لا نراهن على هذه الطبقة الحاكمة، وهي تحاول فرض قانون يتناسب مع مصالحها
بغداد ـ حذام يوسف:
بعد لقاءات عديدة بين القوى الوطنية الديمقراطية، وتحضيرات استمرت لأسابيع طويلة، وحوارات لم تنقطع حول الازمة العامة، التي يمر بها البلد، عقدت القوى الديمقراطية، مؤتمرها العام تحت شعار(الديمقراطية والمدنية صمام الأمان لمستقبل العراق الزاهر)، وبحضور عدد كبير من الشخصيات المدنية والمثقفة، الداعية لإقامة دولة مدنية حقيقية، رافضة لكل اشكال المحاصصة، وقد اكدوا في بيان لهم، على ان أبواب المؤتمر ستبقى مفتوحة لإجراء الاتصالات مع القوى السياسية الوطنية، ذات المنطلقات الفكرية المتنوعة، ومع الشخصيات الساعية الى التغيير نحو عراق مدني آمن ومستقر، والتي تلتزم الديمقراطية والعمل من أجل دولة المواطنة.
في اتصال لنا مع الأستاذ وثاب السعدي رئيس تحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، أوضح بعد سؤاله عن تأثير هذا المؤتمر على تقويم مسار العملية السياسية، وكلنا ندرك مدى القلق، وانعدام الاستقرار داخل هذه المنظومة، فتحدث قائلا حول هذا الموضوع:” نعتقد ان لملمة الوسط الديمقراطي، والقوى الديمقراطية والمدنية، سيساهم في تغيير الخارطة السياسية، ونعتقد ان إدارة الدولة ستختلف جذريا عن الإدارة الحالية، والتي تقوم على دولة مؤسسات تقود الدولة بدلا من الأحزاب والعوائل والمحصصة التي أوصلت البلد الى هذا المنحدر”.
وفي سؤال حول الالية التي يمكن لتحالف القوى الديمقراطية المدنية ان يساهم في القضاء على الفساد والمفدسين، او على الأقل الحد من هذه الافة، وان يقول للمفسدين كفى؟، أجاب الأستاذ وثاب قائلا:” نحن نقول دائما لا فساد، لا محاصصة، لا طائفية، هذا هو هدفنا ونحن نعتقد جازمين في القضاء، والحد من الفساد عن طريق العمل الجماهيري، وعن طريق التظاهرات، ونحن نطالب بمحاسبة جميع المقصرين والفاسدين، وسحب جميع الأموال منهم”.
ويواصل الأستاذ وثاب حديثه ويقول مجيبا على سؤالنا له: الى أي مدى هناك ثقة بعمل القوى الديمقراطية على اصلاح المنظومة الانتخابية؟:” نحن تقدمنا بمشروع واضح لإصلاح المنظومة الانتخابية، ولكننا لا نراهن على هذه الطبقة الحاكمة، وهي تحاول فرض قانون يتناسب مع مصالحها لتجديد نفسها، ولكن اذا كانت القوى الديمقراطية موحدة ووساعة التأثير اعتقد بإمكاننا التأثير بشكل كبير في سير العملية الانتخابية بشكل منظم وصحيح..”.
وعن البدائل التي يفترض توفرها لدى القوى الديمقراطية فيما لو تم تغيير هذه الحكومة، هل لدى تحالف القوى الديمقراطية المدنية، القدرة لتشكيل حكومة انقاذ وطني؟، تحدث الأستاذ وثاب بوضوح، بأنهم دعوا في بيان لهم قبل شهر الى عقد مؤتمر وطني واسع، لانتخاب حكومة انقاذ وطني ما بعد داعش او ما بعد الاستفتاء، ويؤكد انهم بالمفاوضات والبحث العلمي والسياسي يمكن ان نصل الى بر الامان:” وجدنا ان الحكومة على ما يبدو متمسكة بانقساماتها، نحن اليوم نتحدث عن برنامج سياسي، وبطبيعة الحال، في هذا الوسط الديمقراطي المدني، لابد من وجود شخصيات ثقافية وعلمية، ولكن للأسف تم ابعادهم عن الساحة وفي الانتخابات القادمة، الى الان لم نحدد شخصيات بعينها ممكن ان تكون بديلة للحكومة الحالية.
بيان تحالف القوى الديمقراطيّة المدنيّة (تقدّم )..نحو بناء الدولة المدنيّة الديمقراطيّة
بعد تحضيرات واسعة تخللتها اجتماعات عديدة، ومشاورات واسعة، بحثت فيها الازمة العامة المطبقة على العراق جراء نهج المحاصصة الطائفية والإثنية، والصراع المستمر بين المتنفذين على السلطة، بما تعنيه لهم من مال ونفوذ، على حساب ضمان الامان العام وتوفير الخدمات .
التأمت قوى مدنية وشخصيات ديمقراطية في هذا المؤتمر تحت شعار(الديمقراطية والمدنية صمام الامان لمستقبل العراق الزاهر ) بعد ان توقفت هذه الاعمال التحضيرية امام جملة من القضايا المتعلقة بالخروج من الازمة بما يؤمّن الاستقرار والبناء والإعمار والتنمية المستدامة والعيش الكريم وبتشكيل إطار سياسي يتسع للأحزاب والتنظيمات والشخصيات المدنية المستقلة، ويضم ألوان التيار المدني الديمقراطي واتجاهاته وفق مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، دولة المؤسسات الدستورية والرفاه والعدالة الاجتماعية.
يحيّي المؤتمر قواتنا العسكرية بصنوفها وتشكيلاتها كافة، ويشيد بمواقفها المنضبطة من اجل وحدة العراق وفي التعامل مع المدنيين، ويؤكد ضرورة بنائها على أساس الانتماء الوطني والعقيدة المهنية ومبدأ المواطنة، وعلى حصر السلاح بيد الدولة. ويقف إجلالا للتضحيات الجسيمة التي قدمت في سبيل تحرير محافظات العراق من سيطرة داعش. واستكمالاً للانتصار النهائي على الارهاب ولدحره، تتوجب معالجة اسباب ما حصل ونال من هيبة الدولة، يوم 10 حزيران عام 2014, وحفر في الجسد العراقي جروحا عميقة، كان يصعب تجاوزها، لولا استنهاض الشعب العراقي وقواه الوطنية بروحه المعنوية الجبارة وتحويلها الى قوة مادية ألحقت الهزيمة العسكرية بالإرهاب. وهنا نؤكد ان الانتصار النهائي على الارهاب لا يتحقق بالانتصار العسكري فقط، انما عبر جملة من الاجراءات بضمنها الإصلاح الاقتصادي وتوفير الخدمات وتأمين عودة كريمة للنازحين ، وتعويض المتضررين، كما ان المعركة ضد الإرهاب لا تنفصل إطلاقا عن المعركة من اجل توطيد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان واستئصال الفساد بالوسائل القانونية، وملاحقة الفاسدين ولا سيما كبارهم وإحالتهم الى القضاء، والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب.
من جانب آخر يوجه المؤتمر تحية الى حركة الاحتجاج السلمية المطالبة بإصلاح النظام وتخليصه من المحاصصة والفساد، خاصة وانها ركزت مطلبها باصلاح المنظومة الانتخابية من اجل تشريع قانون عادل ومنصف للانتخابات وضمان ادارة انتخابية مستقلة نزيهة كفوءة عادلة ومسؤولة، بعيدا عن المحاصصة لا تخضع لإرادة المتنفذين.
وقد توقف المؤتمر عند الوضع السياسي في البلاد الذي يشهد استمرار وتعمق الأزمة العامة ، كأزمة حكم وحكومة، وأزمة علاقات، وأزمة ثقة متبادلة بين القوى السياسية المتنفذة. فيما اخذ مسار الأحداث وتداعياتها منحى يثير قلقاً متنامياً لا داخل العراق فحسب وانما على الصعد الإقليمية والدولية أيضا. حيث تسارعت وتيرة انتاج وافتعال الأزمات، وآخرها أزمة الاستفتاء التي اخذت منحى خطيراً هدد الوحدة الوطنية والسلم المجتمعي، وذلك بعد ان اصرت سلطة حكومة الاقليم على إجراء الاستفتاء من طرف واحد رغم المطالبات الخارجية والداخلية، الرسمية والشعبية، بالعدول عنه، وما نجم عن ذلك من تداعيات. ويتحمل رموز المحاصصة مسؤولية صنع هذه الازمات وتدويرها منذ ان قسموا الشعب العراقي على وفق المكونات (الشيعة والسنة والكرد) وكرسوا المحاصصة في ادارة السلطة والدولة، الامر الذي أمّن لهم المكاسب والمنافع الشخصية والحزبية الضيقة واشاعة الفساد، على حساب معيشة المواطنين العراقيين كافة بمن فيهم مواطنو الاقليم.
وترى القوى المدنية والديمقراطية المعارضة لنهج المحاصصة، ان ازمة الاستفتاء وتداعياته ليست اول ولا آخر ازمة تهز النظام السياسي، وتأتي كجرس انذار يؤشر فشل النظام السياسي في بناء دولة مدنية ديمقراطية، دولة مواطنة وعدالة اجتماعية. ذلك ان نهج المحاصصة يفضي الى ازمات اخطر، إن لم يتحقق نظام سياسي مدني ديمقراطي مستقر يوفر الامن والانصاف للجميع.
عليه يدعو المؤتمر الى اعتماد الحوار تحت سقف الدستور وسيلة لحل الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وتجنب التصعيد، والحذر من دعوات الارتداد عما جاء به بشأن البناء الاتحادي للدولة..
إن تداعيات الأزمة فضحت فكر المتنفذين. فبعد تراجع الخطاب الطائفي وتقلص مساحته، بفعل نجاح خطاب التيار المدني الذي شدد على المواطنة كأساس لا مناص منه لبناء الدولة التي تحفظ حقوق الجميع ، اثبت الحال ان الفكر الشوفيني والاستعلاء القومي، وضيق الافق والفكرالطائفي والتعصب المذهبي والقومي هو سلاح المتنفذين في الصراع المتبادل والذي لم يستغنوا عنه حتى هذه اللحظة لصالح الفكر المدني الديمقراطي الذي يروج للمواطنة.
إن للازمة صلة وثيقة بطبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والإثنية، وهو ما يجعل القوى المتنفذه عاجزة عن ايجاد الحلول لمشاكل البلاد المتفاقمة، ومواجهة تحديات توفير الأمن والاستقرار الراسخين، وحماية وتعزيز السيادة الوطنية، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، ومكافحة الفساد الاداري والمالي والقضاء على جذوره وعوامل اعادة انتاجه، وبناء اقتصاد وطني متطور ذي قاعدة انتاجية متنوعة.
إن معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، والنفقات المالية الكبيرة لإدامة المعركة ضد الإرهاب، لا ينبغي ان تتم على حساب القطاعات الجماهيرية والفئات الاجتماعية من ذوي الدخل المنخفض والمحدود، مما يتطلب تجنب الإجراءات الماسة بمصالحهم، والبحث عن بدائل متوفرة أخرى لمعالجة الأزمة. ومن المهم العمل على تقليص الطابع الريعي والمتخلف والاحادي الجانب للاقتصاد العراقي، الذي ادى الى نشوء شرائح فاحشة الثراء من كبار التجار والسماسرة الطفيليين والمقاولين، ذوي الصلات والوشائج المشبوهه مع كبار المتنفذين.
لقد بينت التجربة الملموسة ان أزمات العراق لن تنتهي إلا بإعادة بناء العملية السياسية، عبر إحداث تغيير في اساسها الجهوي الضيق قومياً وطائفياً، وتنفيذ برنامج واقعي يمس حاجات ومصالح المواطنين, وتحقيق العدالة في توزيع الموارد وفي استخدام الثروة النفطية. الى جانب العمل على اعادة بناء عملية التحول الديمقراطي، واقامة مؤسساتها وفق المعايير الوطنية وبما يحقق تطبيق مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء، والفصل بين السلطات، وإلغاء التشريعات السالبة للحريات المدنية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي شرعت في الحقبة الدكتاتورية، والمباشرة بمصالحة وطنية مجتمعية، ووضع حد حاسم وشامل للفساد والمفسدين، وملاحقة السراق والمزورين قضائيا،واستعادة الاموال التي استولوا عليها. إننا اذ ننهض بمسؤولية تشكيل تحالفنا الديمقراطي المدني “تقدم” كخطوة اولى نراهن على قدرتنا جميعا في انطلاق تيار مدني ديمقراطي واسع يضم جميع أنصار الدولة المدنية الديمقراطية. وفي حين اسهم في التحضير لهذا المؤتمر عدد من الاحزاب والشخصيات، ويشارك فيه اليوم هذا الطيف الواسع من القوى والشخصيات المدنية، فان الجهد والعمل المنظمين سيتواصلان لاستقطاب القوى المدنية التي لم تستطع الحضور والمشاركة في المؤتمر. وسيبقى هذا الاطار مفتوحا لكل من يجد في المشروع المدني الديمقراطي خيارا لا بد منه لبناء الدولة المدنية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية والمؤسسات الدستورية.
ويؤكد المؤتمر ان أبوابه ستبقى مشرعة مفتوحة لإجراء الاتصالات مع القوى السياسية الوطنية ذات المنطلقات الفكرية المتنوعة، ومع الشخصيات الساعية الى التغيير نحو عراق مدني آمن ومستقر، والتي تلتزم الديمقراطية والعمل من اجل دولة المواطنة.
مؤتمر التحالف الديمقراطي المدني (تقدم )