«الشهداء يصلون إلى المستشفى أشلاء»
الصباح الجديد ـ وكالات:
بعد ساعات قليلة من محادثة هاتفية أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وحضّه خلالها على ممارسة ضغوط على النظام السوري لوقف «التصعيد العسكري» لحماية المدنيين واستئناف المفاوضات، استأنف طيران النظام السوري غاراته على مدينة دوما، آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية، موقعاً عشرات القتلى والجرحى، بالتزامن مع اقتحام قواته مزارع المدينة، وذلك مع انتهاء المهلة الروسية لفصيل «جيش الإسلام « للرد على خطةٍ للتسوية وفق شروط أثارت انقسامات بين صفوف مقاتليه.
وبدا التصعيد العسكري رسالة من النظام، كونه «يرغب في حسم عسكري سريع» في دوما (14 كيلومتراً شرق دمشق). وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: «استُهدفت أحياء سكنية في المدينة بعشرات الغارات الجوية» هي الأولى منذ نحو عشرة أيام.
وأشار إلى مقتل «30 مدنياً على الأقل، بينهم خمسة أطفال»، مضيفاً أن «بين الجرحى نساء وأطفالاً، وحال بعضهم حرجة». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر طبي في دوما قوله إن «الشهداء يصلون إلى المستشفى أشلاء».
وأفادت وسائل إعلام تابعة للنظام، بأن القوات البرية «دخلت مزارع دوما»، بالتزامن مع الغارات التي شنتها مقاتلاته. وأشارت إلى أن «الطيران يشن الغارات لإسناد الفرق العسكرية، من بينها الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري»، مؤكدة العزم على «إنهاء العملية وتحرير دوما».
وكانت وسائل إعلام تابعة للنظام حمّلت «جيش الإسلام» المسؤولية، وقال التلفزيون الرسمي إن «الغارات جاءت رداً على قصف جيش الإسلام معبراً خارج دوما ومنطقة سكنية أسفرت عن مقتل طفل وجرح 20 مدنياً، ما دفع القوات الجوية إلى الرد». لكن «جيش الإسلام» قال إنه كان «يرد بالمدفعية والصواريخ على قصف النظام». ونفى عبود، وهو ناشط معني بترتيب حملات لتخفيف آثار الحصار والقصف على المدنيين، «إطلاق النار من دوما نحو معبر الوافدين»، وقال: « إنها مجرد حجة من النظام لتنفيذ القصف وبث الفوضى في دوما».
وأكد أن «الوضع الإنساني والمعيشي ما زال صعباً مع تواصل الحصار». وذكرت مصادر مقربة من الوفد المفاوض حول التسوية في دوما، أن «المفاوضين أعلموا الجانب الروسي بأن قصف النظام يُعد خرقاً لوقف النار المتفق عليه طيلة فترة التفاوض معهم (الروس)». وكان النظام اتهم «جيش الإسلام» بـ «عرقلة الاتفاق، ورفض إطلاق المختطفين الموجودين في المدينة».
ولا تزال المفاوضات مستمرة، وتتضارب الأنباء حول «تسوية جديدة» لأوضاع الغوطة. وأفادت مصادر امنية في دوما بأن «جيش الإسلام يحيط المفاوضات بتكتم شديد».
ويقدر عدد مقاتلي «جيش الإسلام» بنحو 10 آلاف يخضعون للحصار مع نحو 50 ألف مدني، معظمهم من أقارب المقاتلين وأبناء المنطقة، ما يعطل إمكان خروج المقاتلين وحدهم، فيما يخشى المدنيون من انتقام النظام ونهب ممتلكاتهم وبيوتهم، كما جرى في مدن الغوطة الأخرى.
إلى ذلك، قال بيان للإليزيه إن ماكرون حض بوتين خلال اتصال هاتفي على «ممارسة نفوذه بشكل كلي على النظام السوري» من أجل «وقف التصعيد العسكري» و «السماح بحماية المدنيين، واستئناف مفاوضات ذات صدقية حول عملية الانتقال السياسي الشاملة، ومنع عودة داعش إلى المنطقة».
أما الكرملين، فأفاد في بيان: «أثناء مناقشة الأوضاع في الغوطة الشرقية، أولى الجانبان اهتمامهما بالعملية التي لا سابق لها لإنقاذ المدنيين وإخراج المسلحين الذين لم يرغبوا في نزع السلاح».