داعش .. أسطورة ،أم خرافة ؟!

داعش .. اسطورة أم خرافة ؟ .. تساؤل يطرحه البعض ، وينقسم المجيبون عنه إلى فئتين اثنتين بحسب منطوق السؤال ، الفئة الاولى تذهب مع الشق الاول وهو ان داعش تعد اسطورة العصر الحديث بالنظر لما تمتلكه من امكانات قد تكون غير منظورة مكنتها من التوسع بسرعة وطي الارض .. ولو لم تكن اسطورة لما تمكنت من تحقيق كل هذه النتائج وأصبحت تهدد العالم بأسره ! …
وتبدو وجهة النظر هذه سطحية إلى حد ما فهي تأخذ الجزء الاول من الجملة كمن يقول (لا اله) ويصمت في حين كان يجب ان يكمل الجملة ليقول (لا اله الا الله) !!.. ومن هنا يأتي موقف الفئة الثانية التي تقول بخرافة داعش ، منطلقين من حيثيات تبدو منطقية ، فهم يدركون ان عصر الاساطير قد ولى ، .. كما ان الواقع اظهر ان داعش ليس سوى خرافة اطلقها الدواعش انفسهم وما لبثوا ان صدقوها فأعلنوا (دولتهم) على جرف هار ، ولو كانت فعلا اسطورة لما انهارت بهذا النحو المخزي امام بطولات رجال العراق الذين راحوا يطاردون الدواعش خلف الاشجار وتحت الاحجـار وفي الفلوات حتى قضوا عليهم قضاء مبرما .
ولكن بين رأي من يقول بأسطورية داعش او خرافتها ، فان لي رأياً ثالثاً ، فأقول ، ان داعش ليست أسطورة كما انها ليست خرافة ، انما هي حقيقة شاخصة في الارض ، اما من اين لها كل هذه الامكانات التي مكنتها من هذا الانتشار الواسع ، فهذه قصة اخرى ، فداعش ليست وليدة 2014 كما يعتقد البعض ، بل ان جذورها تعود لعقود سابقة منذ ايام الصراع الاميركي – السوفيتي ونشوء حركة طالبان بدعم اميركي في افغانستان بعد احتلالها من قبل الجيش الاحمر (1979-1989) ، وكان تنظيم طالبان مدعوما من دول اخرى عدا الولايات المتحدة الاميركية بعضها عربية .. ثم استمر التنظيم بالتنامي مستغلا طبيعة افغانستان والدول المجاورة لها حتى عام 2000 عندما جرى تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك لتوجه واشنطن التهمة لحركة طالبان وزعيمها اسامة بن لادن الذي قتلته قوات المارينز الاميركية عام 2011 وألقت جثته في البحر في ظروف مازالت غامضة حتى الان !! .. وهكذا ، وبفضل تنظيم طالبان تمكنت واشنطن من رسم خارطة جديدة ليس للشرق الاوسط حسب ، انما للعالم اجمع ، وباتت مفاتيح اللعبة كلها في خزانة البيت الابيض ! .. ومن هنا يمكن القول ، ان داعش وقبلها القاعدة ومشتقاتها ، هي عبارة عن عصابات محترفة ، نمت وترعرعت في دهاليز المخابرات الغربية والأميركية لتكون سيفا مسلطا على رقاب دول منطقة المياه الدافئة ذات الثروات الهائلة التي يسيل لها اللعاب ،.. وحقيقة الامر ان واشنطن لم تكن تفكر في الاجهاز على داعش من دون تهيئة البديل ، ولكنها فوجئت بارادة العراقيين الذين تمكنوا من تفكيك داعش تفكيكا يبدو نهائيا ، ولهذا جاءت البدائل الاميركية مرتبكة وغير مكتملة في محاولة لملء الفراغ ، ولكن ايضا تمكن العراقيون بحكمتهم ورجاحة عقلهم من افشال البديل الفاشل اصلا وهو (الانفصال البارزاني) ، .. ولهذا فإننا نحتفل اليوم احتفالا مزدوجا بعد ان تمكنا من افشال مشروعين كبيرين خطيرين كان يراد منهما تمزيق العراق وإشعال النيران في احشائه ، ولكن الله سلم بفضل ايمان العراقيين بوطنهم ، كما آمن الخليل ابراهيم (ع) بربه والعراق فجعل الله تلك النيران العظيمة التي جاء بها النمرود الجبار بردا وسلاما على ابراهيم.
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة