بون ـ جاسم محمد:
اثارت سياسة المستشارة الالمانية ميركل حول اللاجئين الكثير من الجدل داخل الاوساط السياسية الالمانية وكذلك الاوروبية، وخلقت الكثير من الخلافات، وربما كانت سياسة الابواب المفتوحة باستقبال اللاجئين التي اعتمدتها ميركل عام 2015 وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، الى جانب الانقسامات داخل الاتحاد مابين الكتلة الشرقية والغربية.
كانت وماتزال مشكلة اللاجئين واعادة توزيعهم من جديد داخل دول الاتحاد موضع جدل، تهدد تماسك هذا الاتحاد بعد رفض الكتلة الشرقية: فيسغراد» التي تضم ( المجر وبولندا وجمهورية تشيخيا وسلوفاكيا) استقبال اللاجئين وفق قرار بروكسل، الى حد رفضها الى قرار المحكمة الاوروبية. هذه التطورات تعكس ضعف الاتحاد والانقسام على نفسه.
وافق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل عقب مفاوضات مع حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي يوم 9 اكتوبر 2017 بالسعي للوصول إلى عدد محدد للاجئين إلى ألمانيا، كما يسمح الاتفاق باعتماد قانون هجرة والحد من لم الشمل لأصحاب الحماية الثانوية. الاتفاق يشمل ايجاد مراكز خاصة يقيم فيها اللاجئون تسمى مراكز «القرار والترحيل» الى ان يتم البت بطلبات اللجوء او الترحيل، الى جانب تعليق العمل بلم الشمل.
ميركل ترضخ لضغوطات
الحزب البافاري
وافق حزب المستشارة الألمانية ميركل «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» وحزب «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» بقيادة هورست زيهوفر، واللذين يشكلان التحالف المسيحي، إلى اتفاق في الخلاف بينهما على مسألة وضع حد أقصى لعدد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، يوم 9 اكتوبر 2017 بحيث لا يتعدى 200 ألف لاجئ سنوي. كما يسمح الاتفاق باعتماد قانون هجرة والحد من لم الشمل لأصحاب الحماية الثانوية. وبهذا الاتفاق يكون حزبا التحالف المسيحي قد توصلا إلى نهج مشترك للدخول في مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي جديد في ألمانيا مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، المعروف بالليبرالي.
يذكر بان المستشارة الالمانية، كانت دوما ترفض الى وضع حد أقصى لعدد اللاجئين الذين تستقبلهم البلاد سنوياً، وفي مقابلة مع القناة الأولى في التلفزيون الألماني “ايه ار دي”، قالت ميركل: “فيما يتعلق بالحد الأقصى للاجئين، موقفي واضح : لن أقبل به”.
الاتفاق مابين ميركل والحزب البافاري، يعتبر تراجع جديد في سياسة ميركل تجاه اللاجئين، بعد ارتداد سياسة» الابواب المفتوحة»، والشيء المهم في هذا الاتفاق، انه جاء في اعقاب فوزها في الانتخابات العامة التي جرت يوم 24 سبتمبر 2017، وخلال مرحلة تشكيل ائئتلاف جديد للحكومة المقبلة.
غالبية الالمان تطالب بوضع حد اقصى الى اللاجئين
تدعم أغلبية الألمان الدعوات المطالبة بوضع حد أقصى لعدد اللاجئين الذين يدخلون البلاد كل عام، وهي القضية التي انقسم بشأنها التكتل السياسي المحافظ الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل.
وخلص استطلاع للرأي أجراه معهد «تي إن إس إمنيد « يوم 16 سبتمبر 2017 لصالح مجلة فوكوس إلى أن 60 بالمئة يؤيدون فرض حد أقصى للمهاجرين، على عكس ما تراه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي ترفض وضع حد أقصى لأعداد اللاجئين.
تزايد عدد المقيمين في المانيا
وصل عدد المقيمين في ألمانيا وينحدرون من أصول مهاجرة إلى رقم قياسي فيعام 2015 ، حيث بلغت نسبة من ترجع أصولهم إلى دول أخرى في البلاد إلى 20 بالمئة. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي (ديستاتيس) يوم (16 سبتمبر2016 بأن إجمالي 1ر17 مليون شخص من أصول مهاجرة أقاموا في ألمانيا في 2015 ، وذلك بزيادة 4ر4 بالمئة مقارنة بعام .2014 ومع ذلك، لم تتضمن البيانات الأخيرة معظم المليون لاجئ الذين وصلوا إلى ألمانياعام 2015. وأن الأشخاص الذي تعود جذورهم إلى أصول مهاجرة يمثلون نسبة 21 بالمئة من إجمالي تعداد السكان الذي بلغ أكثر من 82 مليون نسمة بقليل
ان موافقة المستشارة ميركل على هذا الاتفاق يعكس مايلي:
ـ ان موقف ميركل مازال ضعيفا رغم فوزها في الانتخابات العامة، وانها تقع تحت ضغوط بقية الاحزاب الصغيرة، مثل الحزب البافاري التؤم وبقية الاحزاب اما رفض الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالدخول باي ائئتلاف قادم والبقاء في مقععد المعارضة.
ـ اتجاه سياسة ميركل، نحو اليمين، امام صعود حزب البديل من اجل المانيا الى البرلمان، كون بات متوقعا ان ينشط هذا الحزب اليميني داخل البندستاغ الالماني، ليشكل معارضة قوية ضد سياسة ميركل وربما يصل الى حد محاكمة سياسات ميركل حول اللاجئين امام المحكمة الدستورية، وهذا ما توعد به حزب البديل.
ومن المتوقع ان تتخذ الحكومة القادمة جديدة حول اللاجئين اهمها:
ـ فرض حزم جديدة من القوانين والاجراءات ضد الجاليات المسلمة واللاجئين والمهاجرين، يصل الى تجاوز الحكومة الالمانية الى خصوصيات وحريات وممارسة الجاليات المسلمة طقوسها وانشطتها داخل المراكز والجمعيات الاسلامية.
ـ تسريع ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم، خاصة دول شمال افريقيا.
ـ حرص الحكومة الالمانية الجديدة جهود واسعة لايجاد اتفاقات مع دول شمال افريقيا ودول غرب افريقيا،للحد من الهجرة.
ـ بذل الائئتلاف الحاكم الجديد جهود مكثفة لايجاد خيار سياسي في المنطقة خاصة في سوريا والعراق.
ـ ان الائئتلاف الحاكم القادم في المانيا ربما لايكتب له النجاح باكمال فترة الاربع سنوات المقررة، بسبب الخلافات داخل هذا الائئتلاف، مع احتمالات تصاعد شعبية الحزب الاشتراكي المعارض، الذي سيركز على توجيه الانتقادات الى الحكومة القادمة.
* باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات