبة لما قبل سنة، ففي اول فترة اعقبت التحرير كانت الجوامع في حالة يرثى لها، والشيوخ كانوا ما بين نازح ومهجر وامور اخرى كثيرة، وكانت تلك الفترة صعبة جدا و جدا، بسبب الصدمة التي فعلها داعش بالاهالي، حتى ان رواد الجوامع حينها كانوا قليلين بصراحة، لكن الان رجعت الناس للجوامع وهي تستمع وتستجيب رويدا رويدا، والصدمة التي اصابتهم بدأت تزول عنهم بشكل تدريجي، والقادم سيكون افضل ان شاء الله.
الصباح الجديد: هل تعتقدون ان الخطبة الموحدة المتبعة حاليا في الموصل لها ايجابيات فقط؟؟ واذا كان لها سلبيات ما هي؟؟ وكم هي نسبة المخالفين للالتزام بتلك الخطبة؟؟
حاليا لا يوجد مخالفون للخطبة الموحدة وهنالك التزام بها من قبل الجميع، وعلما ان الخطبة الموحدة تم اقرارها من اجل ان يكون الخطاب الديني موحدا للناس بحيث لا يقول هذا الجامع موضوعا ما وجامع اخر يقول موضوعا اخر ربما يخالفه او يناقضه، ونظرا لحساسية الظرف تم اقرار ان يكون الخطاب واحدا بالمستوى والاسلوب نفسه في عموم الموصل، وانا ارى ان هذه حالة مؤقتة ولا يمكن ان تستمر، من ايجابيات الخطبة الموحدة هو ايصال المعلومة بشكل موحد كي لا يحصل تشتيت فكري للناس، لكن السلبيات موجودة بطبيعة الحال، لأن الخطبة الموحدة تقضي على التميز الشخصي والابداعي للخطباء، حيث تساوي بين الخطيب المبدع والخطيب الاعتيادي، ولا تظهر شخصية الخطيب المبدع والعالم الديني في الخطبة الموحدة.
الصباح الجديد: هل يمكن القول ان الفكر التكفيري المتطرف قد زال خطره على الموصل ونينوى عموما؟؟ ام ان هنالك جهدا شاقا في هذا المضمار لمحاصرة هذا الفكر ومنع انتشاره لحين تحجيمه وازالة مخلفاته؟؟
ـ هذا الفكر ليس من الهين ازالته او القضاء عليه، لانه هنالك عقول متحجرة قد وصل بها التحجر الفكري الى درجة العبودية لهذا الفكر ويعدون ان هذا الفكر هو الدين السماوي وما عداه هو ضال ومرتد وهكذا يفكرون للاسف، وهذه النماذج التي تؤمن بهذه الطريقة ليس من الهين ان يتم ازالة تلك الافكار عنها في ايام او سنة مثلا، لكن عموما فان المحصلة الايجابية في المسألة ان الحاضنة النفسية والفكرية التي كان يتعكز عليها داعش عند بعض الناس، اقول ان هذه الحاضنة قد زالت بفعل سوء افعال داعش نفسه، بحيث ان النفوس والعقول والافكار قد نفرت منه نفورا كبيرا، ففي الامس القريب كان المواطن الموصلي يسكت من الخوف حين كان يرى داعش تفعل ما تفعله، بينما اليوم الناس لم تعد ساكتة، بل انها تخابر وتتصل وتعلم على هذا او ذاك من الدواعش، هذه المحصلة الكبيرة التي لم تكن تدور بفكر داعش ولم يتصور انه يمكن لاهل الموصل ان يتوصلوا لهذه النتيجة، وبالتالي الان العنصر الداعشي في اشد حالات الخوف والترقب والحذر، ولم يعد يستطيع الحركة كما في السابق حيث كان يتحرك بحرية وباستهتار، حيث الان الامر اختلف بشكل كبير.
علما ان ما كان يقال بحق بعض اهل الموصل من مصطلح “انا ش عليي” (تعني وما علاقتي انا؟) قد زال هذا المصطلح بنسبة 80% من نفوس من كان يتعامل مع هذا المصطلح، والاغلبية المطلقة اصبحوا معنيين بالحفاظ على امن مدينتهم ومستقبلها.
يتبع بالقسم الثاني والاخير..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة