هل البرابرة قادمون؟

 

كما يبدو ان الشاعر اليوناني ـ الاسكندراني كفافي كان على خطأ حين صور لنا في قصيدته بانتظار البرابرة الناس وقد لبسوا اجمل ثيابهم لكن البرابرة لم يأتوا بيد أن الذين فقدوا مصالحهم وامتيازاتهم الطبقية أتوا ويفكرون بالعودة وهم في الاصل مهووسون بالسلطة والهيبة الاجتماعية ليرمموا بها شعورهم بمركبات النقص وهم خليط من رؤوساء عشائر مزورين ظهروا في اثناء سنوات الحصار وكانوا يأتون رافعين الرايات يبايعون بها رئيس النظام السابق وكان هو بدوره يوزع الهبات والاكراميات لهم وكانوا هم يحيطونه بقصائد وهوسات التمجيد والمديح وانضم اليهم ضباط للمخابرات وفصائل من شتى الاتجاهات وكلهم لهم هدف واحد هو الاطاحة بالحكومة والعملية السياسية ويعيدون الاتهامات والشعارات ذاتها كأنهم لم يتقدموا خطوة واحدة الى الامام وما يزالون حبيسي سجن الجنون الميتافيزيقي مثلما كانوا على ايام الحرب العدوانية التي شنوها على إيران.

يمكن للمراقب ان يسوق مثل هذا الكلام امام الانباء التي ذكرت ان ما يسمى المعارضة العراقية عقدت مؤتمرا في العاصمة الاردنية، عمان قبل عيد الفطر وحضرته جماعات متعددة واشخاص مطلوبون للعدالة صدرت بحقهم احكام بالاعدام وهدف المؤتمر اسقاط العملية السياسية في العراق والابشع من ذلك ان تقارير موثوقة ذكرت ان بندر بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات السعودية السابق تولى تمويل مؤتمر عمان لداعمي الارهاب في العراق وبحسب التقارير ان بندر بن سلطان دفع مبلغ 20 مليون دولار كدفعة اولى للمؤتمر واشارت الى ان بندر غادر عمان قبل ساعات من بدء المؤتمر على طائرة خاصة عائدا الى السعودية.

والاشد اثارة في هذا السيناريو الشبيه بافلام جيمس بوند وبحسب ما ذكرته التقارير ان اغلب المشاركين في المؤتمر دخلوا الاراضي الاردنية من دون تاشيرات دخول او تفتيش او اي اجراءات قانونية، واضافت التقارير ان مؤتمر عمان هو مؤتمر تمهيدي لمؤتمر مزمع عقده في مدينة اسطنبول التركية خلال الشهر المقبل بمشاركة الشخصيات المطلوبة نفسها اضافة الى ممثلين من مخابرات اقليمية، وكان من الطبيعي ان تصدر الحكومة الاردنية توضيحا قالت فيه بانها تعتذر لهذا العمل لكن عددا من النواب في البرلمان العراقي لم يكتفوا بهذا الاعتذار بل طالبوا الحكومة الاردنية بتسليم المطلوبين للقضاء العراقي ممن شاركوا في مؤتمر عمان لاثبات حسن نواياها تجاه العراق، وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الاردنية وزير الدولة لشؤون الاعلام السيد محمد المومني قد قال بان الاردن لا علاقة لها بهذا المؤتمر.

ويبدو ان مثل هكذا قضايا تتطاير فيها الاتهامات في منطقة باتت تجلس على كف عفريت مع المواجهة الساخنة بين اسرائيل وبين قطاع غزة وفشل  البرلمان اللبناني في اختيار رئيس للبلاد خلفاً للعميد ميشيل سليمان وتعمق الحرب الاهلية في سوريا وتداعياتها الكارثية على لبنان فانه من البديهي ان توجه الاتهامات الى الولايات المتحدة الاميركية بانها تولت تمويل  مؤتمر المعارضة الذي تم عقده في العاصمة الاردنية لكن السفير الاميركي لدى العراق السيد ستيفن بيكروفت قال في حديث صحفي لصحيفة عراقية بان الولايات المتحدة لم تقم بتقديم التمويل او الدعم لما يسمى بمؤتمر المعارضة الذي عقد مؤخرا في عمان واكد بان العديد من الجماعات التي شاركت في هذا المؤتمر لديها تاريخ طويل من تاييد لاعمال عنف او الاضطلاع في تنفيذها ضد العراقيين الابرياء وضد الولايات المتحدة الاميركية على حد تعبيره.

هكذا اذن فإن البرابرة يتهيأون لامتطاء صهوات جيادهم حتى لو عقدوا حلفاً مع الشيطان لمجرد العودة الى السلطة كأن 35 سنة من الخراب الذي حل بالعراق والعراقيين لم تكفهم ويرغبون بزيادة وتكثيف الخراب بدليل انهم لم يتغيروا وبقيت عقولهم جامدة كجلمود صخر هده السيل من عل وليس غريبا بالتالي ان تسمع العراقيين يتساءلون بكثير من الدهشة – يا إلهي هل البرابرة قادمون؟

 

صادق باخان

 

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة