التحديات الكبيرة التي واجهها العراق على مدى السنوات التي اعقبت التغيير في نظامه السياسي تطلبت عملا شاقا وجهودا مضنية لاعادة بناء الدولة وتنظيم مؤسساتها وبالقدر الذي عمد فيه النظام السابق على تبديد ثروات العراق واشغال شعبه بحروب عبثية لم تستطع النخب السياسية التي تحركت تحت مظلة الدعم والادارة والرعاية الأميركية من رسم خارطة طريق فعالة تعيد البلاد الى سكة الاعمار والبناء واجتهدت ثلاث حكومات متعاقبة في اعادة تأسيس الدولة العراقية في ظروف استثنائية غابت فيها الكفاءة والمهنية والمصالح الوطنية وحضرت فيها مطامح ومنافع الاحزاب السياسية والاستئثار بتولي المناصب وافرزت هذه الحقبة الانتقالية في العراق مجموعة من التناقضات والفجوات وبانت فيها معالم التهميش والاقصاء وسمحت بتغلغل الفساد الاداري والمالي الذي طال اغلب مرافق الدولة العراقية وكان الارهاب والخروقات الامنية سببا مهما في اغفال هذا الفشل الكبير حيث توجهت الانظار وتحولت القدرات لمواجهة المخططات والتنظيمات الارهابية وتراجع الطموح بقدرة الحكومات العراقية المتعاقبة على وقف تغلغل الفاسدين في منظومة الادارة والخدمات في كل المحافظات واسهم الارتباك والضعف الذي رافق اداء السلطة القضائية في استفحال ورم الفساد حينما سمحت هذه السلطة للضغوطات السياسية والحزبية بالتدخل في عمل القضاء وحرفه عن مساره التشريعي وتوفير الفرصة للسراق في الافلات من طائلة العقاب وفي النتيجة تخلف العراق كثيرا في استعادة قدراته وتوظيف ثرواته بما يختصر ويعالج المشكلات الامنية والاقتصادية والمالية وانعكاساتها على حياة المواطن ومعيشته وفي مثل هذه الظروف والمشاهد كان ينبغي اتخاذ القرارات الحاسمة والفاعلة لمواجهة هذا الاختراق الكبير للفاسدين وتمكنهم من ممارسة افعالهم المشينة في ملاذات آمنة وتشكل المرحلة الحالية فرصة لرئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته في تنفيذ الوعود الخطابية التي لطالما توعد فيها العبادي الفاسدين بالحرب وتوصيفه لهم بانهم لايقلون خطورة عن الارهابيين الذين طويت صفحة الحرب عليهم بانتصار مبين ومن المهم جدا ان يدرك رئيس الوزراء بانه تحدث طويلا في هذا الملف كثيرا وان وقت الخطابات والتنظير انتهى وحان وقت التنفيذ ولم يعد هناك متسع من الوقت وليس هناك مبرر يحول دون تنفيذ هذه الحرب الموعودة مع التذكير الاخير للمرجعية الدينية بان الاقوال لن تحل عقدا ولن تثمر عن ثمر وان الجميع بانتظار الافعال لتحقيق مايصبو اليه العراقيون جميعا في رؤية وطنهم وقد طهر من دنس الفساد والارهاب معا .
د.علي شمخي
بانتظار الأفعال !
التعليقات مغلقة