مكافحة الإرهاب: الاستراتيجيات والسياسات

(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 33
جاسم محمد*

وسائل تجنيد الأطفال
تعد المدارس ومعاهد ودور التعليم أبرز مصادر لأستقطاب الاطفال وتجنيدهم.
ومن ابرز الوسائل التي يتبعها التنظيم بتجنيد الاطفال هي: •منح الاطفال مخصصات مالية محدوة مستغلا العوز وصعوبة الحياة عند عوائلهم، بعض العوائل كانت مضطرة الى ارسال ابنائها نتيجة العوز الى جانب الترهيب.
• منح الاطفال حظوة بين اقرانهم من الاطفال من خلال حمل السلاح والزي العسكري.
• مصاحبة الاطفال الى قيادات داعش في بعض المهام وحملهم السلاح وتنفيذ عمليات اعدام او رجم نساء وحضور طقوس قطع الرؤوس. بعض التقارير كشفت احد مقاتليي داعش يحمل الجنسية الاسترالية ومن اصول عربية، اظهرته يقطع الرؤوس وابنه خلفه يقوم بحمع، وفي “يو تيوب” اخر يظهر اطفال، ابناء قيادات داعش تضرب الرؤوس بالقدم، بأعتبارها جزء من ترويض الاطفال من وجهة نظر التنظيم وكسر حاجز الخوف.
• التشبه بقيادات التنظيم و الجماعات “الجهادية” بمنح الالقاب الى اطفال وهم في سن لايتجاوز السادسة عشر، مثل لقب ابو القعقاع وابو طلحة.
• حمل الرايات والاستماع الى الاناشيد الحماسية.
• عزل الاطفال عن ذويهم في معسكرات بعيدة عن مناطقهم.
• نشر الطائفية، بأعتبار انضمامهم الى التنظيم جزء من دفاعهم عن الدين من وجهة نظر التنظيم الارهابي.
• اعادة تفسير الايات القرآنية من قبل التنظيم بطريقة تخدم سياساتهم والتركيز على باب “الجهاد”.

اسباب تجنيد الاطفال عند داعش
• ترك ارث “جهادي” دموي عنيف والى الامد البعيد.
• الاطفال مادة سهلة، يمكن اخضاعهم الى الغسيل الدماغي اكثر من البالغين.
• استخدام الاطفال والصبية في عمليات حراسة وخدمة قيادات تنظيم داعش، كون ولائهم غير مشكوك فيه.
• فقد التنظيم ثقته ببعض قياداته ومقاتليه بسبب الانشقاقات، فهو يستخدم الاطفال في عملية الحماية الشخصية والتجسس وجمع المعلومات في بعض المناطق، كونهم لا يثيروا الشكوك.
• الاطفال يستطيعوا النفوذ في اماكن لايستطيع وصولها الكبار بتنفيذ عمليات انتحارية.
• التمويه والخداع، كون الاطفال يكسبوا التعاطف من قبل عامة الناس ولا يثيروا الشكوك بالتحرك والتنقل.

ابرز معسكرات الاطفال
• أشبال العزّ
• الرقة
• الطبقة غرب الرقة
• معسكر الزرقاوي
• معسكر للأشبال
• معسكر الطلائع
ويقول “كلينت واتس” وهو عضو بارز في معهد للأبحاث عن السياسة الخارجية إنّ “التنظيم بحاجة لجذب أطفال الى صفوفه في ظلّ قلة اليد العاملة والأطفال هم أكثر عرضة للإنصياع”. وتسعى “داعش” من أجل السيطرة على أوسع رقعة من الأراضي ولا يملك عددًا كافيًا من المقاتلين لتحقيق ذلك الهدف وهناك تراجع بعدد المنتمين إليه ومؤشر على ارتفاع درجة اليأس لديه إستخدام الأطفال يُحدث صدمةً كبيرة يسعى تنظيم “داعش” لزرع فكرة لدى العالم بأسره أنّه الجماعة الأكثر خطورة، ويُحاول بثّ الرعب والصدمة لدى المتلقين عندما ينفذ عمليات إعدام والآن يوصل فكرة مفادها أنّ بعض العمليات التي يراها العالم عنيفة ومعقدة ليست سوى لعبة أطفال بالنسبة ل”دولة الخلافة”.
وظهر على المواقع “الجهادية”الاعلامية ابرزها موقع “الفرقان”دليل إرشادي يشرح للأمهات “الجهاديات” كيفية تنشئة أطفالهن وهذا مايصعد من درحة التحذير من مخاطر تراث تجنيد الاطفال التي تسمى ايضا ب “أشبال الخلافة” وهي تسمية باتت معروفة عند الانظمة الشمولية بعسكرة المجتمع. ويضخ الكتيب افكاره السلبية بعنوان [دور الأخت في الجهاد بعرض المواقع الجهادية على الأطفال وقراءة قصص عن الجهاد عندما يخلدون للنوم، وتشجيعهم على ممارسة ألعاب رياضية، مثل الرماية، من أجل تحسين قدرتهم على التصويب].

تهجير السكان المحليين من سوريا
اعلنت لجنة الأمن القومي في كازاخستان يوم 20 نوفمبر 2014 عن وجود أكثر من 300 شخص من مواطنيها يقاتلون إلى جانب تنظيم “داعش” في العراق وسوريا وقالت اللجنة في بيان صحفي ان اعداد كبيرة من كازاخستانياً يقاتلون إلى جانب تنظيم داعش في العراق وسوريا، وأن نصف عدد المقاتلين الكازاخستانيين الذين يحاربون إلى جانب داعش الإرهابي هم من النساء. واظهرت اشرطة فديو وصور مشاركة الاطفال من كازخستان واسيا الوسطى في معسكرات التنظيم بعمر اقل من عشر سنوات وهم يرددون “البيعة” الى زعيم التنظيم.اعتمد البغدادي مؤخرا في ادارة شؤون “دولته” على الاجانب، ابرزهم الشيشان وكذلك من اسيا الوسطى بأسم “جهاد العائلات” بالاضافة الى الاوربيين الذين يمثلون صلب النشاط الاعلامي للتنظيم، اما الشيشان واسيا الوسطى، فعرفوا بشدة القتال والحماس والى جانب الدافع “العقائدي”فأن تنظيم “دولة داعش” يدفع رواتب ومستحقات الى المقاتليين في سوريا والعراق لاتقل عن 600 دولار شهريا للشخص الواحد، حد ادنى مع امتيازات اخرى من “ألغنائم” وتكاليف الزواج والسكن والزعامة. التقارير من داخل سوريا كشفت ان عوائل واطفال المقاتلين الاجانب ينعمون بحياة مترفة مقارنة الى اطفال سوريا. إن الطريقة التي تظهر فيها “دولة داعش” من اسلوب الحوكمة والادارة داخل ولاياتها رغم وحشيتها في القتال، تشجع وتستقطب مقاتليين جدد للانضمام الى التنظيم على شاكلة الهجرة رغم تصاعد حدة المواجهات المسلحة. التنظيم يعمل على تهجير السكان المحليين وجلب “مهاجرين” لفرض سيطرته وتغير خارطة المنطقة السكانية ورفع الحدود.

“مدارس”بعقيدة داعشية
9 قال “كريستوف بوليارك”المتحدث باسم منظمة اليونيسيف في 19 ديسمبر 2014 بإن عام 2014 شهد وقوع نحو خمسة وثلاثين هجوما على المدارس في سوريا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام. وأضاف “بوليارك” في مؤتمر صحفي في جنيف، أن تلك الهجمات أدت إلى مقتل أكثر من مائة طفل. وعن الأزمات الأخرى قال بوليارك في العراق يعتقد أن سبعمائة طفل قد تعرضوا للقتل والتشويه والإعدام خلال ذات العام .
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليوم الثلاثاء أن نحو 670 ألف طفل في سوريا حرموا من التعليم بعد أن أغلق عناصر تنظيم “داعش” مدارسهم إلى حين تغيير المناهج وفقا لعقيدة التنظيم الإرهابي واعلنت منظمة يونيسيف في 6 يناير 2015 أن نحو 670 ألف طفل في سوريا قد حرموا من التعليم بعد أن أغلق عناصر تنظيم داعش. وفي نوفمبر 2014 أغلق التنظيم المدارس في المناطق التي يسيطر عليها في شرق سوريا إلى حين مراجعة المناهج من منطلق يتطابق مع فهمه الديني. وبحسب اليونيسيف فإن ما بين 1.3 و 1.6 مليون طفل سوري لا يمكنهم الذهاب إلى المدارس بسبب انعدام الأمن.
مايحصل في العراق وسوريا، كارثة انسانية يكون ضحيتها المدنيين خاصة من فئة الاطفال والنساء والشيوخ، والمجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات يبدو انها اصبحت عاجزة على تغير الوضع الانساني هناك وفي مناطق صراع اخرى. الاطفال هم اكثر الفئات السكانية تعرضا لممارسات هذه الجماعات “الجهادية” وهي سياسات مقصودة من هذه الجماعات لتعميق جذور العنف وايدلوجيتها الراداكيلية وليكونوا الاطفال ارثهم وللامد البعيد. رسالة الطفل أسيد برهو الى اطفال العالم والتي خص بها مجلة المجلة هي:” أنصح اطفال العالم بالأبتعاد عن الجماعات الارهابية وعدم الانضمام الى صفوفها وأني نادم على التحاقي بداعش، وان لايصدقوا دعاية هذا التنظيم، فمن يلتحق به سوف يكشف حقيقته وسوف يشعر بالندم قبل ان يخسر حياته”.
لماذا اعدم “داعش” الشهيد الكساسبة بطريقة بشعة؟
“داعش” يؤكد صورته البشعة بأعدم الشهيد الكساسبة
نشر مقطع الفيديو، يظهر فيه اعدام تنظيم “دولة داعش” الطيار الاسير الشهيد معاذ الكساسبة، لكن هذه المرة جاء بسابقة لم تشهدها الحروب ولا الجماعات الارهابية “الجهادية” وهي بطريقة الحرق! الفديو كان منتج بجودة فائقة وبث عبر حساب بموقع تويتر يُعرف بأنه يروّج للتنظيم. بشار ان الكساسبة وقع في اسر داعش بعدما تحطمت طائرته بالقرب من الرقة في سوريا أثناء مهمة ضد التنظيم في ديسمبر2014. الشريط تضمن ايضا صور ولقطات الى طياريين اردنيين في اماكن اجازاتهم مع قائمة باسماء بعض الطياريين الاردنيين ودلالات عناوين سكنهم تحت عنوان “مطلوبين للقتل” وهي رسالة يراد منها اضعاف معنويات الطيارين الاردنيين تحديدا بسبب دور المملكة الاردنية في مواجهو هذا التنظيم. إن نشر قائمة الاسماء وتصوير بعض الطيارين في اجازاتهم داخل الاردن، يعكس الركيزة الاستخبارية عند هذه الجماعة، ويبعث رسالة، بان لديه مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية الاردنية تستطيع الرصد والمراقبة وتنفيذ تهديدات او عمليات ربما ضد عوائلهم.
إن الطريقة التي اعدم فيها الشهيد الطيار تعتبر سابقة، عند الجماعات “الجهادية” والمسلحة، رغم ان هذا التنظيم سبق ان اعلن في اشرطة فديو حرق عدد من الجنود العراقيين في محافظة الانبار عام 2014، في اعقاب المواجهات المسلحة التي اندلعت في يناير 2014. لكنها تبقى سابقة برهينة بحجم وقيمة الكساسبة.

* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة