معارك في أطراف الغوطة الشرقية بالرغم من الهدنة الروسية
الصباح الجديد ـ وكالات:
انتقدت تركيا امس الاربعاء بشدة فرنسا والولايات المتحدة لمطالبتهما بأن يشمل وقف إطلاق النار في سوريا عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد، وسط تصاعد حدة التوتر بين أنقرة ونظرائها في حلف شمال الأطلسي.
وأقر مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك روسيا، اتفاقا لوقف إطلاق النار مدته 30 يوما في انحاء سوريا، رغم أن العنف لا يزال مستمرا في الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
ورحبت تركيا بقرار وقف إطلاق النار لكنها أصرت مرارا على أن أي هدنة لن تؤثر على عمليتها المستمرة منذ أكثر من شهر في منطقة عفرين ضد قوات كردية تعتبرها أنقرة «إرهابية».
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قال خلال مكالمة هاتفية الاثنين الماضي مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان، إن قرار وقف إطلاق النار يجب أن يطبق على كامل أنحاء سوريا «بما في ذلك عفرين»، وفقا لما ذكرت الرئاسة الفرنسية.
لكن وزارة الخارجية التركية اتهمت باريس امس الاربعاء بتقديم بيان كاذب عن المحادثة مشيرة إلى أن ماكرون لم يأت على ذكر عفرين خلال مناقشة وقف إطلاق النار.
وأفادت أن تركيا أبلغت السلطات الفرنسية بأن بيانهم «يفتقد إلى الصراحة» وارتكبوا خطأ «تضليل الرأي العام».
من جهتها، أصرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية هيذر نويرت على أن قرار وقف إطلاق النار ينطبق على عفرين كذلك. وقالت «بإمكان تركيا معاودة قراءة النص الدقيق لقرار مجلس الأمن الدولي هذا. واقترح عليهم القيام بذلك».
وأكدت أن وقف إطلاق النار لا يستثني إلا العمليات ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة وغيرها من المجموعات الإسلامية المتطرفة.
وردت وزارة الخارجية التركية على نويرت في بيان منفصل اعتبرت خلاله أن تصريحاتها «لا أساس لها على الإطلاق» مصرة على أن الحملة في عفرين هي حرب على «إرهابيين» وتشكل مسألة «دفاع عن النفس» بالنسبة لأنقرة.
وتسببت العملية التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية بتصعيد التوترات مع واشنطن التي تعمل عن قرب مع وحدات حماية الشعب الكردية في حربها ضد الجماعات المتطرفة في سوريا.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية فرعا سوريا لحزب العمال الكردستاني الذي شن منذ ثلاثة عقود تمردا ضد الدولة التركية وتعتبره أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي مجموعة «ارهابية».
وفي غضون ذلك تشهد أطراف الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات بين قوات النظام والفصائل المعارضة برغم توقف القصف الجوي والمدفعي مع بدء سريان الهدنة الروسية القصيرة امس الأربعاء.
ومنذ بدء التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية في 18 شباط ، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل نحو 590 مدنياً ربعهم من الأطفال، ما أثار تنديدات واسعة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية.
ورغم تبني مجلس الأمن الدولي السبت قراراً ينص على وقف شامل لاطلاق النار في سوريا «من دون تأخير»، أعلنت روسيا هدنة «إنسانية» يومية لخمس ساعات في الغوطة الشرقية بدأت امس الاول الثلاثاء.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس «تستمر منذ منتصف ليل الثلاثاء الاربعاء الاشتباكات العنيفة عند أطراف الغوطة الشرقية»، موضحاً أن قوات النظام ووسط «قصف جوي ومدفعي عنيف على مناطق الاشتباك حققت تقدماً محدوداً في منطقتي حوش الظواهرة والشيفونية في شرق المنطقة المحاصرة».
وفي المقابل، شهدت مناطق أخرى في الغوطة الشرقية هدوءاً خلال ساعات الليل قبل أن يتجدد القصف الجوي صباحاً مستهدفاً مناطق عدة بينها مدينة دوما، بحسب مراسل فرانس برس والمرصد السوري.
ويطغى مشهد الدمار على شوارع مدينة دوما، التي خرج إليها بعض الأشخاص مستغلين الهدوء، فيما واصل عمال الأغاثة عملهم في البحث عن ضحايا تحت الأنقاض.
ويُفترض ان تطبق الهدنة يومياً في التوقيت ذاته على أن يُفتح خلالها «ممر انساني» عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.
وكان اليوم الأول من الهدنة شهد انتهاكات عدة، اذ قتل مدنيان جراء قصف لقوات النظام.
في المقابل، اتهم الاعلام السوري الرسمي الفصائل المعارضة باستهداف معبر الوافدين بالقذائف، الأمر الذي نفاه المتحدث العسكري باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، حمزة بيرقدار في حديث لفرانس برس.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري امس الاربعاء مجدداً بثاً مباشراً من معبر الوافدين الذي بدا خالياً من حركة المدنيين سوى من بضعة سيارات اسعاف، مجدداً اتهامه للفصائل المعارضة بمنع خروج المدنيين.
ويطلب قرار مجلس الأمن الدولي من «كل الاطراف وقف الاعمال الحربية من دون تأخير لمدة 30 يوماً متتالية على الأقل في سوريا من اجل هدنة انسانية دائمة» لإفساح المجال أمام «ايصال المساعدات الانسانية بشكل منتظم واجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة».
ويستثني القرار تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة وجبهة النصرة في اشارة الى هيئة تحرير الشام وكل المجموعات والاشخاص المرتبطين بها.
وتفتح هذه الاستثناءات الطريق امام تفسيرات متناقضة، سيما أن دمشق تعتبر فصائل المعارضة «ارهابية»، ما من شانه أن يهدد الاحترام الكامل لوقف اطلاق النار.