مذكرات سيدة هولندية عاشت في بغداد عام 1960

بغداد الأمس بعيون هولندية
بغداد – أحلام يوسف:
يوميات بغداد/مذكرات صدرت عن شركة الانس للطباعة والنشر لسيدة هولندية عاشتها في العراق 1960 ، الكتاب يقع في 150 صفحة من القطع المتوسطة، وكتب بخط اليد، وقام بترجمته الدكتور صلاح عبد الرزاق.
تحدث عبد الرزاق عن احدى السيدات العراقيات المقيمات في هولندا، والتي جلبت الكتاب ووضعته بين يديه، واخبرته بأنه مثير للاهتمام، مما دعا عبد الرزاق الى ترجمته، وإصدار كتاب يحوي تفاصيل تلك اليوميات، وصورا من “بغداد الستينيات”.
ميزة هذه اليوميات انها تناولت حقبة مهمة من تاريخ العراق التي تكونت في عيون اجنبية، ولعل من المفارقة ان تكتب امرأة ما يومياتها، وتنتهي منها وتتركها محفوظة حتى تتبنى حفيدة لها نشرها على الملأ، اذ بادرت كارين وهي سيدة هولندية الى عرض أوراق جدتها على جارتها العراقية، والتي عرضته بدورها على الدكتور صلاح عبد الرزاق.
كارين هذه، ولدت في بغداد، ومن كتب اليوميات، جدتها من ابيها، “رينيه” مهندس الري الذي حضر وقتها الى بغداد مع عائلته.
الكتاب يتضمن في سطوره واوراقه، الحسرة التي تنتابنا ونحن نقرأ عن بغداد الستينيات، بغداد الحرة، والجميلة، التي دفعت عدد من الأوروبيين الى ان يقيموا على ارضها مطمئنين آمنين.
في مقدمة الكتاب، كتب عبد الرزاق قصة حصوله على الكتاب: قبل أكثر من عشر سنوات، عندما كنت في المهجر “هولندا” وكنت منشغلا بالعمل السياسي والثقافي والاجتماعي، وصلت هذه اليوميات الى يدي، فقد جلبتها لي احدى السيدات العراقيات قائلة لي: ان هذا دفتر مذكرات سيدة هولندية زارت العراق عام 1960، شاهدت الصور المرفقة فوجدتها صورا قديمة بالأبيض والأسود، تصور جوانب الحياة البغدادية.
لقد وصفت الكاتبة مدينة بغداد، وضواحيها، والمدن، والمحافظات التي قاموا بزيارتها مثل الموصل، ودهوك، وكربلاء، والنجف، والحلة، وكركوك، واربيل، وغيرها من محافظات العراق، وكان لها التقاطات عن طبيعة حياتهم في كل مدينة، وملابسهم، وكذلك عاداتهم، والطعام الذي يفضلونه في كل مدينة، وقامت بالتقاط بعض الصور لتلك المشاهدات.
بدأت كتابة مذكراتها في يوم 29/4/1960 حين توجهت العائلة الى محطة القطار في أمستردام، متوجهين الى بغداد، وكتبت تفاصيل الرحلة، حتى انها تحدثت به عن المضيفين والمضيفات واصفة اياهم بـ”غاية الروعة”.
وبعد التطرق الى تفاصيل الرحلة الدقيقة، انتقلت الى الكتابة بغداد، في اول خطوة لها على ارض المطار، واستقبال رئيس التشريفات لهم، مصطحبا عددا من معارفهم واصدقائهم.
تحدثت كاتبة المذكرات عن الإبل التي لم تكن قد شاهدتها من قبل، الى جانب قطيع من الأغنام، في طريقهم الى مدينة بعقوبة، الذي وصفته بانه “مكان ساحر ورومانسي” حيث امتدت أشجار النخيل والبرتقال على طول الطريق، إضافة الى الزهور الاستوائية.
ومن التفاصيل التي ذكرتها في مذكراتها، البحيرة التي امتد على جانبيها “جدار جميل” إضافة الى المقاهي العراقية التقليدية.
أحد الأيام المميزة التي كتبت عنها هي رحلة ذهابهم الى أحد الأسواق الذي وجدته “شرقيا بالكامل” وتحدثت جازمة ان لا يوجد في أوروبا سوق يماثله.
نقلتنا الكاتبة معها في جولة داخل السوق، حيث صاغة الذهب، والسجاد الإيراني، إضافة الى التحف والاواني النحاسية، وذكرت ان سعر المتر لإحدى تلك السجادات كان بنحو ما يعادل 1000 خلدن، “العملة الهولندية التي سبقت اليورو”.
كان للمتحف العراقي حصة الأسد من الاهتمام والكتابة، فقد تحدثت عن الرحلة بشغف واضح، وهي تصف المعروضات فيه: ان المتحف العراقي مثير للغاية، حيث تشاهد زهريات بديعة، والواح طينية عليها كتابات مسمارية، كانت هناك حلي ذهبية، وفضية، وسلاسل متنوعة فيها أنواع من الأحجار، إضافة الى آلات موسيقية جميلة مزينة بالذهب، ويوجد هناك تماثيل من الخشب تعود لعصور قبل 500 سنة، واشياء تعود لزمن السيد المسيح التي صارت اليوم موضة.
في ختام الكتاب ذكرت الكاتبة مشاهداتها في العراق بنحو عام من شماله الى جنوبه، والمناطق المحيطة ببغداد: من الطبيعي اننا عانينا من حرارة الجو، والعواصف الترابية، لكن خلال اقامتي في العراق، كنا نختلط بالناس الذين امتازوا بأخلاق عالية.
جدولت في خاتمة الكتاب الأماكن التي قاموا بزيارتها، وكلمات مختصرة عن ملخص الرحلة، وختمتها بزيارتهم الى بابل، وسامراء، ونينوى، ونمرود، والمتحف العراقي: لقد قرأت بضعة كتب حول البلاد عن العادات والتقاليد.. لقد حصلت على معلومات جيدة، وخبرة جديدة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة