مجلة «باليت».. شكل ومضمون جمالي مختلف

ليس جديدا على رابطة المصارف الخاصة المعروفة احتضانها، ورعايتها، ودعمها لكثير من المبادرات المجتمعية، التي تتكامل مع توجهاتها الاساسية في قيادة وتسيير شؤون القطاع المصرفي الخاص، بإشراف مباشر من البنك المركزي العراقي.
ومن جملة المبادرات تلك، مبادرة (ألق بغداد) بكل محاورها المتعددة وغيرها من المبادرات التي كأن آخرها الدخول كشريك أساسي في مبادرة (دعم الدراما العراقية)، فكان لزاما عليها أن تقوم وفقا لمسؤوليتها المجتمعية، التي باتت من المعايير الاساسية التي وضعها البنك المركزي العراقي، لتقويم عطاء وعمل المصارف كافة، بتنفيذ أحد أهم مباديء برنامج عملها المتمثل «بالتعاون مع المشاريع الثقافية والفنية العراقية الهادفة».
ومن هنا جاءت عملية دعم ورعاية رابطة المصارف الخاصة إصدار واحدا من أهم الاصدارات التشكيلية المتخصصة في العراق، والعالم العربي، وهي مجلة (باليت).
شكلت المجلة منذ صدورها منعطفا مهما في مسار العملية التشكيلية الإبداعية، بما أسست له من اسلوب متحضر في نشر الوعي الثقافي، والفني، والفكري، والجمالي لعطاءات مبدعي التشكيل العراقي، بقيادة مؤسسها ورئيس تحريرها الفنان التشكيلي المبدع ناصر الربيعي، الذي كان ومازال وراء انطلاقة ونجاح وديمومة استمرار صدور هذه المجلة، التي جاء عددها الاخير مختلفا، من حيث التصميم، والتنفيذ، وحتى نوعية الورق، ايمانا منه برسالة الفن، ودوره في بناء واشاعة قيم الجمال، فاختارت لغلاف عددها الـ(41) نصب اللاعنف المقترح من قبل النحات العراقي نجم القيسي، كثيمة أساسية ذات دلالات انسانية وفنية.
جاءت الافتتاحية لرئيس التحرير الفنان الربيعي بعنوان (الاستلاب الثقافي وموقف الفنان الملتزم) عالج فيها اهمية الفن في حياتنا، وضرورة التخلص من الاستلاب الثقافي، عبر تبلور موقف واضح، وملتزم، للفنان العراقي في هذه المرحلة، حيث يتحتم عليه كسر حاجز الخوف والصمت، من أجل هزيمة التلوث الجمالي والفكري السائد، ليتوقف عند تجربة نحتية موحية ومعبرة ودالة للنحات العراقي، معتصم الكبيسي التي كانت مثالاً لهذا الموقف الملتزم.
واذ كان الغلاف الاول للعدد الـ(41) قد اتخذ من نصب اللاعنف المقترح من قبل النحات العراقي نجم القيسي، كثيمة أساسية ذات دلالات انسانية وفنية، وتناوله الناقد حسن عبد الحميد في مقالته النقدية معالجة وتحليلاً، فإن الغلاف الثاني قد احتفى بأحد الفنانين الشباب الواعدين، كإنموذج لجيل فني مبدع مقبل، تبرزه معارض جمعية التشكيليين العراقيين المستمرة، كجائزة عشتار السنوية، حيث تناول علي ابراهيم الدليمي المعرض باسهاب شامل، مؤكدا نشوة الابداع الشبابي كونه سر ديمومة التشكيل العراقي.
في باب (من أفق آخر) نقرأ للناقد الكبير ماجد السامرائي ما كتبه عن المصور العراقي وضاح فارس، الذي استعاد مدينة (بيروت) في معرض فيه بعدين: البعد المتحقق فناً في لوحات وتخطيطات، والبعد الاخر المتحقق من خلال الصورة الفوتوغرافية التوثيقية، فضلا عن مقالة لـ د. عاصم فرمان عن منجز الفنان ستار لقمان الاخير (همسات الافق)، وحوار عميق لشارا رشيد مع الفنان يحيى الشيخ وخروجه الى الذات.
فيما كتب خضير الزيدي دراسة مهمة عن معارض النحات علوان العلوان في عمان، وما فيه من خفايا مشفرة، ودلالات معلنة تهتم بطاقة الحركة الطاغية، ونزعات التكوين الرمزي، وكان للمعرض السنوي 43 لجمعية المصورين العراقيين حيزاً خاصاً، لتميزه هذا العام بما انطوى عليه من مشاركة نوعية فاعلة وبارزة، عبر عديد الصور الفوتوغرافية، ذات المحاور الجمالية المتعددة، التي دارت في عوالم الدهشة والابهار.
الفن التشكيلي العربي كان حاضراً أيضا، عبر تسليط الضوء على الفنان السوري عادل داوود برؤية وقلم عدنان الأحمد، ناهيك عن تقرير موسع عن الملتقى الدولي لبيت الزبير للفن التشكيلي بمسقط، كما احتوى العدد قراءة خاصة لمعرض الفنان العراقي حسين مطشر (مخبؤات)، بقلم د.بلاسم محمد، واخرى عن الفنان الكردي وهبي رسول، بقلم د.نبز عبد اللطيف، وعرض قحطان الامين (أنا من هناك) في تورنتو، وشهادة كريم رسن بحقه، ومعرضي الفنان نبيل علي (قوارب ورقية) في القاهرة، و(للانثى حديث وموسيقى) في عمان.
وقد خص حارث مثنى المجلة بمشاهداته عن معرض (نافذة للحياة) في روما، اضافة الى هدية العدد التي كانت لوحة (المس بيل) للفنان محمود فهمي، من دون ان ننسى ابواب العدد الاخرى من هذه المجلة، التي جاءت هذه المرة بصورة ومضمون جمالي مختلف، بدعم ورعاية رابطة المصارف الخاصة العراقية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة