دفاعا عن القضاة

احدث الحكم القضائي الصادر ضد عضو سابق في مجلس النواب، ضجّة على مواقع التواصل الاجتماعي بين ساخر وشاتم للقضاء، وجل الذين تناولوا القضاء بالسخرية من المحسوبين على الثقافة. ما حدث ان قاضيا أصدر حكما ضد شخص، هذا الحكم قد يكون خاطئا، مخالفا للقانون وغير صحيح، وقد يكون موافقا للقانون. وانه ثمة طرائق للطعن فيه، امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية. والجهة التي لها حق الطعن هي النزاهة، اذا كان المحكوم موظفا، ومحكوما بقضايا تخص المال العام، والادعاء العام، يحق له ايضا تمييز القرار، بوصفه الجهة الممثلة للمال العام والقانون. الحكم الذي اثار سخرية الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما قلنا صدر من محكمة جنح ولم يصدر من جميع محاكم العراق، بالتالي، من غير المنطقي ولا الاخلاقي ان يشتم جميع المنتسبين للسلطة القضائية، وان يتهموا بالفساد ومحاباة الحكومة. القرار الخاطئ، المخالف للقانون، لا يطعن به عن طريق الشتم والسخرية، والنيل من شريحة واسعة من المجتمع، بل بسلوك طرائق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات وقانون اصول المحاكمات الجزائية. وبدلا من ان ينشغل الجميع بابتكار الفاظ الشتم والسب، كان بإمكانهم ان يكلفوا محاميا يقدم طلبا الى الادعاء العام لتمييز القرار. لكن الجميع اكتفى بما قيل ويقال ضد القضاة. فما هو ذنب القاضي الذي يمارس عمله محكمة غير المحكمة التي اصدرت القرار؟ هل من المنطقي ان يناله الشتم والسب؟ السلطة القضائية، بجميع مكوناتها حاولت منذ تأسيسها ولحد اليوم ان تكون مثالا للنزاهة والابتعاد عن كل اشكال الفساد، وهذا ما حصل فعلا حيث ان عدد القضاة الذين احيلوا الى لجان الانضباط او تم اعفاؤهم من مناصبهم بسبب الفساد، يكاد يكون معدوما الا في حالات نادرة جدا، مقارنة ببقية السلطات التي يكاد يكون اغلب موظفيها الكبار متهمين بالفساد وهدر المال العام. السلطة القضائية، اعطت الكثير من الشهداء من قضاة وموظفين، مازالت صورهم شاخصة في المناطق العامة، الى جوار شهداء القوات الأمنية، حيث مارس القضاة دورهم في اقسى الظروف واشدها في اعوام الطائفية. وتم تهديد الكثير منهم، لكن لا احد من القضاة رضخ للإرهابيين. اليوم يعانون من ارهاب من نوع خاص، ارهاب ينال سمعتهم ومكانتهم الاجتماعية. فدفاعا عن القضاة، واجب على كل مثقف ورجل قانون، تنوير الناس لا تثويرهم، بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى.. لا يؤخذ قاض بجريرة قاض آخر، وان اصدار الأحكام المخالفة للقانون، أمر وارد وان المشرع فطن لهذه المسألة حين جعل القرارات القضائية خاضعة للطعن.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة