بغداد – أحلام يوسف:
مصطفى ماهر، شاب طموح، وشجاع من قضاء المدائن، تعرض خلال مواجهات مسلحة في مدينته، بين افراد الجيش والشرطة مع المسلحين الإرهابيين الى حادث “بتر ساقيه”، وكان حينها طالب في مرحلة المتوسطة، ولم تثنه اصابته عن المواصلة في حياته، فأكمل دراسته في الجامعة المستنصرية/ كلية العلوم السياسية.
لم يستطع ماهر اكمال دراسته العليا، لان القانون يمنح هذا الحق لورثة ضحايا الإرهاب، وليس للضحية نفسها ان كان على قيد الحياة، فهو يعد شهيدا حيا! لكن وبعد الضجة التي كانت اشبه بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد القانون الجائر، تم قبوله فيما بعد.
ومثل معاناة كل المواطنين العراقيين مع الحكومة والمسؤولين، مع الفارق، فقد طرق ماهر أبواب المسؤولين لمساعدته على العلاج خارج العراق، وإمكانية حصوله على أطراف اصطناعية كي يستطيع ممارسة حياته بنحو كامل، لكن، وكالعادة كان الجواب خيبة امل، وبالمصادفة استطاع التواصل مع احدى المنظمات السويدية، وتجاوبوا معه، فقاموا بتحمل نفقات علاجه في كردستان العراق، وحصل على أطراف صناعية، لكن المشكلة انه يجب ان يقوم بتغييرها كل بضع سنوات، فمن سيتكفل بنفقات حصوله على أطراف اصطناعية مستقبلا؟ وهل ان ماهر يؤمن بالمستقبل داخل اسوار الوطن؟
ذكرت إن المسؤولين في الصحة ذكروا إن سبب رفضهم لطلبك بالعلاج خارج العراق، هو أن حالتك لا تتوافق مع الضوابط، فما هي تلك الضوابط؟
لا اعتقد ان أحدا منهم يعرف الشروط والضوابط التي يتم على أساسها القبول أو الرفض، فيما يتعلق بالعلاج خارج العراق، فلا أدري هل ان المسؤولين الذي تم علاجهم على نفقة الدولة، برغم انهم يمتلكون أموال هارون، هل تتوافق حالاتهم مع تلك الضوابط؟ لذلك فانا اليوم أفكر بالهجرة خارج العراق، لأي دولة أوروبية عسى ان احصل على حقي كإنسان لأني كمواطن، يبدو ان المطالبة بحقي بطر.
طالبت وأصررت على دراسة الماجستير، وهذا يعني أن هناك حلماً كنت تسعى الى تحقيقه في العراق وليس خارجه؟
نعم صحيح كنت احلم بالكثير، كنت احلم باني أكمل دراستي العليا، واحصل على شهادة الماجستير، ومن ثم الدكتوراه، وبعدها التدريس الجامعي، لكن بوجود منظمات فساد منظمة، في كل مؤسسات ودوائر الدولة، يبدو ان احلامنا ستتحول الى كوابيس، وهذا ما دفعني انا ومثلي الملايين الى التفكير بالهجرة، ولا تعتقدي ان الهجرة امرا هين على أي أحد، لكنها حل كي لا نفقد ما تبقى لنا من إنسانية، واعتزاز بالنفس.
في حال استطعت تنفيذ حلمك بالهجرة ما الذي تخطط للقيام به هناك؟
لدي خطط كثيرة، لكن أولا سأتعلم لغة البلد الذي سأغادر اليه، فانا اعلم ان اللغة هي أساس حياتك بأي بلد، وقررت ان اتعلمها بوقت قياسي وبطلاقة، الكثير من الدول الغربية أستطيع بها معادلة شهادتي الجامعية، وفي تلك الحالة فان دراسة العلوم السياسية ستفتح لي افاقا متعددة.
هل يراودك خاطر أحياناً أن المواطن العراقي مواطن من الدرجة الثانية؟
ليس خاطرا بل هو يقين، بأن المسؤولين يعدون المواطن العراقي مواطن ليس درجة ثانية، بل ادنى درجة، فهو ليس اكثر من صوت انتخابي يوصلهم الى كراسيهم، اما واجبتهم نحوه، فذلك اصبح منّة من قبلهم.
في هذه اللحظة، ما الحلم الذي يراودك وتتمنى أن يتحقق؟
حلمي في هذا الوقت ان يرجع بلدي الحبيب أفضل مما كان، حيث الأمان، والحرية، والخدمات، والخير، بأفضل ما يمكن ان تكون عليه، وان تفرز الانتخابات المقبلة عن سياسيين مخلصين للعراق وشعبه، وفيما لو كان ذلك مستحيلا، فحلمي هو حصولي على صفة لاجئ في أي دولة تحترم الانسان.