جواد غلوم
مللتُ العيش منفرداً كظوما –– وغاب بخافِــقي سُـعْـدي ويُــمنِـي
أعــيشُ الشعْـر نَــعْــياً أو رثـاءً –– وتلوين التَّـغَــزّل راح مِـنِّــي
لزمتُ البيتَ محبوساً بمأوى –– كشحرورٍ ثَــوى في ضيق قِــنِّ
خِــناقٌ واعْــتكافٌ وانْــزواءٌ —– بلا دلَــعِ النساء وستِّ حُسْــنِ
فلا أجِــدُ الرجاءَ ولا الأماني –– ولا بشرى الترجِّــي والتمنِّــي
كأني قد دعوت الموت رغماً — ليسلبَ مأمني ويُـــديْـم حزنِـي
أحِــسّ سِماتِـها تدنو بقربي –– وأشعر طَـيفَها يجْـتاح عَــينِــي
تجيء اليّ طوْعــاً وانصياعاً –– وأسمع صوتها وتقول خذنِـي
تشاركني طعامي باشتهاءٍ —– تُعافي صحتي ويطيب صحني
تصيـح وملءُ شدقَــيها صراخٌ –– وتعْـوِلُ عالياً وتصـمّ أذنِــي
ومشْـيتُــها الغـمامُ يريــدُ جُــدْباً –– كشِعْــرٍ يشتهي أوتار لحن
أشُــك بنأيِــها عــنِّــي مراراً —– وأذكر فَـقْــدها فيخيب ظني
كأن ضجيجها في البيت يعلو —- كَـسِـربِ بلابِــلٍ فِـيهِ تغنّـي
فلا أنا مذنِــبٌ أهْـوى عقاباً –— ولكن هذه سِــمة الـتَــجنِّـي
تُــريْـني من مباهجِـها كنوزاً —– فيكفيني القـليـلُ ولا أمنِّـي
فما نفع الكثير وأنتِ عندي –— ثراءُ الروح من أدبٍ وفَــنّ
نشأتُ على الضياعِ وهدَّ عمري – ومدَّ الدهر في أعوام سنِّي
ومما خفّفَ الأعباءَ حملاً —- رحيل حَـليْـلَـتي لِـبَـديْــع كون
جنانُ الله قد فرشتْ بساطاً ـــــ لتأوي زوجتي في خير حُضـنِ
يظللها الإلهُ بخيرِ روضٍ — ويحمي وجهها برطيب غصنِ
وداعاً ربّةَ القدحِ المُعَـلَّى –– فَـخلِّيْــني الـى خمْـري ودِنِّــي