انقسامات عالمية بشأن الاحداث الجارية في ايران
نيويورك ـ وكالات:
اظهرت وقائع اجتماع مجلس الامن الدولي الأخير في الجمعة الماضية الانقسامات العميقة بين الولايات المتحدة وروسيا حيال التطورات في ايران، في وقت نظمت السلطات الايرانية في اليوم نفسه تظاهرات جديدة داعمة لها.
وقالت السفيرة الاميركية بالأمم المتحدة نيكي هايلي «لن نبقى صامتين في العام 2018» وذلك في تبرير منها للدعوة التي تقدمت بها منذ الثلاثاء الماضي من اجل عقد هذه الجلسة الطارئة بمجلس الامن لمناقشة الاحتجاجات في ايران التي خلفت 21 قتيلا ومئات المعتقلين.
واعتبرت هايلي ان «النظام الإيراني ينتهك حقوق شعبه»، ونددت بأنفاق ايران على الاسلحة على حساب رفاه الشعب الايراني، على حد قولها.
وتابعت السفيرة الاميركية ان «رسالة هذا الشعب (الايراني) هي: اوقفوا دعم الارهاب»، داعية الى اعادة شبكة الانترنت بالكامل في ايران.
بالمقابل حذرت روسيا الجمعة الماضية مجلس الامن من انه يجب عدم التدخل بشؤون ايران حتى لو أدت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الى سقوط قتلى.
وقال السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا «نأسف للخسائر بالأرواح نتيجة للتظاهرات التي لم تكن سلمية جدا». واضاف «مع ذلك، دعوا ايران تتعامل مع مشاكلها الخاصة». واعتبر ان ما يحدث في ايران «وضع داخلي يعود الى طبيعته» متهما واشنطن بانها «تهدر طاقة مجلس» الامن.
وتحدث الدبلوماسي الروسي عن «اعذار خيالية» من اجل عقد هذا الاجتماع وعن «تدخل بالشؤون الايرانية الداخلية».
وحصلت روسيا خلال اجتماع المجلس على دعم من بوليفيا واثيوبيا وغينيا الاستوائية.
وقال نائب السفير الصيني لدى الامم المتحدة وو هايتو ان «الوضع الايراني لا يهدد الاستقرار الاقليمي».
على الجانب الأوروبي، أظهرت المواقف أيضا انقسامات. فبينما وجدت بريطانيا ان عقد اجتماع لمجلس الامن بشأن إيران امر مشروع تماما، كانت فرنسا اكثر حذرا.
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حذر هذا الاسبوع من ان اولئك الذين يرفضون الاتفاق النووي، اي الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية، يعتمدون «خطابا سيقودنا الى الحرب في ايران».
وقال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرانسوا دولاتر الجمعة الماضية إن «أحداث الأيام الماضية (في ايران) لا تشكل تهديدا للسلم والامن الدولي».
وأكدت بريطانيا وفرنسا مجددا على ضرورة احترام إيران حقوق المتظاهرين الايرانيين.
من جهته انتقد السفير الايراني في الأمم المتحدة غلام علي خوشرو اجتماع مجلس الامن ووصفه بانه «مهزلة» و»مضيعة للوقت». وقال ان على المجلس ان يركز بدلا من ذلك على معالجة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني او الحرب في اليمن.
وخرجت تظاهرات مؤيدة للنظام الإيراني في انحاء طهران امس الاول الماضية في ظل سعي السلطات إلى اخماد حركة الاحتجاج التي انطلقت آخر الشهر الماضي، في حين فرضت واشنطن عقوبات جديدة على ايران.
وأرجع مسؤولون ايرانيون التظاهرات التي انطلقت منذ 28 كانون الأول إلى «مؤامرة» اتهموا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) واسرائيل والسعودية بالضلوع فيها، وهو ما ردده الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
ولليوم الثالث على التوالي، خرجت تظاهرات مؤيدة للنظام بعد صلاة الجمعة الماضية في محافظة طهران والعديد من المدن، بينما أعلنت السلطات انتهاء الاحتجاجات المناهضة للنظام.
وقال محسن، وهو مهندس انضم إلى المسيرة لوكالة فرانس برس «نحن هنا لنظهر بأن لدينا القدرة على حل مشكلاتنا بأنفسنا ولن نسمح على الإطلاق للسعودية والولايات المتحدة واسرائيل بالتدخل ، سنقف خلف الثورة حتى آخر قطرة دم لدينا».
وفرضت واشنطن عقوبات على خمس شركات ايرانية اتهمتها بالمشاركة في برنامج الصواريخ البالستية الايراني في خطوة ربطتها بالاحتجاجات.
وخرجت تظاهرات احتجاجية محدودة في بعض المحافظات الخميس الماضي ، بحسب مقاطع فيديو نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي لم يكن ممكنا التثبت من صحتها.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة طلبت من السكان إرسال صور ومقاطع مسجلة لـ»مثيري الشغب» والتعريف عن عدد من المشتبه بهم الذين التقطت عدسات الكاميرات صورا لهم.
ولا يزال من الصعب تحديد اتجاهات المشاركين في الاحتجاجات التي قتل خلالها 21 شخصا معظمهم من المتظاهرين كما اعتقل المئات.
واتهم أنصار الرئيس الايراني حسن روحاني خصومه من المحافظين بتأجيج النقمة على الأوضاع الاقتصادية والتي خرجت سريعا عن السيطرة وتخللتها هجمات على قوات الأمن والمباني الحكومية ورموز النظام.
وينفي المحافظون الاتهامات ويشيرون إلى أن على روحاني القيام بالمزيد لمساعدة الفقراء مع تحرك البرلمان لإلغاء زيادة في الضريبة على المحروقات قوبلت برفض شعبي.
من جهته، اتهم المدعي العام الايراني محمد جعفر منتظري الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية بتدبير مؤامرة ضد بلاده منذ أربع سنوات.
وقال منتظري ان «المهندس الرئيسي لهذه الخطة هو مايكل داندريا»، في إشارة إلى المسؤول المكلف الشؤون الايرانية في «سي آي ايه».
وأضاف «أطلقوا حملات (عبر وسائل التواصل الاجتماعي) تحت عنوان ،لا لارتفاع الأسعار، ولا لدفع الفواتير»، مضيفا أن الخطة كانت تستهدف خلق اضطرابات في المحافظات قبل التحرك إلى طهران.
وكتب وزير الخارجية جواد ظريف على موقع «تويتر» «يؤيد الشركاء الأبديون السعودية وتنظيم « داعش « ، تحت قيادة ترامب ، العنف والموت والدمار في ايران، لا شيء مفاجئا في الأمر».
إلا أن العديد من المسؤولين اعترفوا بصدقية الشكاوى الاقتصادية التي أطلقها الايرانيون، خصوصا معدل البطالة في أوساط الشباب الذي اقترب من 30 بالمئة.
من جهته، شكر القائد العام للجيش الجنرال عبد الرحيم موسوي قوات الأمن لـ»اخمادها نيران الفتنة».
من جهة أخرى، دعا رئيس لجنة الجرائم الالكترونية الايراني عبد الصمد خورام عبادي الذي يشغل كذلك منصب نائب رئيس الادعاء إلى معاقبة الوزراء الايرانيين في حال ثبت أنهم فشلوا بشكل متعمد بمراقبة المضمون على الانترنت الذي يبثه «مثيرو الشغب والاعداء».
وبينما كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على النظام الايراني، سارعت كل من تركيا وروسيا للدفاع عنه.
وسيقرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع المقبل إن كانت بلاده ستواصل تطبيق رفع العقوبات التي كانت مفروضة على ايران، كما ينص الاتفاق النووي.
أما اردوغان فقال للصحافيين «من المستحيل لنا أن نقبل بتدخل بعض الدول، خصوصا الولايات المتحدة واسرائيل في الشؤون الداخلية» لإيران .