ارتفاع مزيج خام برنت عند عتبة تقترب من 70 دولارا للبرميل

التوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط العالمية
لهب عطا عبد الوهاب

للمرة الأولى منذ ما يزيد على ثلاث سنوات تخطئ مزيج خام برنت (المرجعي) حاجز السبعين دولارا للبرميل وان كان لفتره قصيرة (11 يناير كانون الثاني 2018). ويعزى الارتفاع في الأسعار لتضافر عدد من العوامل لعل من أبرزها الزيادة في الطلب العالمي على النفط والتزام الدول النفطية في خفض الإنتاج.
ان الارتفاع في الأسعار وان كان ينظر اليه بصفته «نعمة» لموازنات الدول الأعضاء، بيد انه سلاح ذو حدين، فهو «نعمة» لروسيا الاتحادية والعديد من الدول النفطية الأعضاء في أوبك التي سعت الى خفض الإنتاج للمحافظة على ارتفاع الأسعار دون ان يفضي ذلك الى زيادة كبيرة ما يعزز انتاج الوقود الصخري وبدائل الطاقة المتجددة.

جدول رقم 1: انتاج البترول والسوائل 2016 ,ألف برميل يوميا
كمية الإنتاج الدولة رقم
14,865 الولايات المتحدة 1
12,387 السعودية 2
11,240 روسيا الاتحادية 3
4,865 الصين 4
4,594 كندا 5
4,448 العراق 6
المصدر: إدارة معلومات الطاقة الامريكية
النشرة الإحصائية، أوبك

جدول رقم 2: الاحتياطات النفطية المثبتة ,2016 ,مليار برميل
الحجم الدولة رقم
300 فنزويلا 1
262 السعودية 2
171 كندا 3
185 إيران 4
143 العراق 5

الأسباب الكامنة وراء
خفض الإنتاج الحالي
للفترة بين 2014 حتى مطلع عام 2017 قامت كل من السعودية وروسيا ودول نفطية اخرى زيادة الإنتاج لوضع حد للارتفاعات السعرية والحد بالتالي من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، اذ سيصبح إنتاجه غير مجد اقتصاديا. وخلال الفترة المذكورة زاد المعروض العالمي للنفط عن الطلب العالمي بمقدار 2 مليون برميل يوميا، كما ازدادت المخزونات النفطية بشكل مطرد .وقد ازداد المخزون النفطي التجاري في الولايات المتحدة في مطلع عام 2017 على سبيل المثال بنسبة 48 % مقارنة بمعدلها في مطلع كانون الثاني يناير 2014 .
وللعمل على استقرار الأسواق النفطية ولوضع حد لنزيف الانزلاق في الأسعار فان تبني استراتيجية جديدة من قبل الدول الأعضاء اضحى في غاية الأهمية. وقد اثبتت الاستراتيجية الجديدة نجاعتها الى حد كبير. بيد ان المخزون التجاري الأميركي ما يزال اعلى من معدلاته بما يزيد على 28% مقارنة بالسنوات الاربعة المنصرمة. وهنا تكمن محنة الدول الأعضاء. والتي ترى لزاما العمل على خفض المخزونات التجارية، الا ان أسعار النفط ربما تكون قد ارتفعت بشكل سريع استجابة لذألك.

لماذا ارتفعت أسعار النفط؟
خلال النصف الأول من عام 2017 فان التخفيضات في الإنتاج التي اضطلعت بها السعودية ودولة الامارات وروسيا الاتحادية ودول أخرى، حد منها بشكل جذري الزيادة في انتاج النفط الليبي والنيجيري.. وفي ذات الوقت فان الازمة الاقتصادية والسياسية التي عصفت بفنزويلا اثرت بشكل كبير وملموس عل طاقتها الإنتاجية مع انخفاض الإنتاج الى مستويات لم تعهدها منذ عام 2002. ويقدر انتاج فنزويلا الحالي عند 1.7 مليون برميل يوميا بانخفاض قدره 100 ألف برميل يوميا.
اما في جانب الطلب من المعادلة فهناك ما ينبئ باستمرار زخم الطلب مدفوعا بنمو الاقتصاد العالمي والذي مقدر له ان ينمو بمقدار 3.3 % حسب تقديرات البنك الدولي مدفوعا بالنمو الاقتصادي والى درجة كبيرة النمو الاقتصادي في الصين والهند على التوالي.

