قناة العراق البحرية.. رسالة مفتوحة الى السيد وزير الموارد المائية

عادل عبد المهدي
وزير النفط السابق
تتراجع كميات المياه الواردة الينا، وكذلك معدلات الامطار. الدول الاخرى تزداد استثماراتها على المياه، اما نحن فنزداد تخلفاً، سواء بخزن المياه، او طرق الري البالية، او الاستخدامات الصناعية الضارة، او استخدام الانهار كمجاري للنفايات والملوثات، وازدياد الملوحة بسبب عدم كفاية اعمال الكري وازدياد ملوحة الارض، وهذه كلها تحتاج لمعالجات جدية. اعيد فقرات من افتتاحية كتبتها بعنوان «قناة العراق البحرية.. البحر وسط الصحراء» في 31/9/2015، كجزء من استراتيجية توفير المياه الحلوة والمالحة، للتذكير باهمية الموضوع:
[«ارتبطت بغداد بالخليج والبحار الكبرى، كما صممها «المنصور» لتأتيها المؤن من كل مكان ولتحميها المياه عند الشدائد.. وكانت منطقة «الشريعة»، كما يدل عليها اسمها، مرفأ بغداد الاساس، وفيها مرافىء تعرف باسماء شتى البلدان للسفن القادمة من عُمان والهند والبحرين ومسقط وايران والصين.. فالارتباط بين الخليج واعالي الانهار ليس بجديد، بل استخدم البريطانيون الانهار لغزو العراق عند احتلاله.
«قناة بغداد البحرية» فكرة نطرحها لفتح النقاش الجاد للمختصين.. انها حلم سينبري كثيرون لتسفيهه عن حق او باطل.. لكن الحلم هو جزء من ضغط الوعي على اللاوعي.. والامثلة كثيرة لمشاريع بدت وقتها مستحيلة، لكنها صارت انجازاً وحقيقة. فشقت قناة السويس بالفؤوس والمعاول بازاحة 74 مليون متر مكعب من الرمال، وافتتحت في 1869 بطول 193 كم، وعرض 190-225 متراً وغاطس 19-24 متراً، لتربط المتوسط بالاحمر.. ومؤخراً افتتح الرئيس «السيسي» فرعاً جديداً للقناة بطول 72 كم بغاطس 21.5م بكلفة 4 مليارات دولار، سُددت بالاكتتاب المحلي والدولي. وهناك افكار مطروحة في المنطقة والسعودية بالذات لحفر «قناة طه» تربط الخليج بالبحر الاحمر، طولها 1300 كيلومتراً، وبكلفة 50-80 مليار دولار.
يمكن للقناة ان ترتبط بالمياه العميقة في الخليج لتصعد باتجاه البصرة وتقطع الصحراء الجنوبية وتمر بذي قار والمثنى والقادسية والنجف والانبار.. فالارض رملية ومنبسطة.. وهذه الاعماق قد لا تهدد المياه الجوفية.. فيساهم المشروع بالتخفيف من درجات الحرارة وزيادة الرطوبة والامطار وتقليل الغبار، واحياء لاراضي ومشاريع زراعية وصناعية تحتاج كلها الى المياه والتي ستزداد شحتها مستقبلاً.. ويضع المشروع الكثير من مدن العراق الاساسية بارتباط مباشر بالبحر لاغراض النقل والتجارة والسياحة موفراً للعراق ارصفة وموانئ عملاقة.. اضافة لتوفير ثروة سمكية هائلة.. كما ويساعد المشروع القطاع النفطي سواء للتصدير والاستيراد او للاستفادة من مياه البحر.. وللمشروع فوائد امنية، وسياسية بزيادة اللحمة بين مناطق البلاد.»ٍ] تبعد بغداد عن شمال الخليج والمياه العميقة 500-550كم، وترتفع عن سطح البحر 32م، وترتفع البصرة 5م تقريباً.. وان عمق الغاطس لميناء «مبارك» الكويتي هو 14.5م.. ولقد شق النظام السابق النهر الثالث من شمال بغداد الى الجنوب، برغم الحصار والعقوبات.. وبرغم الفارق بين المشروعين في تفاصيل كثيرة، لكنه يبقى مثالاً لامكانية شق القناة بامكانيات عراقية اساساً، حسب راي المهندسين الذين شاورتهم.. فالعراق غني بحجر الاسمنت ولديه الكثير من معامله.. ويمتلك المسوحات وكامل الحفارات والمعدات والخبرات تقريباً، لانجاز المشروع بمراحل، بما في ذلك انشاء محطات رفع المياه هيدروليكياً. وبرغم ان ملوحة مياه البحر هي 35 الف ppm، لكن المعلومات تشير ان ملوحة مياه شمال الخليج هي ثلث هذه المعدلات تقريباً. وعليه فان اعادة سحبها وضخها في قناة بحرية هو بمنزلةة استعادة المياه التي تذهب هدراً في الخليج. وهي مياه يمكن تحليتها كما تفعل الكثير من الدول، اضافة للاستخدامات والفوائد الكثيرة الاخرى، ومنها احتمال خفض الحرارة وزيادة سقوط الامطار.
اخي سيادة الوزير.. اتذكر، ان لم اكن مخطئاً، انكم ذكرتم بان شق القناة امر ممكن، وذكرتم لي يوماً ان العراق سيحتاج عاجلاً ام اجلا اللجوء الى تحلية مياه البحر كجزء من استراتيجية المياه، والقناة ستساعد على ذلك اضافة للفوائد الاخرى. انني واثق من جديتكم واخلاصكم وعلمكم. لهذا اخاطبكم مباشرة. والله المسدد.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة