بغداد – وداد إبراهيم :
الشروع في الكتابة عن المنظر والفنان والكاتب شاكر حسن ال سعيد يشبه التجول في مدينة معروضة للعيان.
اماكن مترفة خطوات جسور تصل بك الى الاعلى جدران وضع عليها اعمالا تنتمي الى هذا الفيلسوف الرائد، اشارات وذكريات مناطق تعكس لنا ضوء الشمس وسط العتمة سيل عارم من الرموز الفنية، ابعاد ومتاهات تعلن عن لوحات كانت تشكل صيرورة هذا المبدع الكبير، وكما يسميها المبدع نفسه (المدرك الشكلي).
والمعروف ان تناول اية تجربة ابداعية في حقيقته هو امتحان لطريقة تناول التجربة وكيفية رسم واعادة ترتيب الاحداث ولامناص من الانتقال من الصورة الى الشكل والى التنظير والى ابواب اخرى تناولها هذا العبقري.
هذا ما كان مع الفنان التشكيلي والكاتب علي الدليمي مدير المتحف الوطني للفن الحديث في دائرة الفنون العامة اذ صدر له مؤخرا كتاب (شاكر حسن ال سعيد وخطابه الجمالي) والذي جاء ب400 صفحة.
بدأ بسيرة ذاتية عن الفنان وانتهى بصورة مع عائلته وصورة عن اعماله التي يتضمنها المتحف الوطني للفن الحديث.
لماذا هذا الكتاب؟
يقول علي الدليمي:ان مشروع كتابي الجزء الاول عن شاكر حسن ال سعيد جاء في هذه الفترة بعد ان وجدت اننا امام مرحلة نسيان عمالقة الفن العراقي وان الجيل الجديد يفتقد الى معرفة واسعة ببعض رواد الحركة التشكيلية ومنظريها، ولكوني عاصرت هذا المبدع من عام 1982 حتى وفاته فقد وجدت ان تجربته فرضت نفسها نموذجا تطبيقيا، وذلك برسم واعادة الاحداث التي عاشها وما قدمه هذا المبدع للحركة التشكيلية اذ يعد هو من اهم الشخصيات التي كتبت تاريخ الحركة الفنية في العراق وفي جزئين وهذا فضل كبير في ارساء معالم الفن التشكيلي في العراق وكانت طريقة توثيقه درس كبير لنا في كيفية حفظ وتدوين الحركة التشكيلية في العراق، ولم يكن هدفه ايجاد توحيد متوازن للعالمين المادي واللامادي بل تحديد معالم افتراقهما، فهو معلم كبير تعلمت منه كيفية القراءة لانه كان يؤكد على ان القراءة يجب ان تكون بالعقل والعاطفة، لانه منظر كبير ولايمكن فهم ما يكتب الا عبر العقل والعاطفة وكان يشكو بأن نتاجه الكتابي لم يفهم من قبل الكثير من المثقفين.
هذا المبدع الكبير كان يمتلك ادواته في الكتابة وفي الرسم وفي التنظير كونه واع مثقف مطلع يمتلك البلاغة وقوة سرد المعلومات بلغة ادبية فلسفية عالية، كما انه اول من اصدر البيان التأملي مع الفنان الرائد جواد سليم وكان من قادة جماعة بغداد للفن الحديث التي احدثت ثورة في عالم الفن التشكيلي في العراق على صعيد الاتجاهات الفنية فكان هناك حركة تحول في الفن من الانطباعية الى الحداثة والى فن عالمي، هذا الفنان متواضع جدا يتحدث مع الكل يعطي افكاره للجميع يشرفني اني تعلمت منه كيف اكتب فجمعت كل ارشيفي والذي يتضمن بعض ما كتبه هذا الفنان وعملت تبويبا له وحين وجدت المواد التي يتضمنها الكتاب اصبحت كثيرة، قررت ان يكون هناك جزء ثان من هذا المطبوع يتضمن اللقاءات الفنية التي نشرت في الصحافة العراقية. ومن الجدير بالذكر ان ال سعيد كان متواضعا جدا يتحدث عن افكاره امام الجميع ويحاول ان يعلن ما يعرف عن تفاصيل الحركة الفنية بكل تواضع وبساطة.
اما عن مشروعه المقبل قال الدليمي: ساكتب عن جواد سليم وما انجز خلال رحلته مع الفن وما يتضمنه المتحف الوطني للفن الحديث من اعمال وصور لهذا المبدع وقد يحتاج الى مجلدات للكتابة عن جواد سليم لكن غياب الدعم المادي للنتاج الكتابي هو ما يعرقل انجاز الكثير من الاعمال الكتابية التي تتحدث عن رواد وعمالقة الفن التشكيلي.