ثورة الوقود الصخري
ان الارتفاع في الأسعار سيجعل من الاستثمارات في الوقود الصخري في الولايات المتحدة أكثر جاذبية. ويتم تداول خام غرب تكساس الوسيط حاليا عند معدلات تصل 60 دولارا للبرميل ولأسابيع عديدة متتالية. وحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الامريكية، فان الإنتاج الأمريكي مدفوعا بزخم الزيادة في النفط الصخري سيصل الى 10.3 مليون برميل يوميا، كمعدل خلال عام 2018.
خلاصة القول: فان أسعار النفط المرتفعة ستهيمن على اغلب عام 2018 مادام هناك درجة كبيرة من الانضباط من قبل دول الأعضاء في الأوبك ودول خارج أوبك (يصل عددهم الى 24 دولة منها 14 دولة عضو في أوبك و10 دول بقيادة روسيا الاتحادية من خارج أوبك). على الصعيد الاخر هناك أراء متضاربة حول مدى استدامة الزيادة في انتاج الولايات المتحدة، اذ هناك من المراقبين من يرى ان جل الزيادة جاءت عل شكل سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات (الهيدروكربونات الخفيفة والتي تضم البروبان والبيوتان عند تكريرها. بيد ان هذه السوائل هي اقل أهمية من الغازولين والديزل وتوجه على الاغلب الى الأسواق الخارجية حيث تباع بأسعار رخيصة.

العراق وزيادة الأسعار
يعد العراق، كما هو معروف، العضو المؤسس لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط،أوبك (انشات في بغداد في أيلول 1960 وكانت تضم في حينها 4 دول فقط إضافة الى العراق كل من ايران والسعودية وفنزويلا).
ويصنف الاقتصاد العراقي وفقا للأدبيات الاقتصادية بأنه اقتصاد ريعي احادي الجانب لذلك تتأثر الموازنة العامة للدولة هبوطا وصعودا بالتقلبات في أسعار النفط . وقد شهدت الميزانية عجزا كبيرا في السنوات الأخيرة بيد ان ارتفاع الأسعار سيعمل على الحد من العجز بشكل ملموس لاسيما ان شركة تسويق النفط (سومو) تبيع النفط حاليا على أساس 57 دولارا للبرميل مقارنة بي 42 دولارا لعام 2017. ووفقا لوزير النفط العراقي (جبار لعيبيي) فان العراق عاقد العزم على الالتزام باتفاق أوبك الأخير خفض الإنتاج حيث تعهد العراق خفض انتاجه بمقدار 205 ألف برميل يوميا. رغم تطلع العراق لزيادة الطاقة التصديرية للنفط وقد بلغ انتاج العراق مؤخرا 5 مليون برميل يوميا، منها 4.6 مليون برميل يوميا من الجنوب. ويعمل العراق على زيادة الإنتاج من حقول نفط كركوك (750 ألف برميل يوميا). كما يأمل العراق الوصول باحتياطاته النفطية الى 175 مليار برميل في السنوات المقبلة.
ويتطلع العراق باهتمام كبير ان يتمخض اجتماع الدول المانحة في الكويت (12-14 شباط -فبراير الجاري ) عن نتائج ملموسة، لاسيما وان العراق سيقدم لائحة من المشاريع التنموية والاستثمارية تصل الى 100 مليار دولار بحاجة الى تمويل .. وان غدا لناظره لقريب.

المصدر: إدارة معلومات الطاقة الاميركية
النشرة الإحصائية أوبك
* اقتصادي عراقي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة