أين الجهد العربي لدعم الحراك الفلسطيني على الصعيد الدولي ؟!

هاني حبيب
ينشر بالاتفاق مع جريدة الايام الفلسطينية
ستفرض إدارة ترامب صفقتها لهذا القرن على الفلسطينيين، وهذه الصفقة «على وشك أن تتضح ولا تزال بحاجة إلى بعض الملح والبهارات، وإعلانها سيتم قريباً»، هذا ما قاله المبعوث الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات لدى اجتماعه في القدس المحتلة مع القناصل الأوروبيين المعتمدين لدى إسرائيل، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلاّ أن صحيفة «الأيام»، نقلت أمس السبت عن مسؤول أميركي كبير، نفيه نية واشنطن عدم عرض «خطة السلام» التي تعدها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ذلك أن هذه الخطة ـ حسب قول هذا المصدر، «لم يتم استكمال عناصرها بعد ولم يتقرر والحال هذه كيفية عرضها، كما أننا في واشنطن لا نعرف ماذا سيحدث في حال تم رفضها من أحد الطرفين، ورغم التقارير الخاطئة عن هذه الخطة، إلاّ أننا ندرك أنها ـ الخطة ـ ستكون مفيدة لكلا الجانبين والشعبين»!
رغم هذه الفوضى التي تحيط بصفقة القرن، أو بخطة واشنطن للسلام، فإن الجانب الفلسطيني لا يملك سوى التحرك على كافة المستويات والأصعدة، خاصة في الاطار الدولي، لمجابهة كافة الاحتمالات، وهكذا تم السعي لدى الاتحاد الأوروبي لإقناعه بتشكيل صيغة (5+1) مثلما الحال مع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، هذا المسعى الذي تم تأجيل الاستجابة له حتى استجلاء الموقف الأميركي الرسمي، الأمر الذي عزز من ضرورة التوجه الفلسطيني إلى مزيد من التأثير في الإطار الدولي، وهذا ما يتم ترجمته من خلال حدثين بارزين، يتمثل الأول، بالزيارة المرتقبة للرئيس عباس إلى موسكو في الثاني عشر من الشهر الجاري للاجتماع مع الرئيس بوتين، بعد أن التقى في رام الله قبل أيام قليلة بسكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
أما التطور الثاني، فيتعلق بخطاب للرئيس عباس أمام مجلس الأمن بعد أسبوع من القمة الفلسطينية ـ الروسية في موسكو، في ظل تسلم دولة عربية، دولة الكويت، للرئاسة الدورية لمجلس الأمن، وذلك خلال الاجتماع الشهري للمجلس بشأن الشرق الأوسط، وعلى الأغلب فإن الرئيس سيطالب في خطابه أمام المجلس العضوية الكاملة لدولة فلسطين، مع التأكيد أن أية عملية تفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي فعالة ومجدية، لن تتحقق إلاّ من خلال لجنة دولية تقود المحادثات والمفاوضات على هذا الملف، بعدما أخرجت الولايات المتحدة نفسها من هذا الدور إثر قرارها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتشجيعها الدولة العبرية، على اتخاذ خطوات عملية لضم الضفة الغربية المحتلة والتراجع العملي عن «حل الدولتين».
وباعتقادنا أن مهمة الرئيس عباس في موسكو ستكون بالغة الصعوبة، ذلك أن روسيا تقدمت أكثر من مرة بمبادرات متكررة لعقد مؤتمر دولي في موسكو حول الشرق الأوسط وعلى الأخص على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إلاّ أن هذه المبادرات لم يُكتب لها النجاح أو الاستجابة من قبل الولايات المتحدة في ظل إدارة أوباما، وإسرائيل، والوضع الآن أكثر تعقيداً بما لا يتيح المجال في ظل إدارة ترامب على تقبل مثل هذا الدور للاتحاد الروسي، يضاف إلى ذلك، فإن تعقيد العلاقات الروسية ـ الأميركية السورية، لن يشجع موسكو على مزيد من هذه التعقيدات جراء الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كما أن ما تسرب من لقاء نتنياهو ـ بوتين قبل أيام في العاصمة الروسية، يشير إلى أن روسيا تسعى إلى التهدئة في المنطقة انطلاقاً من تسويات ذات طبيعة أمنية، ستكون الدولة العبرية طرفاً أساسياً فيها، الأمر الذي لا يترك لموسكو المرونة الكافية والإرادة الفعلية في لعب دور قد لا يضيف لها الكثير بينما تكتنفه العديد من التوترات.
مع ذلك، فإن التحرك الفلسطيني برئاسة أبو مازن، سيشكل ضغطاً على الولايات المتحدة ويرسل رسالة فلسطينية إلى واشنطن، تشير إلى أن الجانب الفلسطيني لن يرضخ للإرادة الأميركية ـ الإسرائيلية، بإزالة ملفي القدس واللاجئين من أجندة أية مفاوضات قادمة، رغم القرارات الابتزازية التي أعلنتها الإدارة الأميركية بشأن تقليص دعمها المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وفي سياق هذه المواجهة، هناك غياب حقيقي لدعم عربي فاعل للحراك الفلسطيني على الصعيد الدولي، باستثناء بعض البيانات المتفرقة، يبدو أن الحديث عن أن «صفقة القرن» ما هي إلاّ صفقة شاملة لعموم المنطقة، وأن الطرف الفلسطيني أحد أطرافها ليس إلاّ، إشارة واضحة ربما إلى أن الحديث يجري حول مؤتمر دولي ـ إقليمي، يضم أطرافاً عربية وإقليمية ودولية، تشارك به إسرائيل إسرائيل وصاحبة صفقة القرن، الولايات المتحدة، يهدف إلى ترسيم هذه الصفقة، الأمر الذي يعتبر تراجعاً واضحاً من الناحية العملية عن المبادرة العربية!!\

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة