بغداد ـ الصباح الجديد:
عالمهم عالم غريب ارتبط في أذهاننا بما قدمته أفلام الكرتون (الأميرة والأقزام السبعة) كمثال، أو ما جسّدوه هم على المسرح من أدوار كوميدية جعلتهم موضع سخرية، هؤلاء «الأقزام» أبطال الأساطير والمخلوقات التي غالبا ما نقرأ عن امتلاكها قوى سحرية، لهم وجه آخر يدعو إلى الرثاء والتعاطف فليست هذه حقيقتهم وإنما هم بشر مثلنا أسوياء ولهم مشاعر وعواطف إنسانية جياشة تجعلهم أكثر حساسية منا.
وما نظرة المجتمع إليهم والتي غالبا ما تكون نظرة دونية وفيها من الهزء والاحتقار ما فيها فتسبب لهم الكثير من الحرج وتجعلهم يبتعدون عن الناس ويتركون المدرسة مبكرا، وفضلا عن مشاكلهم النفسية بسبب الشعور بالنقص فإن لهم مشاكل اجتماعية أخرى أبسطها الفشل في محاولتهم إيجاد عمل يتناسب وقدراتهم الجسمانية وأطوالهم التي تؤهلهم لأداء أعمال بسيطة.
وعلى الرغم من أن هناك قوانين دستورية تحسبهم على ذوي الاحتياجات الخاصة وتوصي بتوظيفهم في دوائر الدولة إلا أن تلك القوانين تبقى «حبرا على ورق».
المطالبة بمقعد برلماني
يقول الموسوعي رافد الخزاعي اختصاص الأمراض القلبية والصدرية والباطنية لـ»العربية نت»: «هناك معايير طبية تحدد صنف الأقزام من بين ذوي القامات القصيرة الذين لم يصل طولهم إلى درجة تسمى بالانحراف النموذجي».
أما تعريف التقزّم لدى شخص ما فهو الطول الذي يقل عن متوسط طول أقرانه المساوين له بالعمر والجنس، والشروط البيئية، والنفسية ذاتها وعلميا هو أقل من131 سم للذكور و124سم للإناث، وبعيدا عن هذه المقاسات فهم قادرون على عيش حياة طبيعية من تعلّم وعمل وزواج.
أول مرشح للبرلمان
ويتحدث أستاذ علم النفس الاجتماعي في الجامعة المستنصرية محمود شمال حسن قائلاً: «الصورة الجسدية أو مفهوم الذات الجسدي له الأثر الكبير في تشكيل شخصية الفرد، فإذا كانت الصورة الجسدية تتسم بالجمال والطبيعية تجده متفائلا واثقا ولديه قدرة على التعامل مع الآخرين، قادر على المواجهة والمشاركة في النشاطات الاجتماعية المختلفة». مضيفا لـ»العربية.نت»، «وعلى الضد من هذا يشعر الآخر بنفسه غير مقبول وعادة يتعرض الى مشاعر نفسية سلبية كاره لوضعه الجسدي في عملية التفاعلات الاجتماعية، ومما يزيد الأمر تعقيدا أن الأعمال الدرامية تقدمه وجماعته على أنهم لصوص أو مهرجون وعندما يشاهدها يصبح تحت ضغط نفسي مضاعف».
زواج قصار القامة
وأوضح محمد عيدان جبار رئيس جمعية قصير العراقية، أنه لا توجد إحصائية رسمية في العراق لشريحة قصيري القامة لأسباب تتعلق بعدم اهتمام الدولة أو مؤسساتها بنا ولكن يمكن تقديرهم بأكثر من ثمانية آلاف قصيرة وقصير.
ويعد عيدان أقصر عراقي يرشح نفسه للانتخابات البرلمانية، حيث ترشح بعد أن خذلت وعود البرلمانيين شريحته من قصيري القامة.
وعن سبب ترشحه قال جبار: «ترشحت لأطالب بتوفير وظائف ومعاش وتأمين صحي وضمان اجتماعي، والأهم هو الاعتراف بحقوق المواطنة للقزم أو قصير القامة والتأكيد على رفع الوعي لتقبّله في المجتمع حاله حال أقرانه المواطنين الآخرين».
مسابقة للجمال
ولم يكن محمد عيدان هو أول قصير يطمح بالوصول الى البرلمان؛ فقد طالب قصار القامة في كردستان العراق بأن يخصص لهم مقعد في برلمان الإقليم حالهم حال الأقليات الإثنية أو»الكوتا».
واللافت أن قصار القامة في العراق لا يستسلمون بسهولة الى اليأس أو الإحباط ولعل مسابقة «ملكة جمال قصار القامة» التي أقيمت في دهوك واشتراك العديد فيها ما يدل على روح التحدّي ومحاولة إثبات الوجود.