جلسة الصالون الثقافي العربي في النادى الدبلوماسي المصري لتكريم قيس العزاوي ومناقشة الاوضاع الثقافية العربية

(الحلقة الأولى)

أقام الدكتور مصطفى الفقي حفلا في النادي الدبلوماسي المصري للاحتفال بعودة أمين عام الصالون الثقافي العربي السفير الدكتور قيس العزاوي لممارسة دوره الثقافي وجهوده المتواصلة في إحياء أمسيات ثقافية تبحث قضايا الأمة العربية وهموم المواطن العربي، وقد ناقش الحاضرون الاوضاع الثقافية في العالم العربي بحضور عدد من الوزراء والسفراء والأدباء والفنانين العرب والمصريين .
وبدأت الجلسة بكلمة ترحيبية من قبل الدكتور مصطفى الفقي قال فيها :
د. مصطفى الفقي:
سعادة الدكتور يحيى الجمل رئيس الصالون الثقافى العربى ونائب رئيس وزراء مصر الأسبق أهلاً بك فى هذه الأمسية الخاصة بتكريم ضيف الشرف لهذه الليلة سعادة السفير الدكتور قيس العزاوى أمين عام الصالون وهو الرجل الذى استضافنا عدة سنوات وليس مرات فى أمسيات رائعة لهذا الصالون الثقافي العربى. ومن يعرف هذا الإنسان يعرف كم هو وطني وثوري وعروبي وتقدمي وإنساني وراق، وأنا أرحب به باسمكم جميعاً وإن شاء الله سوف نجري حواراً مثمراً حتى نؤكد أن هذا الصالون مازال مستمراً.
أنا سعيد أن حضراتكم لبيتم دعوتي لتكريم الدكتور قيس ووجودكم شرف لنا جميعاً وأرجو أن تكون عراقة النادي الدبلوماسي المصري لها تأثير مع عراقة الصالون الثقافي العربي. نرحب أولاً بكلمة للدكتور يحيى الجمل رئيس الصالون . تحية واحتراما للجميع وكلكم أصحاب قامات عالية.. ومرحباً بكم فأنتم أهل الصالون وأنا سعيد بضيافتي اليوم على شرف صديقي وأخي العزيز الدكتور قيس.
د. يحيى الجمل:
شكراً للأستاذ مصطفى الفقي على دعوته الكريمة لهذا الحفل ولهذا الجمع لحضور حفل تكريم الدكتور قيس العزاوي . والدكتور قيس يعلم كم أنا أقدره وأحترمه وأحبه من قبل الصالون الثقافي ومن بعده. فقد كان طوال السنوات القليلة السابقة بالقاهرة كعادته شعلة من النشاط العروبي الجميل وكم كنا سعداء به وبوجوده دائماً بالقاهرة، وقد جعل من داره مقراً لنا وللصالون ومركزاً عروبياً خالصاً مخلصاً.. وسوف يكون له عندي أيضاً حفل تكريم يوم 31/10/ 2015 الساعة السابعة والنصف بنادي السيارات بالقاهرة.
د. قيس العزاوي:
شكراً لهذه الكلمات المليئة بالمحبة والفخر والاعتزاز . وكم أحببتكم واحببت مصر، فقد عشت فيها منذ عام 1963 حتى عام 1972 وعايشت كل الاحداث الكبرى خلالها.. ثم رجعت إليها سفيراً في2010.. أشكر الدكتور مصطفى الفقي على هذه الأمسية النبيلة لتكريم شخصي المتواضع في هذا النادي الدبلوماسي الكبير، كما أقدم شكري إلى الدكتور الكبير صلاح فضل أيضاً على دعوته الجميلة في الشهر الماضي واصراره على ضرورة استمرار الصالون الثقافي، وتحية شكر خاصة للدكتور خالد زيادة السفير اللبناني وأستاذ العثمانيات المرموق على مبادرته الطيبة بدعواته المتكررة لانعقاد اللجنة التأسيسية للصالون بمنزله وبضيافته العامرة… والحقيقة أنا أشكر الجميع بما تفضلتم به علي طوال الفترة الماضية ومعرفتي بكم واستجابتكم للإنضمام للصالون الثقافي وأنا تلميذكم الصغير وقد تعلمت منكم الكثير.. وتفضل الدكتور الكبير يحيى الجمل برئاسة هذا الصالون. وبفضلكم انضم لنا كثير من الكتاب والمثقفين والإعلاميين والموسيقيين والفنانين.. وكانت بداية قيام الصالون على لسان الدكتور جابر عصفور الذي اقترح تشكيل صالون ثقافي عربي واجتمعنا كلجنة تأسيسية ضمت في البداية كل من : الدكتور يحيى الجمل والدكتور جابر عصفور والأستاذ محمد الخولى والموسيقار نصير شمه والدكتور خالد زيادة، وتوسعت اللجنة لتضم الدكتور صلاح فضل والدكتور سيدي محمد ولد بوبكر رئيس الوزراء الموريتاني الاسبق وسفير بلاده اليوم بالقاهرة الذي كتب اجمل القصائد متغزلاً بالصالون والاستاذ محمد سعيد العلمي وزير الشؤون البرلمانية المغربي الاسبق وسفير بلاه اليوم بالقاهرة.
وقد اسهم الفنان نصير شمه وهو النجم الموسيقي المبدع بروحه الصوفية الجميلة في بعث متعة الاستماع والتلذذ بعزف اوتار عوده في صالوننا الثقافي واطلعنا على منجزات بيت العود لتعزيز مكانة الموسيقى في حياتنا الفكرية..
وقد كانت بالفعل هذه المجموعة من النخبة بمنزلة المؤسسة العربية للثقافة والتي عرفت بالصالون الثقافي العربي تعقد جلساتها وتثبت مواقفها في كل الاحداث التي مرت في مصرنا العزيزة، وتوالت إصدارات الصالون كمحاضر لجلساته حتى وصلت الآن إلى 13 كتابا كان آخرها كتاب أستاذنا العزيز السيد يسين وهو من الشخصيات التي أعتز بها جداً والذي أضاف كثيراً لفكر الدراسات المستقبلية، وكذلك أستاذي العزيز الدكتور حسن حنفي الذي تبدأ معرفتي به من بداية السبعينيات. وسيصدر قريباً كتاب عن مساهماته الفلسفية عن الصالون .
والحقيقة أنني أينما ذهبت إلى أى مكان في باريس أو أية عاصمة عربية أجد من يردد إسم الصالون الثقافي العربي ويتحدث عنه بتقدير كبير ويقول عنه أنه ظاهرة عربية مشّرفة يجب أن تستمر.. ولهذا نحن نحاول أن نستمر وخاصة أن للصالون أهدافا نبيلة يجب أن تنتج وتعيد إنتاج النشاطات العقلية سواء في التراثيات أو ابداعات فكر المستقبليات.. وفي تقديري أصبح واجب علينا أن نستمر وهي مسئولية كبيرة أعد امامكم باستمرارها إن شاء الله وسنحدد وتيرة معينة مع مجلس أمناء الصالون لانعقاد الأمسيات ونحافظ عليها حتى يكون هناك لقاء شهرى موسع وأفكار جديدة. واليوم سوف نتحدث عن الأوضاع الثقافية في الوطن العربي التي تصيبنا جميعاً بالحزن والكآبة الشديدة.
د. صلاح فضل:
مساء الخير وأهلاً بكم وكل جلسة وأنتم طيبون.. ونحن نطالب من الدكتور قيس العزاوي أن يحافظ على إيقاع أمسيات الصالون الثقافي العربي كما كان سابقاً، وأعتقد أن الميزة الأساسية لهذا الصالون أنها تتمحور حول فكرة اللقاء لكبار المثقفين العرب والتباحث والحوار حول القضايا الأساسية التي تشغل وطننا العربي الكبير وتشغلنا في مصر وتشغل كثيرا من الوزراء في بلادنا العربية. الحفاوة الشخصية والمحبة هى التي تجمعنا دائماً معاً لذلك كان حديث الدكتور يحيى الجمل حول انقسام العالم العربي على أنفسهم وهذا ميراث ثقيل من الخلافات العربية المصطنعة ومحاربة فصيل لفصيل آخر ولابد أن نعود للعلاقات الأصيلة من المحبة والتواصل تجارياً وثقافياً ورياضياً وعلمياً.. وبالحوار.
ولا أحسب أن أصول الحوار تفضي إلى شئ مثلما تفضي إلى مزيد من الألفة والحب والود بيننا. وإذا كان عنواننا أهم المتغيرات التي شغلت الفكر العربي سوف أبرز في عجالة أهم هذه المتغيرات.
منذ كتب طه حسين سنة 1938 ونحن نأخذ كل الحصاد الغربي بحلو ومره وخيره وشره، صحيح تحققت نهضة حقيقية في الإعلام والتواصل والإتصالات والمعلومات والفنون والآداب وفي المعرفة العلمية وغير ذلك.. كان من أهم مظاهر الثقافة الغربية منذ بداية طه حسين هو تنمية التيار الناعم وإبراز الجمال واكتشاف العناصر الحضارية في الفكر الديني والتركيز عليها. كانت كتابات العقاد وطه حسين وكل هؤلاء الرواد تستأنس وتكسب إلى جانبها هذه التيار الناعم من الفكر الديني وظل التقريب هذا مع التيار الديني، وميزة هذا التيار أنه كان يريد أن يحل محل التيار الثقافي في الجوانب المعرفية وكل الفنون ويتعايش معها بل ويستفيد منها. وكان هذا الإيقاع المتناغم الجميل هو الصفة التي تميز هذا التيار. منذ بداية الثمانينيات والتسعينيات انبثق من هذا التيار أو خرج عليه أو انفصل عنه هذا التيار الديني المتوحش الذي يريد أن يستأثر بالحياة السياسية ويريد أن يجبر الناس على رؤيتهم الفكرية ويغير حياتهم وسلوكهم وقيمهم ويغير منظومة القيم طبقاً لما يصورون لهم بأن هناك قيما أخرى أساسية أصولية.
أظن من هذا التخيل أو التحول الجذري في وظيفة الانشقاق للتيار الديني لهذين الجانبين- الناعم والمتشدد – هو الذي يمثل ظاهرة اولى الآن وإشكالية حقيقية في وجه الثقافة العربية لأنها كما رأينا في كثير من الدول العربية تحمل وتعمل على تحقيق طموحات سياسية وهو ما نراه خاصة في دول الثورات العربية والإتجاه للتدمير والدمار نتيجة لوحشيته وجشعه وإصراره على الاستفراد بالسلطة. هذا المتغير لم يكن موجوداً في عهد التيارات الثقافية العربية والتي انبثقت من مصر وصاحبتها تيارات أخرى مثل التيار الإشتراكي الجميل الذى استهدف العدالة الاجتماعية وحقق جزءً كبيراً منها أيام عبد الناصر ثم جرى الانقضاض عليها بعد ذلك. ولا أريد أن أربط كل هذا بالصخب السياسى ولكني أريد أن أشير إلى هذه الظاهرة التي تغلغلت في النسيج الثقافي المصري والعربي في العقود الثلاثة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة